بعدما رفض الرئيس سعد الحريري المشارَكة في جلسة التمديد وتغطيتها، دخل النقاش في الحلّ المتكامل في العمق، استباقاً لجلسة 15 أيار التي لن يُعرف قبل ردّ الأطراف على مبادرة الرئيس نبيه بري المفصّلة، ماذا ستكون عليه، سواءٌ في التصويت بمَن حضر على التمديد، وهو احتمال بات مستبعَداً، أو في التصويت على مشروع قانون الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ، وبالتالي التمديد التقني المتفق عليه بين الجميع.
خطوة الحريري فاجأت بري والنائب وليد جنبلاط اللذين كانا مطمئنّين إلى أنّ جلسة التمديد في اليد، لكن كانت للحريري حسابات أخرى تتعلق باستمرارية الحكم وعمل الحكومة، والتناغم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي في يده تعطيل انعقاد جلسات الحكومة، وهو ما يدركه الحريري جيداً، الذي انكفأ عن القبول بالتمديد، ليعطي ثنائي «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» ورقةً ثمينة، أدّت الى تعزيز شروطه في التفاوض حول قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ.
وتشير مصادر هذا الثنائي في هذا الاطار، الى أنّ خطوة الحريري، اعادت الأمور إلى نصابها، وقلبت الصورة رأساً على عقب. فبدلاً من أن يحشر «حزب الله» الثنائي بسيف التمديد، أصبح الحزب محشوراً لأنّ هذه الورقة سقطت، وهو بالتالي بات في سباق مع الوقت لتفادي الوصول الى جلسة 15 أيار من دون اتفاق على قانون انتخاب، لأنّ ذلك سيعني حصول الفراغ في رئاسة المجلس وقد يعني الذهاب الى انتخابات بقانون الستين الذي يُعَد الحزب الرافض الأول له بما يفوق رفض الثنائي المسيحي بأشواط.
ففي حسابات الحزب كما تقول المصادر، لا بد من قانون جديد يؤمّن فوز حلفائه السنّة والدروز بقوتهم، وليس عبر فرض التحالفات، وهذا لا يتأمّن بقانون الستين الذي يعني بقاء المقاعد السنّية، مع تيار «المستقبل»، ومع القوى التي تواجه الحزب جذرياً كاللواء أشرف ريفي، كما أنّ قانون الستين سيعيد قوة جنبلاط من دون أيّ خروق، وسيكرّس فوز ثنائي «القوات» و«التيار الحر» بمعظم المقاعد في الدوائر المسيحية، وهو أمر يعني إعادة استنساخ مجلس العام 2009.
وتعتبر المصادر أنّ موقف الحريري الذي ساهم كلّ مِن رئيس الجمهورية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالوصول اليه، أدّى الى «انقلاب السِحر على الساحر»، حيث سقط التحالف الثلاثي (بري والحريري وجنبلاط) وبات رئيس الحكومة لاعباً مستقلّاً عن هذا التحالف، يتّخذ الموقف بناءً على ما تمليه عليه ضروراته، وصحيح أنه وازن موقفه بالتعهّد لرئيس المجلس بعدم طرح قانون الانتخاب على التصويت في مجلس الوزراء، لكنّ موقفه الأهم برفض التمديد، أدّى عملياً الى تعزيز موقف الثنائي، والى وضع جميع المماطلين في قضية قانون الانتخاب في الزاوية، وأبرزهم «حزب الله»، الذي كاد يفرض على الجميع معادلة القبول بصيغة واحدة لقانون الانتخاب.
عملياً انطلق البحث العملي في سلّة برّي، وقد تسلّمت القوى السياسية أمس الأول مشروع قانون الانتخاب وقانون إنشاء مجلس الشيوخ الذي ستكون صلاحياته ورئاسته النقطتين الأبرز للنقاش وخصوصاً أنّ الثنائي «العوني» ـ «القواتي» يُصرّ على أن تكون رئاسة المجلس للمسيحيين، أو في أسوا الحالات للمداورة بين الدروز والمسيحيين على أن يتم إرضاء جنبلاط، بنيابة رئاسة المجلس أو نيابة رئاسة الحكومة، وهي نقطة خلافية كبيرة، لكنّ الأهم منها صلاحيات المجلس التي يصرّ الثنائي على أن لا تكون شكلية.
أما عن تطبيق «اتفاق الطائف» بما يخص انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، فإنّ هذه النقطة ايضاً ستكون مدار بحث، لأنّ الثنائي المسيحي مصرّ بعد قبوله النسبية على أن تجرى الانتخابات على أساس دوائر تتجاوز 13 دائرة، وهو لا يمانع بأن يدرج ضمن سلة الحل المتكامل بند إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، لكي تدرس الاتفاق على قانون انتخاب وخطوات أخرى خلال ولاية المجلس النيابي الجديد الذي سيُنتخب على أساس النسبية الكاملة والمناصفة.