IMLebanon

الحريري لن يستغني عن المشنوق

بغض النظر عن تفاصيل ما جرى في سجن رومية في عملية تعذيب بعض الموقوفين الإسلاميين او تفسير الأسباب التي حتمت تسريب الفيلم المصور لاقتحام عناصر المعلومات وطريقة تعاطيهم مع السجناء الموقوفين في هذا التوقيت بالذات في زمن الصوم المبارك لدى الطوائف الإسلامية وربطاً بالأحداث على الساحة الداخلية وما يجري في السلسلة الشرقية من انتصارات يسجلها محور المقاومة بعد طرد التكفيريين من مساحة واسعة من جرود القمون وعرسال، فان ما جرى في رومية بحسب مصادر في 8 آذار، اصاب بالدرجة الاولى تيار المستقبل الذي بدا للوهلة الاولى وكأنه اضاع البوصلة وبدأ ينتفض على نفسه فتعالت الاصوات في مشهد غريب وفريد من قيادات المستقبل تطالب باقالة ومحاسبة وزير الداخلية الذي انهالت عليه كل النعوت والصفات من زملائه في التيار الازرق وفي مقدمهم وزير العدل اشرف ريفي الذي قاد بشكل غير مباشر التحركات الشعبية وأشرف عليها بعدما فتح باب دارته كما يفعل دائماً تضامناً مع قضية الموقوفين الإسلاميين.

إذا بات رأس وزير الداخلية هو المطلوب في الحملة التي أدارها وزير العدل قبل ان يتدخل سعد الحريري للتهدئة والمعالجة قبل ان تفلت الامور من ايدي المستقبل ويطير ربما وزير الداخلية، لكن المفارقة تضيف المصادر، ان حملة المستقبل على وزيره بادلتها 8 آذار بوفاء لوزير الداخلية الذي قاد معركة ضبط سجن رومية والغاء الامارة فيه متهمين ريفي بتحويل السجن الى إمارة مملوءة بالسلاح والتجهيزات الصالحة للانتفاضات والتمرد الذي حصل اكثر من مرة، فيما كان المستقبل يتجه الى التصعيد اكثر ويتحجج وزير العدل بغضب الشارع السني على أداء وزير الداخلية وما جرى في رومية محاولاً التملص من الاتهام بقيادة محور المواجهة ضد زميله في المستقبل.

صحيح انها ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها المشنوق لمثل هذا الموقف ولن تكون الاخيرة تؤكد المصادر اذ يعتبر المشنوق ومحيطه بان ثمة من يحاول احراق اوراقه في الشارع السني وتفشيله امنياً وسياسياً بعدما قطع اشواطاً في الاعتدال وضرب الارهاب والحوار مع الاخصام من التيارات السياسية المغايرة، وإلا كيف يمكن تفسير حملة النواب كباره الذي وصفه بالاسكندر ذو القرنين وخالد الضاهر ووزير العدل ضده التي تتجدد دائماً في قضية الموقوفين في المبنى «د» ومن داخل البيت المستقبلي.

الغوص في خلفيات الهجوم على الداخلية يصعب وضعه في خانة محددة بحسب المصادر خصوصاً ان ثمة تساؤلات كثيرة رافقت تسريب الفيلم المصور للاعتداء على المساجين والعملية الامنية التي نفذت قبل بضعة اشهر، لكن يمكن الحديث عن عملية تصفية حسابات بين بعض الشخصيات في فريق المستقبل المنزعجة من تبدل في استراتيجية عمل المشنوق او تحت ضغط الشارع السني والطرابلسي على خلفية قضية الموقوفين الإسلاميين وما يحصل في سجن رومية، وحيث يتهمه المتشددون في المستقبل بانه يغطي حزب الله وبانه فاتح على حسابه في هذا المجال.

والواضح بأن ما جرى في الفيلم المصور بحاجة الى تحقيق ومعاقبة المسؤولين وهذا ما فعله وزير الداخلية إلا انه على صلة بما يحصل في المستقبل ويرتبط بحسابات داخل المستقبل، فالمعروف ان المشنوق كان الاقل تعصباً وتشدداً من زملائه في تيار المستقبل ومن سائر مكونات 14 آذار، وبأن ما فعله ومارسه من انفتاح على حزب الله في الحكومة والتنسيق الامني كان مناقضاً لما يفعله الآخرون من التيار السياسي نفسه للمشنوق، فلم تتحقق امنيات من رغب ومن توقع حصول اصطدام بين وزير المستقبل وفريق 8 آذار وتحديداً حزب الله، اذ اثبت المشنوق من الأشهر الأولى لتوليه الداخلية انه قادر على فرض التوازن بين الجميع مع الأخصام كما المقربين.

ثمة من كان يراقب لدى المستقبل بحذر وتوجس خطوات وزير الداخلية وهو يضرب بحزم وتمرد الموقوفين الخطرين في سجن رومية، وعندما يتأبط الملفات الامنية الحساسة التي تستوجب جلسات مع «امنيي» حزب الله وقياداته المعنية بالملف الامني، وثمة من ينتظر على الكوع «صحوة» وزير الداخلية وانتظامه مجدداً ضمن اوركسترا مواجهة حزب الله وعودة من يعتبره بعض المستقبليين «الإبن الضال» الى حد ما في السياسة، بعدما كان وزير الداخلية لفترات خلت رأس الحربة في 14 آذار والاكثر حقداً وكرهاً لـ8 آذار. لكن كيف سيتعامل المستقبل مع الحدث القضية وهو الذي قرر ضرب الارهاب ومن ثم تراجع ومنع الدخول الى عرسال ومطاردة التكفيريين فيها وها هو ينتقد وزيره على الخطأ علماً ان العملية الأمنية التي نفذت في رومية في السابق لم ترض كل قيادات المستقبل وترك المشنوق يحصد وحده عملية ضبط السجن.

وتؤكد المصادر ان الحريري يسعى الى ضبط الامور وعدم تفاقمها مجدداً لأنه ليس في وارد خسارة إضافية في صفوفه بعد تعليق عضوية الضاهر وهو ليس بوارد الاستغناء عن المشنوق مهما بلغت الانتقادات له، فتعقيدات المشهد الداخلي والارهاب على الابواب التي استدعت تبدلاً في خطابات الجميع واستتبعت كل هذا التحول في خطاب المشنوق ايضاً وانتجت وزيراً للداخلية لا يتبع تياره بالمطلق او الأصوات الشاذة فيه، بل يتناغم مع متطلبات المرحلة الخطيرة وغزوة الارهاب ويتناغم مع الجميع في 8 آذار ويمكن ايضاً الحديث عن توزيع ادوار ربما داخل المستقبل ضروري لتمرير المرحلة.