الجمود يسيطر على الملف الرئاسي ولا ايحاءات دولية واقليمية باقتراب حدوث انفراج في الموضوع الرئاسي والتأكيدات ان لا رئيس للبنان قبل نهاية عام 2016 وان الحركة السياسية في الداخل اللبناني لا تقدم اوتؤخر في الاستحقاق، ولكن وضع الملف الرئاسي في الثلاجة الى حين تأتي الاستحقاقات لا يمنع اللاعبين في الداخل من المراهنة على حدوث تحولات ومتغيرات في حين يصر اللاعبون والمؤثرون في الاستحقاق في الداخل اللبناني على ادارة محركاتهم الرئاسية كل فترة ووضعها في العمل وان كان المرشحون ومن يدور في فلكهم اختاروا التهدئة وعدم التصعيد ضد بعض في اطار سياسة الانتظار والتوقيت المناسب قبل دخول المعركة الرئاسية المهلة الزمنية على التوقيت الاقليمي.
ولعل دخول الاستحقاق اللبناني الثلاجة الاقليمية مرده الى عدة عوامل بحسب مصادر متابعة، وحسابات ومصالح الدول المعنية به، فاذا كانت طهران لاعباً اساسياً في الاستحقاق اللبناني فان الموقف الايراني يظهر ان طهران تفضل التريث حالياً ريثما يتضح المشهد السوري ومجريات المعركة السورية فيما يستعّد الاميركيون للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني، وبالتالي، فان طهران تتطلع الى نتائج المعركة الرئاسية في اميركا وان الانتظار هو السياسة الفضلى لديها في الوقت المستقطع الراهن. وسط هذا الجمود حاول الرئيس سعد الحريري احداث اختراق في الجمود الحاصل بزيارة مفاجئة الى موسكو لكن خطوة الحريري اتت في غير موقعها الصحيح بحسب المصادر أولاً لأن موسكو تأثيراتها محدودة في الملف الرئاسي اللبناني وهي تجير الدور لطهران في هذا المجال، وايضاً لأن موسكو هي حليفة الخط السياسي المعاكس للحريري وان موسكو تعتبر ان الحل الرئاسي يفترض المرور عبر حزب الله أولاً، وهنا يمكن القول ان زيارة الحريري الى موسكو هي في غير سياقها الصحيح.
واذا كان الحريري قصد موسكو فان اللاعبين في الداخل لم يرمو اوراقهم بسرعة او يتخلوا عن سلاحهم على حدّ قول المصادر، وان كانت الرابية وبنشعي تصران على العمل الصامت والتهدئة وعدم التصعيد، وفي هذا السياق حصلت زيارة النائب سليمان فرنجية الى دراة المفتي مالك الشعار في طرابلس وهي زيارة أعطيت لها عناوين كثيرة، منها ان زعيم المستقبل قرر وضع ثقله مجدداً في الملف الرئاسي وتأكيد استمراره بدعم خيار سليمان فرنجية من جهة ولإلباس فرنجية عباءة دار الفتوى ورضاها على ترشيحه. فالغداء في دارة المفتي عكست اصرار الحريري وعدم تراجعه عن المعركة الرئاسية التي رسمها من باريس والتي واجهت ولا تزال عراقيل وحواجز داخلية، فالحريري مستمر رغم الانتقادات في الوسط المسيحي على تسمية الرئيس المسيحي من قبل الزعامة السنية، وان كان للقاء طرابلس معانيه الوطنية ورمزيته في المدينة التي شهدت حرب المحاور وحيث حرص زعيم زغرتا على ابقاء التواصل بين زغرتا وطرابلس في احلك الظروف وعلى العلاقة بالمكون السني وحرص فرنجية في كل المراحل السياسية على العلاقة والتواصل مع القيادات الطرابلسية.
ولعل اللافت في اللقاء مع المفتي الشعار ما قاله فرنجية من كلام في شأن الاستحقاق بانه مع التوافق مع اي مرشح غيره اذا حصل بدون اهمال البصمات الواضحة للمستقبل وحضور قياداته في دارة المفتي وغياب لافت لقيادات طرابلسية هي اما على خلاف مع الشعار او انها تعارض ترشيح فرنجية.
في كل الاحوال فان الحركة الداخلية كما تقول المصادر تبقى «حركة بدون بركة» ما لم تقترن بالقرار الاقليمي والدفع في اتجاه الرئاسة، والى حين حدوث اي طارىء او تطور يغير في المعادلات ويدفع باتجاه الحل الرئاسي فان المراوحة هي التي ستسود ايضاً في الموضوع الرئاسي، وان التركيز في الداخل سيكون على الانتخابات البلدية التي ستشهد شد حبال وعرض عضلات بين القوى المسيحية التي انجزت تموضعاتها الحديثة، فالتفاهم بين الرابية ومعراب يسعى الى تكريس مقولة «الأمر لي» على الساحة المسيحية ولترجمة عمق تحالف القوات والتيار فيما سيحاول كل من الكتائب والمردة اثبات الذات والاستقلالية والخصوصية في ادارة المعركة البلدية وتأكيد مقولة ان الساحة المسيحية لا يختصرها تحالف ناشىء بعد سنوات من الجفاء بين فريقين مسيحيين.