IMLebanon

أشعل الحريري الفتنة

كانت الأمور هادئة في لبنان والخطابات كلها تسير باتجاه هادئ وحوار تيار المستقبل مع حزب الله يسير في عين التينة على أساس تسيير مؤسسات الدولة. جاء الرئيس سعد الحريري الى لبنان واشعل الفتنة في خطابه كي يسترجع زعامته في 4 ساعات وطرح مبدأ ولاية إيرانية وولاية سعودية، وأعاد الكرة الى نقطة الصفر، مع ان التخفيف من حدة الصراع السني ـ الشيعي قد تدنى كثيرا وابتعدنا عن هذا الصراع ولم يعد حديث الساعة.

نحن لا نريد لا ولاية إيرانية ولا ولاية سعودية ولا نريد رئيس حكومة لبنان يأتي ليدافع عن السعودية والخليج من اجل مصالحه وارتباطه بالسعودية ولان معه جنسيتين جنسية سعودية وجنسية لبنانية، ولان مصالحه المالية هي في السعودية، ولو كان حراً غير مرتبط بالمصالح المادية في السعودية لألقى خطابا هادئا بعيدا عن الفتنة بين ايران والسعودية.

ثم ان الرئيس الحريري يقول نحن عرب عرب عرب، ونريد ان نكون عرباً فما هو تحديد العروبة؟ ان القضية الأولى للعروبة هي فلسطين فلم نسمع كلمة واحدة من الحريري عن العروبة المقاومة لإسرائيل، والتي تدين احتلال إسرائيل لفلسطين وللاراضي المحتلة بعد 67، وكيف ان الشعب الفلسطيني يتم قهره وقتله من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي و لم نسمع إدانة من الحريري للجيش الإسرائيلي، الذي يقتل شباناً وصبايا في الضفة الغربية لمجرد انهم وصلوا الى اليأس ولجأوا الى السكاكين والدهس بالسيارات، والجيش الإسرائيلي يفتح النار عليهم ويقتلهم وهم شباب وصبايا.

اذا كان مقياس العروبة قضية فلسطين فحزب الله هو الحزب العربي الأول، اما اذا كان مقياس العروبة ان يقوم الأمير تركي بن فيصل بمصافحة وزير حرب العدو الإسرائيلي يعالون في ميونيخ ويعقد معه اجتماعات في الغرف المغلقة فان هذه العروبة هي خيانة للعروبة، وما هذا التقارب السعودي ـ الإسرائيلي الذي يمثله وزير خارجية السعودية الجبير وهو تلميذ المدرسة الصهيونية الأول، وهل للرئيس الحريري ان يشرح لنا ويفسر لماذا صافح الأمير تركي بن فيصل وزير العدو الإسرائيلي يعالون ولماذا عقد معه اجتماعات في الغرف المغلقة ووكالة الانباء رويترز ووكالة الانباء الفرنسية نقلتا الخبر وهما وكالتان تتمتعان بمصداقية عالية.

اما حزب الله فاذا شعر ان ظهره الاستراتيجي وهو سوريا والعراق يتم ضربهما من قوى سلفية تكفيرية أصولية ويريدون تقسيم سوريا مثلما قسموا العراق فدخل المعركة دفاعا في وجه المرتزقة التي ازالتهم سوريا وارسلتهم السعودية وقطر وهم تكفيريون ارهابيون، فليس الخطأ خطأ حزب الله، بل الخطأ هو خطأ ارسال المرتزقة بحوالى 80 الف مقاتل إرهابي جاؤوا الى سوريا ليقلبوا النظام مع اننا لا نؤيد كل اعمال النظام ونرى أن لديه أخطاء، ولكن هذا لا يبرر دخول 80 الف مرتزق سلفي إرهابي الى سوريا لتكوين داعش وجبهة النصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام واحرار الشام، ويقومون بتكفير الاخرين وقتل المسيحيين وقتل كل من هو في وجههم، وذبحهم وممارسة كل اعمال الإرهاب والقتل في سوريا.

صحيح ان النظام قتل وعذّب، لكنه في موقع ردة الفعل. فقطر والسعودية وتركيا ارادت قلب النظام في سوريا، وما على النظام الا الدفاع واذا كان حزب الله، حليف سوريا، رأى ان العمود الرئيسي والاستراتيجي سيسقط فهب ملبيا النداء القومي العربي للدفاع عن سوريا، يكون هو العربي الحقيقي لانه يقاتل إسرائيل، ويردعها كما فعل سنة 2006، ويحرر الجنوب كما فعل سنة 2000، فيما دول الخليج تقيم كل علاقات مع الموساد ومع نظام العدو الإسرائيلي وتفتح له الأبواب في التعامل الأمني والسياسي والديبلوماسي والعسكري، وكان ذلك تحت الطاولة والان ظهر فوق الطاولة في ميونيخ.

جاء الرئيس سعد الحريري ليتحدث عن انتخابات الرئاسة وليتحدث عن أمور داخلية لبنانية، فليس هو معلماً لكي يعلم حزب الله ان عليه ان يبقى في لبنان وان لا يقاتل في سوريا، وهو ليس معلماً كي يمدح في السعودية ويعلمنا ان السعودية ساعدت لبنان، فالجميع يشهد ان السعودية ساعدت لبنان لكنها اساءت الى سوريا اكبر إساءة عبر تمويل الإرهاب وعبر ارسال الأسلحة الى المنظمات التكفيرية، وهو ليس معلماً كي يمدح في صورة غير مباشرة تركيا وقطر لانهما ارسلتا المرتزقة المقاتلين الى سوريا تحت عنوان الإرهاب والقتل حتى ان القتل وصل الى باريس، ووصل الى عواصم أوروبا من وراء داعش وجبهة النصرة اللذين دعمتهما تركيا والسعودية وقطر، وها هي السعودية تقمع الأقلية الشيعية عندها وتقطع رأس الشيخ نمر النمر، شهيد المشايخ، وها هي السعودية من دون نص دستوري تقطع بالسيف رؤوس كل من خالف امر وليّ الامر، في شكل اعتباطي ويتم اعدام 47 شخصا في يوم واحد في مجزرة اسمها اعدام القتلة او الإرهابيين او غيرهم، والشيخ نمر النمر لم يرتكب أي عمل امني او عسكري ضد النظام السعودي بل تهمته انه خالف أوامر ولي الامر. واذا كان الرئيس الحريري ينتقد ولي الفقيه، فلماذا لا ينتقد ولي الامر الذي يستطيع إعطاء الأوامر بقطع الرؤوس بالسيوف؟ والبرامج الدراسية السنوية في السعودية تعلم التكفير والوهابية والسلفية والاصولية وهي امّ لداعش وداعش يدرس المناهج التربوية نفسها التي تدرّس في السعودية، وتخرّج أجيال داعش على أساس المناهج المدرسية السعودية.

اخطأ الرئيس سعد الحريري وما باله يلوم الدكتور سمير جعجع لانه صالح العماد ميشال عون، فهل يريد منا ان يبقى المسيحيون في حرب من اجل تمرير الطائف، ومن حضّر لاقتتال المسيحيين سوى الذي حضر لاتفاق الطائف، وقام بالتحضير لضرب المسيحيين ببعضهم كي يمر الطائف ويتم ابعاد العماد عون 15 سنة وسجن الدكتور سمير جعجع 11 سنة؟ ثم ان في عهد الوصاية السورية كان تيار المستقبل اقرب الناس الى سوريا والى الوصاية السورية، مع العلم اننا نترحم على الشهيد الرئيس رفيق الحريري الذي ذهب ضحية وحدة لبنان واستقلال لبنان.