IMLebanon

الحريري يعبر الطريق للسراي…

هل يبصر عرض الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية النور «رسمياً» ام يحرق اوراق الاخير كمرشح من بين الاربعة الكبار على الرقعة المسيحية؟ وهل اندفاعة الحريري تهدف الى انهاء الشغور حرصاً على رأس الدولة ام تحضيراً لعودته الى السراي اثر منفاه الاختياري «لاسباب امنية» كون البعد عن الحلبة اصاب قواعده الشعبية والحزبية، اذا جاز التعبير، والضمور والانحسار لصالح موجات التطرف التكفيري من جهة وانتقال معظمها للتفيؤ تحت عباءة زعامات سنية اخرى؟

الاوساط المواكبة للمجريات ترى ان نجاح عرض الحريري او فشله متوازيان وسط تعميم فريقي 8 و14 آذار المناخات التي تلائم كل فريق من جهته، الا ان القاسم المشترك بين الفريقين، انهما لم يقررا الاندفاع باتجاه المواجهة، لا سيما ان الاصوات التي علت برفض ترشيح فرنجية في 14 اذار، لم تصل الى حدود اعلان المقاطعة، او نسف الجسور بين مكونات هذا الفريق فعلى الرغم من بعض المواقف الحادة في فريق 14اذار تجاه عرض الحريري الا ان هذه المواقف بدت كردة فعل فورية على الصدمة سرعان ما تم احتواؤها، ما خلا موقف رئيس «حزب القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي رفض المسألة جملة وتفصيلاً على خلفية ان يشكل قوة وازنة تضاهي التيار الازرق على الساحة المسيحية، كون المسيحيين المستقلين ذوات احجام معروفة ولا تقاس اطلاقا بما يمثله جعجع والعماد ميشال عون على الحلبة المسيحية، اضافة الى وزن جعجع الاقليمي من باب السعودية التي استقبلته استقبال الرؤساء في زيارته الاخيرة لها وهذا الامر ازعج الحريري ولكنه لم يملك جرأة الاعلان عن ذلك، ما يشير الى ان جعجع متقدم لدى المملكة التي تعوّل على دوره داخل البيت المسيحي.

وتضيف الاوساط انه كما في 14 آذار كذلك في 8 منه، فالجنرال يعتصم بحبل الصمت، وكأنه لم يسمع بالعرض وعلى قاعدة لم يبلغنا احد شيئاً، وعندما نبلغ نبني على الشيء مقتضا. ولكن التوتر بدا واضحاً لدى كوادر وقواعد «التيار الوطني الحرّ»، لا سيما ان الاجتماع الذي حصل في دارة الوزير جبران باسيل في البترون مع فرنجية، جعل الامور تطفو على السطح، وبدا ذلك واضحاً في البيان الاعلامي الذي صدر عن «تيار المردة» اثر اللقاء والذي رأى فيه البرتقاليون انه اتصف بالعنجهية، مستحضرين كلام السيدة سونيا فرنجية منذ سنوات حيال الوزير باسيل والذي اعلن فرنجية آنذاك رفضه جملة وتفصيلاً.

وتشير الاوساط الى ان التجاذبات داخل الفريقين المتخاصمين مرشحة للتوسع اذا لم يحسم الحريري المسألة «رسمياً» كون مسألة الوقت عاملاً منقذاً او قاتلاً في الحالة الراهنة. واذا كان الحريري قد نطق بلسان السعودية، فلماذا لا ينتقل الى اعلان دعمه لفرنجية ليسهّل على الرئيس نبيه برّي ايجاد المخارج والحلول بالتكافل والتضامن مع النائب وليد جنبلاط، ام ان الهدف من رميه «الحصوة» في المستنقع الراكد سياسياً رصد الارتجاجات ليبني على الشيء مقتضاه، كون اطلاق او احياء انجاز الاستحقاق الرئاسي هو الممر الالزامي لعودة الحريري الى السراي الكبير، وهنا بيت القصيد والهدف الحقيقي للعرض بمجمله. فالدولة المقطوعة الرأس منذ سنة ونصف السنة تقريباً واصلت حياتها، وان الاهم يكمن في رئاسة مجلس الوزراء المشلولة نصفياً، وان انجاز الاستحقاق الرئاسي يبقى المدخل الطبيعي لعودة الحريري الى الحكم وهذا المطلوب سعودياً سواء انتخب فرنجية او تم التوافق على مرشح آخر، وكل الموارنة مرشحون ولادياً. ويبدو وفق المراقبين ان ترشيح الحريري «جدي» لفرنجية ويبقى في خانة صدر البيت الشعري لعمر بن ابي ربيعة «ان جئت فامنح طرف عينيك غيرنا…».

وفي المحصلة ان رمية الحريري اصابت في العمق فريقي النزاع، وان المسايرة داخل الفريق الواحد او بين الفريقين انتهى عهدها، فتحالفات ما قبل ترشيح فرنجية هي غيرها بعد ذلك، ولله في خلقه شؤون.