عملية تشكيل الحكومة تواجه المزيد من العقبات والعراقيل التي لا يبدو من خلال المعطيات المتوافرة أنّها تتصل فقط بالحصص والمغانم التي ستحصل عليها الأطراف السياسية التي تحاصر الرئيس المكلّف سعد الحريري بالشروط والشروط المضادّة، مع انحسار التفاؤل الذي كان سائداً بإمكانية ولادة الحكومة قبل نهاية الجاري، بعدما كان متوقعاً لها أن تحصل قبل عيد الاستقلال الماضي.
وبالرغم من التفاؤل النسبي الذي أبداه الرئيس سعد الحريري إثر زيارته الأخيرة الى القصر الجمهوري، بما يتعلّق بالتأليف، إلّا أنّ الأمور بحاجة الى مشاورات واتصالات إضافية في أكثر من اتجاه، لتعبيد الطريق أمام التشكيل الذي لا يزال يواجه عراقيل محورها التهافت على الحقائب الخدماتية الدسمة التي يستفاد منها في موسم الانتخابات النيابية الربيع المقبل، وهو ما يجعل الرئيس المكلّف يلاقي صعوبة لا يستهان بها في التوفيق بين الشهيّات المتضاربة ورفض البعض في تقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية وبما يمكنه من إنجاز مهمّته في وقت قريب.
واستناداً الى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإنّ الرئيس الحريري، يتعامل بنَفَس طويل مع العراقيل التي يواجهها في عملية التأليف، لأنّه يعتبر أنّ مطالب القوى السياسيّة طبيعيّة لغاية الآن في تشكيل الحكومات، وهو ما واجهه خلال مشاوراته لتشكيل حكومته في عهد الرئيس ميشال سليمان، ولذلك فإنّه لم يفاجأ بما يواجهه حالياً، لكنّه على الرغم من ذلك لديه قناعة بأنّه سيشكّل الحكومة في وقت قريب، إذا صفت النوايا، وأنّه على توافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على أنّ الأمور ستسلك مسارها الطبيعي، وبما يساعد على ولادة الحكومة في وقت قريب بعد معالجة العثرات التي تؤخّر التأليف.
وتركّز جهود الرئيس المكلّف على فكفكة عقدة النائب سليمان فرنجية الذي قد يقبَل بحقيبة «الصحة»، أو يُعطى حقيبة «الاتصالات» إذا تنازل عنها تيار «المستقبل»، على أن تبقى حقيبة الأشغال مع الرئيس نبيه برّي، وأن يتولى الرئيس الحريري معالجة اعتراض «القوات اللبنانية» من خلال العودة الى الصيغة القديمة بإعطائها ثلاث حقائب وحقيبة أخرى لحليفها الوزير ميشال فرعون، وهذا الأمر يتطلّب بعض الوقت، إذا سارت الأمور في الاتجاه الصحيح واقتنعت الأطراف بحصصها، بعدما تبلّغ الرئيس الحريري من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط رسالة بأنّه لن يألو جهداً لمساعدته على تجاوز العراقيل لتسريع التأليف، تلافياً لأزمة حكومية قد ترتدّ سلباً على انطلاقة العهد، بعد معلومات أشارت الى إمكانية قبول جنبلاط بحقيبة «العدل»، في حال تمت معالجة بقية العقبات على طريق الولادة الحكومية.
وأبلغت مصادر نيابية بارزة في تكتل «التغيير والإصلاح» «اللواء»، أنّ الرئيس عون حريص على تحقيق التوازن الوطني في التأليف الحكومي وليس لديه فيتو على أحد، لأنّ من مصلحة العهد أن تتيسّر عملية التشكيل وتُعلن الحكومة في وقت قريب وألّا تستغرق الأمور وقتاً طويلاً، باعتبار أن هناك استحقاقات عديدة ينبغي التحضير لها وفي مقدمها اقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، خاصة وأنّ عامل الوقت يشكّل مصدر ضغط على العهد إذا لم يتم تأليف الحكومة في خلال أسبوع أو أكثر بقليل على أبعد تقدير كي تتفرّغ الى إعداد البيان الوزاري ومن ثم الى إقرار قانون الانتخابات العتيد، لتفادي إجراء هذا الاستحقاق على أساس قانون الستّين.
ومن جهتها، تعتبر أوساط نيابية في تيار «المستقبل» أن لا مصلحة لأي فريق في عرقلة تشكيل الحكومة والإمعان في سياسة التعطيل وفرض الشروط لتحقيق مكاسب سياسة آنية، لأن هناك حاجة ماسّة لولادة الحكومة اليوم قبل الغد وتوفير كل الدعم المطلوب للرئيس الحريري للنجاح في مهمته وتشكيل الحكومة في غضون أيام، وأن يقتنع كلّ فريق بحصّته ولا يساهم بتعقيد الأمور أكثر وإطالة أمد التأليف، كي لا ننتقل من الشغور الرئاسي الى الشغور الحكومي الذي لا يتماشى مع مصالح أحد.