بصرف النظر عن حملة الإقالات التي قام بها الرئيس سعد الحريري في تياره، غداة الانتخابات النيابية الأخيرة، وما إذا كانت فعّالة أم ناقصة. في مكانها أم أنها لزوم ما لا يلزم. نتائجها سريعة أم بطيئة. مِن المؤكّد أن تيار المستقبل يشهد اليوم مرحلة إعادة توزيع لمراكز القوى والأدوار والنفوذ، سيكون لها أثرٌ في بنية التيار مستقبلاً، سلباً أم إيجاباً
عندما انتهت الانتخابات النيابية إلى ما انتهت إليه، اعترف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بوجود مشكلة. ردّ تراجع شعبية تياره إلى غياب العمل الجدّي والافتقاد للتنسيق واستهتار الماكينات الانتخابية وتحوّل التيار إلى دكاكين «كل وحدي منها فاتحة على حسابها».
ومع أن المشكلة التي تحدّث عنها الحريري ترتبط بمدى جاذبية التيار السياسية وخياراته الترشيحية ومشكلاته المالية، فضلاً عن تحول الانتخابات إلى حروب تصفية حسابات شخصية، لم تُستكمل الخطوة الأولى (الصادمة بالمعنى الإيجابي)، بخطوات لاحقة كان يأملها جمهوره الحزبي. تدريجاً، تسللت الأسئلة حول ما إذا كان الإجراء الذي اتخذه الحريري، مجرّد فورة عابرة، قبل أن يفاجئ المكتب السياسي للتيار بطلب صلاحيات استثنائية، لمدة ستة أشهر لاتخاذ الإجراءات والقرارات التنظيمية الملائمة، بما فيها تشكيل لجان موقتة في الهيئات والمنسقيات المنحلة، وتعيين أو تجميد أو إعادة تشكيل كافة الهيئات التنظيمية والتنفيذية في التيار.
ما هي الخطوات التي قام بها الحريري خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة؟
أول من أمس، عُقد المكتب السياسي، استثنائياً، برئاسة الحريري، ومن أبرز القرارات المتخذة، عقد مؤتمر عام استثنائي للتيار خلال عام. ماذا يعني هذا القرار؟ «يعني احتمال تغيير الأمانة العامة والمكتب السياسي وإعادة هيكلة المنسقيات وإعادة انتخاب أعضائها»، بحسب أحد القياديين في التيار الأزرق.
الجدير بالذكر أن النظام الداخلي للتيار ينصّ على عقد المؤتمر العام كل أربع سنوات، وهو كان عقد في أواخر عام 2016، ولذلك، يصبح المؤتمر الاستثنائي محطة سياسية وتنظيمية، للمراجعة أولاً، ولاستخلاص العبر ثانياً، واتخاذ قرارات وتوجهات جديدة ثالثاً، ولذلك، يقول القيادي نفسه إنه ليس مستبعداً أن يعيد المؤتمر صياغة النظام الداخلي والهرمية التنظيمية، بما فيها التقسيمات الإدارية للمنسقيات، من أجل أن يكون التيار أكثر فاعلية وشباباً وحيوية.
هل ستطاول المحاسبة الأمين العام الحالي للتيار أحمد الحريري؟
عبد الرحمن النقري خبير إداري وتجاري ولا علاقة له بالسياسة أو التنظيم
يقول مستقبليون إن نتائج انتخابات المؤتمر المقبل «ستشكّل وحدها الجواب على هذا السؤال، لا سيما أن ما يدور في رأس سعد الحريري بات محصوراً به، ولا يعرف به أحد غيره، ولا حتى من باب التشاور». لكن قراره في الذهاب الى مؤتمر استثنائي يعني أن كل التدابير المكملة للإقالات التي أعقبت الانتخابات «واردة وتعود له وحده، لكن المرجّح أن يشمل التغيير الأمانة العامة بالدرجة الأولى، لكن هذه المرة بصورة لائقة تحفظ ماء وجه أحمد الحريري وليس على طريقة قبول استقالة شقيقه نادر المدير السابق لمكتب سعد الحريري».
الأمر المفاجئ وربما المستغرب في آن واحد، هو إتيان الحريري بخبير لبناني لإعادة هيكلة تيار المستقبل، يُدعى عبد الرحمن النقري (خبير إداري وهو في الوقت نفسه من أصدقاء الأمين العام أحمد الحريري).
واستغربت مصادر في التيار أن يكلف خبير إداري لبناني بمهمة سياسية – تنظيمية كهذه، بينما لا أحد يعرفه أو يعرف سيرته، سواء في التيار أو خارجه، «فكل ما نعرفه عنه أنه كان أستاذ مدرسة ثم سافر إلى إحدى دول الخليج وعمل هناك مع إحدى شركات الأحذية الرياضية المعروفة عالمياً، وبالتالي، هو إداري وتجاري ناجح، لكن بلا خبرة تنظيمية أو سياسية».