«لا رضى سعودياً» عن ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، و«الفيتو السعودي على عون لا يزال قائماً». هذا ما نُقل عن الرئيس سعد الحريري قوله لـ «أركان» المستقبل الذين استدعاهم على عجل للتشاور بعد «احتفالية معراب»
ارتدادات «زلزال» معراب، أول من أمس، غطّت على تداعيات قرار محكمة التمييز العسكرية إطلاق الوزير السابق ميشال سماحة. ردّ سمير جعجع صاع سعد الحريري صاعين وقذف كرة النار الرئاسية بين يديه. بعد أكثر من سنة على تحميل تيار المستقبل حزب الله والتيار الوطني الحرّ مسؤولية الشغور الرئاسي، يبدو التيار الحريري في طريقه الى تحمّل هذا العبء من الآن فصاعداً.
على عجل، استدعى الحريري «أركان حربه» الى مقر إقامته في المملكة العربية السعودية، وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير مكتبه نادر الحريري. وأمام شاشة التلفزيون التي كانت تنقل «الاحتفالية العونية ــــ القواتية»، جرى نقاش تفصيلي في الخطوة القواتية وارتداداتها وطريقة التعامل معها.
مصادر المستقبل التي تحدثت اليها «الأخبار» رفضت الخوض في تفاصيل النقاش، مشيرة إلى أن بيان الكتلة بعد اجتماعها أمس «هو الترجمة الفعلية لوقائع الاجتماع». إذ أعربت عن «الارتياح للمصالحة التي جرت»، مؤكّدة أنها «تلتزم توجّهات الرئيس الحريري في هذا الشأن انطلاقاً من أن الكلمة الفصل في هذا الملف تبقى للمجلس النيابي، في ظل النظام الديمقراطي وتحت سقف الدستور». لكن مصادر في فريق 14 آذار اطلعت على تفاصيل الاجتماع، أكّدت أنه بخلاف البيان المنمّق الذي تحاشى الصدام مع القوات اللبنانية، فقد كان الحريري واضحاً في أن «الرد المبكّل على ما جرى هو التمسّك بدعم ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة»، ولكن «من دون استعجال».
المستقبل نحو «مقاطعة» معراب: متمسكون بترشيح فرنجية
وأوضحت المصادر أن «الحريري ناقش بكل هدوء كل الاحتمالات الممكنة في المرحلة المقبلة»، وشدّد على «أهمية مواقف حزب الله والرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط والمسيحيين المستقلين ممّا حصل». وشدد على ان «تيار المستقبل مستمر في دعم فرنجية للرئاسة». لكنه، بحسب المصادر، «لن يعلن ذلك رسمياً، لأنه لا يرى ضرورة لحرق المراحل، وليس هناك من داعٍ للاستعجال». وهو اعتبر «أننا، اليوم، أمام مرشحَين من دون انتخابات، لأن من المستبعد أن يؤمّن أي منهما الأصوات المطلوبة، ولا حتى النصاب لعقد أي جلسة انتخابية، إن لم تكُن هناك ضمانة للوصول إلى القصر الرئاسي. وحتى الآن لا مؤشرات على اتفاق الفريقين».
في الاجتماع، كان الرأي المستقبلي بأن «ما حصل لن يكون أكثر من عملية خلط أوراق». ولم تنف المصادر أن الحريري فوجئ بالخطوة القواتية، وقد «أخذ هذا الموقف حيزاً واسعاً من النقاش خلال الاجتماع، حيث اعتبر المجتمعون أن في خطوة جعجع مخاطرة لم يحسبها جيداً. فماذا لو أقدم الفريق الآخر على خطوة غير محسوبة ووصل عون فعلاً إلى قصر بعبدا؟ فهل سيعتبر جعجع نفسه رابحاً فعلاً؟». أما في ما يتعلق بالموقف السعودي من خطوة جعجع، فتؤكد المصادر أن الحريري قطع أمام زواره الشك باليقين، مؤكداً «عدم الرضى السعودي، وأن الفيتو على عون لا يزال قائماً».
النقاش تطرق أيضاً الى أن «جعجع خسر الشارع المستقبلي المسلم المستاء من خطوته رغم فوزه بشريحة كبيرة من الشارع المسيحي». ورغم الاتفاق على ضرورة عدم خروج الاستياء المستقبلي إلى العلن، إلا أن «الغلطة» لن تمُر من دون ثمن. والثمن الذي ستدفعه القوات اللبنانية، بحسب المصادر، هو «الجفاء» الذي سيتعاطى به تيار المستقبل مع «حليفه السابق». فقد تقرر في الاجتماع «وقف زيارات وزراء المستقبل ونوابه لمعراب، وكذلك الاجتماعات التي كان يعقدها السنيورة مع النائب جورج عدوان في بيت الوسط». أما الاتصالات بين الحريري وجعجع «فلا حاجة لها في هذه المرحلة»!
في المحصلة، يُصرّ تيار المستقبل على أن «ما تمّ بين جعجع وعون سيؤثر في الساحة المسيحية، لكنه لن يحرك ساكناً في ملف الرئاسة»، وما قاله «الوزير نهاد المشنوق من قلب معراب عن أن القرار الإقليمي والدولي غير ناضج حالياً لانتخاب رئيس للجمهورية» يختصر كل المشهد، على ما تقول المصادر.
أما في ما يتعلق بملف إطلاق سماحة، فأكدت المصادر أن النقاش «هو نفسه الذي نقلته الكتلة في بيانها»، وهو الإصرار على «إحالة ملف جريمة سماحة إلى المجلس العدلي، والعمل على ذلك بشتى السبل، وعلى تعديل القوانين التي ترعى عمل المحكمة العسكرية كي لا تبقى أداة ضغط وظلم».