IMLebanon

الحريري «يعلّق» وجوده في لبنان الى ما بعد منتصف ايلول بشرط…

اذا كانت القمة الروسية – التركية في ضواحي سان بطرسبورغ قد خطفت الاضواء دوليا، فان الزيارة اللافتة للوزير باسيل الى عين التينة واعادة بث الحياة في الاتفاق النفطي المتعثر بين مطرقة تأكيد «الاستاذ» ان موضوع الرئاسة الاولى لم يبحث، وسندان اصرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على اتمام الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية العام «بهمة النبيه»، على وقع التقلبات في السياسة الدولية ومفاعيلها التي تلفح الداخل، وعلى رغم اخفاق كل الجهود الداخلية والخارجية في تحريك المياه اللبنانية الراكدة، مع الحديث عن اجازة طويلة قد تمتد لما بعد منتصف ايلول لشيخ بيت الوسط، بعدما سجل طرح ترشيح العماد ميشال عون على طاولة «المستقبل»، بغض النظر عن الأرقام والتصويت، توجيه رسالة ايجابية بأن ثغرة ما فتحت ولا أحد يعلم الى أين قد توصل.

فدبلوماسية الحوار التي لم تحدث في ثلاثيتها الأخيرة اي خروقات او تغييرات على الساحة السياسية، انهكت الدوائر الدبلوماسية الغربية في متابعة النتائج المترتبة عليها وما يمكن الإفادة منه من اجل السعي الى فكفكة رموز الإستحقاق الرئاسي وحماية الوضع الأمني من اي ترددات لما يجري في سوريا، باعتبار انها من الأولويات في هذه المرحلة في ضوء فقدان المبادرات السياسية التي يجب ان تتقدم على الحلول العسكرية، حيث تنقل مراجع دبلوماسية في بيروت الى ان ما نشر في التقارير الإعلامية جاء معبرا بدقة عن المناقشات التي افضت اليها هذه الجلسات التي انتهت الى التأكيد على أهمية مواكبة مساعي رئيس مجلس النواب للخروج من نفق هذا الإستحقاق المظلم كون الجهود المبذولة داخليا باتت امام حائط مسدود والمساعي الخارجية قد تكون اكثر افادة من اي مبادرة داخلية، رغم ان تقارير بعض السفراء الغربيين التي رفعت الى حكوماتهم أوحت بضرورة التقنين في حركة الموفدين الى لبنان لأنها ستكون بلا بركة، مؤكدين ان اللبنانيين لم يستوعبوا من النصائح الدولية سوى السعي الى تهدئة النفوس المشحونة لمنع اي احتكاك داخلي على وقع التطورات السورية المؤلمة التي تستفز فئات لبنانية في الإتجاهين.

من هنا تنقل المراجع خشيتها من الإتجاه الى مزيد من الفراغ، حيث «الخوف» من أن تكون طاولة عين التينة الباب الأساسي للولوج منه الى مؤتمر تأسيسي، باتت اكثر واقعية في ضوء ما شهدته الجلسات «الآبية» وما تبعها من تصريحات لجهات تربطها علاقات متينة بعواصم القرار الاقليمي والجهات الداخلية الفاعلة، خصوصاً وأن البلد مقبل على إستحقاقات مهمة من أبرزها الإنتخابات النيابية بعد أشهر معدودة دون وجود أي مشروع او صيغة واضحة للقانون، الأمر الذي لا يدعو الى التفاؤل، حيث تذهب عين التينة الى حد التحذير من حرب اهلية نتيجة لاي خطوة غير مدروسة.

وتؤكد المراجع الديبلوماسية على أن المعالجات الداخلية للسلّة المتكاملة من رئاسة الى حكومة الى إنتخابات نيابية وصلت الى الحائط المسدود وتخطّت الأطر المحلية الى مكان آخر، في حين أن البلد متروك او محكوم من قوى أمر واقع لا تقرّر فقط حسم قضايا سياسية خلافية بل حسم هوية لبنان وطبيعة النظام فيه وبنية الدولة، وهذا أخطر ما يمكن ان يصل اليه أي بلد بعد أن غاب فيه الإحتكام الى الدستور، والحكم بين الأطراف المتنازعة وغابت ايضاً مرجعية الدولة، ما يوحي وكأن حالة الحرب مستمرة، او كأن إتفاق الطائف لم يتم وضعه لإنهائها، متحدّثة عن مفاوضات تدور في كواليس طاولة الحوار او تحتها لا يمكن فصلها عن الأحداث الحاصلة في المنطقة، خصوصا في سوريا، حيث ينظر الغرب الى هذه الطاولة على أنها البديل عن السلطة التي ستسقط بشكل نهائي عاجلاً أم آجلاً، لأن التفاوض لحل الأزمة السياسية بات غير مجدياً لا بل عقيماً.

عليه فان لبنان الذي يحتاج الى دفع يضعه على السكّة الصحيحة من جديد، لن يستعيد هيكلية الدولة قبل، ظهور نتائج الإنتخابات الأميركية في بداية الخريف المقبل، وبعد اعادة ترتيب الادارة الجديدة لملفاتها وتحديد أولوياتها،التي قد يكون لبنان من ضمنها، وثانيا، نضوج الوضع في المنطقة لا سيما على المستوى السوري.

وسط هذا التدهور السياسي، يأتي التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي نتيجة إنعدام البدائل بحسب اوساط وزارية، فعلى الأقل لا بد من الحفاظ على المؤسسة العسكرية، اذ في حال امتدّ الفراغ إليها انفرط عقد ما تبقى من معالم للجمهورية اللبنانية، وهذا ما يعرفه ويدركه الجميع بمن فيهم الأطراف التي تعلن الإعتراض وفي هذا الاطار تقول الاوساط إن التمديد «للقائد» حاصل والعماد ميشال عون يعرف ذلك منذ فترة، وبالتالي فإن لا مصلحة لأحد في تعريض الوضع الحكومي لمزيد من التعثر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، و«تحذير» السفيرة الاميركية من اي «هز» لوضعها سواء نصابا ام ميثاقا، والذي سمعت اصداءه في الرابية. عليه فإنه ليس من المفيد بشيء أن يتخذ وزيرا «التيار الوطني الحر» أي قرار بالاستقالة، رغم تهديد الوزير جبران باسيل بان  اي قرار لن يمر في الحكومة قبل «ان يشبع درسا ولو لسنة».

تحديد ما يمكن أن يحصل «مستحيل»، لكنه بالتأكيد يعتبر دراماتيكياً دون أن يكون دموياً، ولا على شكل حرب حيث أن وجود مليوني نازح سوري على أرض لبنان هو جزء من عامل الإستقرار لأن أي تفلّت في هذا الموضوع سيؤدي الى كارثة لن تسلم منها دول الغرب، ما قد يفرض اعادة نظر بالوضع برمته، لخروج الاطراف من مرشحيها الجامدين، وبالتالي كل أوراق الإعتماد التي قدّمها ويقدّمها العماد ميشال عون الى الحريري لن تكون صالحة لمعالجة الأزمة اللبنانية.