IMLebanon

الحريري «يغسل يديه».. وينتظر «جثة» حزب الله

لم يغادر الرئيس الاسبق للحكومة سعد الحريري «قارب» الرهان على الوقت لاضعاف حزب الله، وبيانه بالامس اعاد الى الاذهان بيانه الشهير حول «مغامرة» حرب تموز، طبعا لم يتغير شيء، فالحريري أختار مجددا «الانتظار» على «ضفة النهر» بانتظار جثة خصمه على حدّ ما تقوله اوساط رفيعة في 8 آذار، لكنه كان يحتاج مجددا الى بيان «يغسل به يديه» من المسؤولية، لكن مع كم كبير من الاخطاء والخطايا، وبحسب اوساط لم يعرف أحد حتى الان عما اذا كان الحريري يسال نفسه عندما قال في بيانه بالامس «هل يصح الصمت وغض النظر عما يجري، بعد الحوادث التي شهدتها جرود بلدة بريتال البقاعية، وعملية التفجير التي استهدفت دورية اسرائيلية في مزارع شبعا بدعوى عدم تعكير الأجواء ووجوب التزام مقتضيات التضامن تجاه أي سلوك في وجه الإرهاب والعدو الإسرائيلي؟وقالت، ليس مهما على الاطلاق معرفة الجهة المقصودة، لكن هل لدى الحريري جواب على هذا السؤال غير الاجابة التي قدمها بنفسه في الجملة التي تليت في البيان المذكور عندما تساءل اذا كان مطلوبا من اللبنانيين جميعاً الاصطفاف في طوابير البصم على كل ما يفعله حزب الله، وتبرير تصرفاته وسياساته؟ وهل لديه اجابات واضحة لجمهوره حول ماهية الخطوات العملية التي ينوي القيام بها لمواجهة ما يعتبره تفردا من قبل حزب الله في قرارات الحرب والسلم؟

طبعا، لا يملك الحريري جوابا على هذه الاسئلة تضيف الاوساط، وبيانه لن يزيد جمهوره الا احباطا بفعل هذا الشعور بالعجز الذي يعممه على انصاره، دون ان يقدم لهم اي حلول عملية يمكن ان تحول شكواه من مجرد «ورقة نعي» الى فعل حقيقي على الارض يمكن ان يؤدي الى اقناع الحزب بمشاركته في الاستراتيجية الوطنية على مختلف المستويات، وليس معروفا ما اذا كان يقصد نفسه عندما قال انه» من دواعي الأسف الشديد، أن هناك من يواصل سياسة دفن الرؤوس في الرمال والإقرار لـ«حزب الله» بحقوق حصرية في إقامة المعسكرات وخوض الحروب بمعزل عن الدولة وحكومتها وجيشها». وسألت هل عندما قرر ان يدخل في شراكة حكومية مع الحزب حصل على وعد بان تطلعه قيادة حزب الله على استراتيجيتها ولم تف بما وعدت به؟ وهل قبوله بحكومة «المصلحة الوطنية» جاء عقب وعد من حزب الله بحل جهازه الامني والعسكري وتغيير مقاربته للاوضاع الداخلية والاقليمية؟ وهل نسي الحريري انه تبرع بتوصيف هذه الشراكة بانها «ربط نزاع» لا اكثر ولا اقل؟ فما الذي تغير؟

اما حديث الحريري عن افساد خيارات حزب الله، للجهود الوطنية في مكافحة الارهاب، فتثير الكثير من علامات الاستفهام، والسؤال برأي تلك الاوساط، يوجه الى الحريري نفسه حول ما قدمه هو من استراتيجية لمواجهة التطرف والارهاب في البلاد، او كيفية مواجهة التكفيريين العابرين للحدود، فهل قدم غير الكلام «التنظيري» وتكرار شعار التمسك بخيار «الاعتدال»؟ هل فتح «ذراعيه» للحزب وقبل بالجلوس على الطاولة للبحث جديا في كيفية مواجهة التطرف في الساحة السنية، ام انه استمر في تبني سياسة ادارة «الظهر» ممنيا النفس بان يضعف الطرفان في المواجهة المفتوحة بينهما ليجني هو ثمار هذه المواجهة؟

الا يواصل العمل على تقديم الخدمات المجانية لهؤلاء المتطرفين من خلال الاصرار على التمسك بشعار «مظلومية» اهل السنة وتقديم المحاضرات العلنية وفي الغرف المغلقة، لتبرير النزعات التكفيرية، والقول انها لم تكن لتنتشر لولا الظلم الذي يتعرض له السنة في العراق وسوريا ولبنان؟ اليس جديرا به الاعتراف بالاخطاء المرتكبة من قبله والاقرار بان رهاناته الخاطئة مسؤولة عن حالة الاحباط السائدة بين جمهوره والتي حولته الى «حاضنة» للتكفيريين؟ هل لدى الحريري جواب واضح عن كيفية حماية القرى اللبنانية الحدودية من مخاطر تلك المجموعات؟ هل لديه بديل عن استراتيجية القوة التي يعتمدها حزب الله للوقوف في وجه هؤلاء؟ هل يمكنه ان يقدم ضمانات وتعهدات الى اهل الجنود المختطفين انهم لن يذبحوا كما ذبح بعض من ابنائهم اذا ما جاءت جحافل هؤلاء القتلة الى قراهم؟ الا يشاهد كيف ترك العالم مسيحيي وايزيدي العراق يذبحون؟ وهل يشاهد كيف يبتز العالم الاكراد للمساعدة في وقف المذبحة في «عين العرب»؟ اذا كان يمون على هؤلاء فليخرج تقول الاوساط الى العلن ليعطي الضمانات المطلوبة، اما اذا كان لا يملك سوى المزايدة على حزب الله خدمة لاجندات اقليمية معروفة، فكان الحري به التزام الصمت، لان كلامه اصدق تعبير عن استنتاجه بان «السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد مجرد صفر على الشمال»، فمن لا يملك استراتيجية للمواجهة ويكتفي «بالنق»، لن يتجاوز حتى «الصفر».

والغريب برأي تلك الاوساط، كيف استنتج الحريري ان حزب الله خرج عن الاجماع الوطني وغلب مصلحته الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية، وتعمد الخروج على الإجماع الوطني، فهل مواجهة التكفيريين لا تحظى باجماع وطني؟ وهل ثمة خلاف على العداء لاسرائيل؟ وهل ثمة من لا يعتبر مزارع شبعا اراض محتلة؟ وهل يحتاج حزب الله الى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لاتخاذ قرار بمواجهة المجموعات المسلحة التي تحاول غزو القرى البقاعية؟ وهل يمكن للبنانيين ان يتخيلوا مكان تموضع هؤلاء اليوم لو ان الحزب انتظر اجماعا وزاريا على خوض المواجهة؟ والاهم من كل ذلك اين لمس الحريري بان «حزب الله يستدرج الجيش والقوى العسكرية الرسمية الى مهمات قتالية وأمنية»هل يقصد معركة عرسال؟ الم يسمع بما قاله قائد الجيش العماد جان قهوجي عن ظروف تلك المواجهة؟ هل سمع ويصر على التشكيك في كلامه؟ الا يعتبر هذا توهينا لمعنويات المؤسسة العسكرية؟ اليس كلامه تضليلا للراي العام الذي بات بمعظمه مدركا لما قدمه مقاتلو الحزب من دعم لوجستي حمى ظهور العسكريين المتروكين في العراء بسبب غياب «المظلة» السياسية التي رفض منحها «التيار الازرق» للجيش لاستكمال مهمته؟

اما اصرار الحريري على تكرار حديثه عن الشراكة الوطنية، فيدعو للعجب، بحسب تلك الاوساط، التي تساءلت عن مضمون هذه الشراكة، فهل يريدها الحريري شراكة على ادارة «الفشل» والاستسلام؟ ام شراكة على كيفية المواجهة؟ فاذا كان سيبقى متمسكا بالاستراتيجية الاولى، فلا يتوقع ان يعود حزب الله الى الوراء، اما اذا كان لديه تصور واضح لكيفية التصدي للمخاطر، فلا شك ان «ابواب» الحزب مفتوحة للتفاهم والاتفاق على قيادة مشتركة للمواجهة. اما البقاء خارج البلاد في اوج المعركة، والتمسك باستراتيجية فارغة شكلا ومضمونا، فهذه وصفة للفشل لن يلتفت اليها حزب الله ولن يقبل بمقاربتها.

اما وصف الحريري لما حصل في مزارع شبعا « بالمغامرة الجديدة والخطوة في المجهول، واعتباره انها لن تضيف الى لبنان اي مصدر من مصادر القوة»، فهذا يؤكد تقول الاوساط في 8 آذار اصرار رئيس تيار المستقبل على انكار الوقائع «… نكاية بالطهارة»، فاذا كانت اسرائيل بقياداتها ومعلقيها قد رات في العملية «رسالة» قوة من حزب الله، كيف يمكن للحريري ان لا يراها كذلك؟ الا يدرك الحريري ان عملية المقاومة تأتي في سياق منع وقوع الحرب لا استدراج اسرائيل اليها؟ الا يعرف جيدا بان المقاومة في ردها على عملية اطلاق النار على الجندي اللبناني وعملية الاختراق الامني في عدلون تسعى لمنع اسرائيل من التمادي في اعتداءاتها؟ الا يدرك هو طبيعة ما تعد له الحكومة الاسرائيلية على الحدود اللبنانية بعد الترتيبات الامنية التي انجزتها على حدود الجولان؟ هل المطلوب ارسال اشارات ضعف او اشارت قوة لمنع تغيير «قواعد اللعبة» في المنطقة؟ اليس مهما في هذا التوقيت افهام اسرائيل ان تقديم تسهيلات لجبهة «النصرة» اذا ما ارادت الاقتراب من شبعا والعرقوب، لن يمر مرور الكرام وستدفع ثمنا باهظا اذا ما تورطت بذلك؟

الحريري مطالب بتقديم الاجوبة لا الاكتفاء بتساؤلات تشكيكية تزيد من حالة الانقسام الوطني، فنحن في خضم حرب لا يمكن ادارتها من «المدرجات» او «مقاعد الاحتياط»، لكن زعيم المستقبل اراد بعد ساعات من كلام ايجابي منسوب الى البطريرك بشارة الراعي التذكير انه لن يمنح حزب الله «الغطاء السني». وهنا «الخبث» في البيان.