الحريري يريد تعديلاً حكومياً وعون مع التغيير وإبقاء باسيل و«حزب الله» يرفض الطرحين
مصدر وزاري سابق: الوضع صعب والأمور باتت تحتاج إلى صدمة قوية لاعادتها إلى نصابها
المراقب لمسار الأحداث في ضوء الحراك الشعبي في الشارع، يشعر بأن هناك ارباكاً لدى القوى السياسية، والموجودين في الساحات في آن معاً، فالقوى السياسية تقارب بحذر شديد خلف الستارة المخارج المؤدية إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل تسعة أيام، وفي المقابل المعتصمون في الساحات والشوارع يفتقدون زمام المبادرة بفعل عدم وجود قيادة لهؤلاء تنطق وتحاور باسمهم، وهذا ما يجعل المشهد ضبابياً إلى حدّ الخوف من انزلاق الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
صحيح، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي خاطب بشكل مباشر المتواجدين في الشارع طارحاً الأفكار والحلول، مشرعاً أبواب بعبدا للحوار على الأزمة، الا ان هذا لم يلق الاستحسان لدى الجماهير التي كانت تستمع إلى الخطاب تحت زخات المطر في الشوارع وفي ساحة رياض الصلح من حيث الشكل، اما من حيث المضمون فإن هؤلاء لا يملكون أي جواب على أي طرح من الطروحات التي أطلقها رئيس الجمهورية وذلك بفعل فقدان هؤلاء للقيادة التي تنطق وتحاور باسمهم، وقد ذهب البعض إلى وصف ذلك بأنه كالسيارة التي تسير من دون سائق، وخلاصة لذلك فإن البنود التي طرحها الرئيس عون لن يكون لها الصدى المطلوب وبالتالي فإن الأمور ستبقى على ما كانت عليه قبل الخطاب.
في المعلومات ان الرئيس سعد الحريري يريد تعديلا حكوميا من دون الحديث عن أي تفاصيل، وكذلك الرئيس ميشال عون يريد تعديل أو تغيير حكومي مع عودة الوزير جبران باسيل في كلا الحالتين، اما «حزب الله» فإنه لا يريد لا التعديل ولا التغيير وهو ما يجعل أفق المشاورات مقفلاً عند هذا الحد، حيث ان الاتصالات الواسعة التي جرت في غضون الـ24 ساعة الماضية في أكثر من اتجاه لم تُبدّد المواقف السياسية على الإطلاق.
مصدر وزاري سابق يصف المشهد الحالي بالسوداوي والخطير جداً، وهو يُبدي عدم ارتياحه للمستجدات التصاعدية في الشارع، حيث يشعر بأن هناك حركة مدعومة من بعض الدول تعمل على تحريك الشارع مع التأكيد بأن الشعب بريء ونقي وطيب وهو ليس على دراية بأن هناك مجموعات تحركه وهو ليس جزءاً مما هو مخطط له.
ويبدي المصدر نفسه مخاوفه من ان تتحوّل التحركات في الشارع إلى صراعات في المناطق على غرار ما حصل في ساحة رياض الصلح بالأمس، وهو يرى ان الدولة لا تستطيع الاستمرار في رفض المطالب الشعبية، وفي المقابل فإن الشعب لا يستطيع الاستمرار في الشارع في ظل الانهيار الذي يصيب البلد على أكثر من صعيد، معتبراً ان ما يجري اليوم لا يشبه ما جرى في العام 2015 فآنذاك كانت هناك مجموعة من المجتمع المدني تحرك الشارع وتتحدث باسمه، اما حراك اليوم فلا مرجعية له على الأرض وهو ما يُشكّل نقطة ضعف لدى هذا الحراك ويهدد بانفراط عقده في أية لحظة.
وإذ يُؤكّد المصدر المشار إليه إلى ان الأزمة الحالية باتت بحاجة إلى صدمة قوية تعيد الأمور إلى نصابها، فإنه يعتبر بأن الصراع الاميركي – الإيراني يعكس نفسه بقوة على الشارع اللبناني وهو ما يزيد الأوضاع تعقيداً، فالدول التي تعلن دعمها للتظاهر تقف مكتوفة الأيدي في تقديم أي مساعدة وهو ما يجعل التعاطي الدولي مع ما يجري في لبنان أشبه بما حصل للاكراد في سوريا، حيث لقي هؤلاء الدعم الأميركي غير المحدود، وعندما وجدت واشنطن ان مصلحتها تقتضي التخلي عنهم فعلت وتركت الأكراد لمصيرهم في الصراع مع تركيا.
ويكشف المصدر ان الاتصالات التي أجراها الرئيس الحريري مع السفراء الأجانب لم تكن حاسمة، إذ وجد رئيس الحكومة أن هؤلاء السفراء ضائعون ولا يملكون أي حلول عملية وان دورهم يقتصر فقط على إسداء النصائح لا أكثر ولا أقل.
ويعتبر المصدر ان الجيش اللبناني في ظل ما يجري هو في وضع لا يحسد عليه، فالجيش اليوم «مكربج» فمن جهة لا يستطيع ان يترك الوضع سائباً، ومن جهة ثانية، فإنه يحاذر اتخاذ أي قرار قد يؤدي إلى وقوع الدم، وهو العالم بأن وحدته هي من وحدة الشعب وعليه الحؤول دون اهتزازها.
وعندما سئل المصدر الوزاري عن الحلول التي يُمكن ان تخرج لبنان من هذه الأزمة يسارع إلى القول بأن أحداً لا يملك في الوقت الحاضر هذه الحلول، لأن الوضع صعب للغاية واي دعسة ناقصة يُمكن ان تؤدي إلى انزلاق البلاد إلى المجهول وفي ذلك عبر كثيرة ناجمة عن احداث جرت في الجوار اللبناني، وعلى اللبناني الاستفادة من هذه العبر والحؤول دون الوقوع في الحفر مجدداً.