كان يفترض بمن تابع عن كثب مسعى سمير جعجع لاقناع الممانعين بصحّة خيار ميشال عون للرئاسة، أن يرصد «الحكيم» في عين التينة قبل رؤية سليمان فرنجية ضيفا «عزيزا».. ودائما في دارة الرئيس نبيه بري.
«لاعتبارات أمنية»، وفق أوساط معراب، لم يتّصل جعجع بعد بمكتب بري لطلب موعد، ما يعني عدم أخذه حتى الآن بنصيحة وليد جنبلاط بالانفتاح على رئيس المجلس حيث يقتصر هذا الجهد حاليا على ناقل الرسائل النائب جورج عدوان.
العارفون يجزمون بأن جعجع يحسب جيدا الكلفة الامنية المحتملة لهكذا زيارة. في قناعته، خطوته «التاريخية» بالمصالحة مع خصمه السابق عون ستجعله عرضة أكبر للاستهداف، وثمة من يقول ان «الحكيم» محرج جدا اذا استمرت المراوحة الرئاسية. وبرغم ذلك، يصر على عدم رفع الراية البيضاء.
آخر اخبار معراب تفيد بالاتي: إن لم تترجم مناخات التفاؤل التي سادت مؤخرا الساحة السياسية بقرب انتخاب رئيس الجمهورية، وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أحد المسوّقين الرئيسيين لها، وفي حال استمرار الممانعة الداخلية لانتخاب عون، سيضطر جعجع الى الجلوس وجها لوجه مع عون والقول له: والان ما العمل.. هم لا يريدونك رئيسا للجمهورية؟
بالتأكيد سيطلّ من بين العونيين من يقول لجعجع «وماذا فعلت مع السعوديين لاقناعهم بخيار الجنرال»؟
خرج جعجع من السحور الرمضاني مع سعد الحريري، في بيت الوسط في 30 حزيران، بجرعة تفاؤل باحتمال تغيير «الشيخ» رأيه بخيار عون.
قبل ذلك، أنصت جعجع لفارس سعيد وهو يقول له «لا هذا (فرنجية) ولا ذاك (عون)»، وتبين له أن بطرس حرب يفضّل، ولحسابات بترونية، فرنجية على عون، أما ميشال فرعون، فقد أبدى استعداده لمسايرته بمغامرته الرئاسية، فيما ظل أشرف ريفي يردد أمامه «أنت الافضل».
عمليا، استدعى تبنّي ترشيح جعجع لعون حصول لقاءات «تنفيس الاحتقان»، وكان أهمّها الاجتماع الليلي الذي جمع ملحم رياشي مع مستشاري الحريري والذي تمّ خلاله وضع خريطة طريق لعمل مشترك بين «القوات» و «المستقبل»، ومهّد هذا اللقاء لدعوة الحريري جعجع الى إفطار، الى ان حلّ أوان «السحور» الذي كان ترشيح «الجنرال» طبقه الاساس.
وبين الافطار والسحور، نقل عن جعجع قوله صراحة للحريري: إذا تأمّن النصاب لفرنجية سينتخب الاخير رئيسا، لكن هل سيتجرأ رئيس «تيار المرده» على النزول الى مجلس النواب مخالفا إرادة «حزب الله»؟ لكن إذا أيّدت عون للرئاسة هل برأيك ينزل أو لا؟ لم يترك جعجع مجالا للحريري للردّ فأجاب بنفسه: «نعم بينزل، عون غير فرنجية».
في تلك الجلسة، نصح رئيس «القوات» رئيس الحكومة الاسبق بالجلوس مع عون وابرام اتفاق رئاسي وليس صفقة رئاسية «لأن الصفقات تنتهي بانتهاء مفاعيلها، فيما الاتفاقات تدوم أكثر»، وأحد أهمّ أوجهها تثبيت الحريري رئيسا لحكومة العهد «العوني» مع سلسلة اتفاقات موازية على رأسها قانون الانتخاب.
استرسل جعجج بالحديث قائلا «والدليل تجربة المصالحة مع ميشال عون. عمليا، جزء بسيط من «مصلحة» القوات السياسية تحقّق، أما المصالحة فصامدة ومستمرة، حتّى أنها اصبحت جزءا من الثوابت المسيحية، وتجاوزت قدرتي وقدرة عون على تعطيلها».
وأضاف جعجع «عون يؤمن بالدولة والمؤسسات وهو ابنها، ويملك حرية المناورة، وهو بما يمثل مسيحيا حاجة لـ «حزب الله» تفوق حاجة عون للحزب ويمثل قاعدة شعبية واستراتيجية لا يمكن تجاوزها، بعكس فرنجية. وإذا انتخبته اليوم انت ترضي «القوات» والمسيحيين».
ملخّص الردود الحريرية كان الاتي: سأفكّر بكلفة هكذا خيار، مع تأكيده «بأنني خسرت نصف شعبيتي بترشيح فرنجية، وسأخسر النصف الاخر في حال تبني ترشيح عون».
وعاد الحريري وذكّر جعجع «بأن عون في المحور الايراني»، فعاجله الاخير بالقول «لكن مرشحك في المحور الايراني ـ السوري»!
ثم سأله سعد «هل تضمن ميشال عون» فردّ مازحا بداية «ملحم رياشي بيضمنو»، ثم رسم حدود هذه الضمانة «اتفاق الطائف ضمانة لي ولك ولميشال عون».
وفيما لا يزال الحريري «يفكر»، تدرك معراب أن الجو الرئاسي بات ضاغطا على الجميع، وهي في أجواء مناخ «مستقبلي» بات يتقبل في جزء منه خيار ميشال عون، لكنها تتوجّس فعلا من استمرار ستاتيكو التعطيل الى حدّ الانفجار الداخلي.
بالتزامن، تنظر معراب بتوجّس الى ما يحدث داخل أروقة «التيار» من تجاذبات داخلية، معتبرة ان على عون «ان يضبط الايقاع نهائيا»، مراهنة في ذلك على «حكمة «الجنرال» وجرأة جبران باسيل».
وفيما تفرض «حالة» شامل روكز نفسها تدريجا، ربطا بالحراك القائم على المستوى المسيحي، وبما يدور داخل كواليس «التيار» تحديدا، تبدو «القوات» معنية، وفق أوساطها، بالتأكيد بأن «ليس هناك من مقاربة سلبية تجاه روكز على الاطلاق»، معتبرة ان حتى الكلام المنسوب الى روكز حيال جعجع لا يقع ضمن خانة السلبية، مشيرة الى حرصها على التعاطي معه بايجابية كأي قيادي عوني او مقرّب من عون.
يذكر ان لقاءات عدّة حصلت مؤخرا بين روكز ومسؤول «قواتي» بارز وكانت مداولاتها «إيجابية»، بحسب الطرفين.
جعجع: جنبلاط مستعدّ للتصويت لعون
اعتبر رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع أمام وفد من تنورين، «ان النائب وليد جنبلاط يفضل أي رئيس على الفراغ، وبما أن الأكثرية المسيحية اتفقت على العماد ميشال عون فهو مستعد للتصويت له، بينما التواصل مستمر مع الرئيس سعد الحريري في هذا الإطار».
وأكد ان «حزب الله» غير جدّي في ترشيح عون الى الرئاسة، «فالحزب لا يحتمل خسارة عون والتيار الوطني الحر على صعيد التحالف السياسي، ولكن في الوقت نفسه لا يريده رئيساً»، موضحاً ان «حزب الله هو جزء كبير من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وإيران لديها مشاغل كثيرة في المنطقة من سوريا الى العراق وصولاً الى اليمن، وهي تحاول إبقاء الرئاسة في لبنان معلقة من أجل مقايضتها بثمن ما، ألا وهو إبقاء بشار الأسد في سوريا، الأمر الذي ترفضه دول الخليج والغرب».
وقال إن «حزب الله أمام خيارين: إما جمهورية قوية وحزب ضعيف أو حزب قوي وجمهورية ضعيفة، لذلك يفضل بقاء الوضع على ما هو عليه كي يبقى من دون محاسبة أو يفضل رئيساً على قياس صغير ويتحكّم به».
جنبلاط ضدّ التمديد في الجيش!
غرّد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط على حسابه على «تويتر» قائلاً: «البدع السخيفة في الجيش. التمديد للبعض على حساب القانون».