توقّعت مصادر وزارية مطّلعة، أن لا يبادر الرئيس سعد الحريري الى إعلان ترشيح النائب سليمان فرنجية بشكل رسمي ونهائي الى رئاسة الجمهورية في 14 شباط المقبل، مبدية اعتقادها بأن ما من مواقف سياسية أو تحرّكات قادرة على إحداث أي تغيير في المشهد العام الرئاسي. واعتبرت هذه المصادر أن العناوين الأساسية التي ستتضمّنها كلمة الحريري في 14 شباط المقبل، ستركّز بشكل خاص على الإستحقاق الرئاسي ومعادلة المراوحة والتعطيل، في ضوء المناخ الإقليمي الذي لا يبدو مؤاتياً لتحقيق أي تقدّم على صعيد الملف الرئاسي، وذلك رغم المبادرة التي سبق وأطلقها عبر ترشيح فرنجية، ولو بشكل غير رسمي، بموازاة التوافق بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» على دعم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وانطلقت المصادر الوزارية من هذه المعطيات لتؤكد أن التوقّعات مفتوحة على أكثر من احتمال بالنسبة للواقع الداخلي في فريق 14 آذار، وذلك على الرغم من كل ما يجري الحديث عنه عن اتفاق بين المكوّنات الأساسية على الفصل ما بين الخلاف في الملف الرئاسي والإتفاق على العناوين السيادية والوطنية.
وبالتالي، وتزامناً مع ارتفاع وتيرة الصراع السياسي والعسكري على الساحة السورية، وبروز تجاذبات أميركية ـ روسية حادة من جهة، وخلافات إقليمية حول احتمال تدخل عربي بري من جهة أخرى، فإن هذه المصادر تحدّثت عن توتّر محتمل على الساحة الداخلية، ويبدأ سياسياً ويتطوّر تدريجياً إلى اصطفافات ذات طابع طائفي أولاً، ومذهبي ثانياً، كون أي مؤشر على نضوج ظروف التسوية الداخلية قد بات شبه معدوم، ومن المستحيل توقّع تحقيق أي تقدّم في الحوار الثنائي المستمر بين «حزب الله» و تيار «المستقبل». وعلى هذا الأساس، فقد جزمت المصادر الوزارية نفسها، أن التسوية الرئاسية والسياسية الشاملة قد باتت مجمّدة عند تحدّي الإتفاق ما بين «المستقبل» والحزب حول ترشيح العماد عون وليس أي أمر آخر مهما بلغت أهميته. وأوضحت أن طرح تعديلات سياسية وتوافق على قانون الإنتخاب الجديد، وهو ما بات يعرف بـ«السلة»، لا يعرقل التوافق حول الإنتخابات الرئاسية، بل على العكس، فإن العقدة الأساسية موجودة على طاولة الحوار الثنائي حيث ما زال الفريقان يتبادلان الإتهامات بتقديم التنازلات المتبادلة، ومن دون أن ينجحا في التوصّل إلى هدف مشترك هو الإتفاق على دعم العماد عون وليس غيره لرئاسة الجمهورية. ولم تستبعد هذه المصادر العوامل الإقليمية الحاضرة بقوة في هذه العقدة، لكنها استدركت لافتة إلى أن الممرّ الإلزامي للإنتخابات الرئاسية هو في حارة حريك، وليس في أي موقع آخر داخلي أم دولي أم حتى إقليمي.
من جهة أخرى، وجدت المصادر الوزارية المطّلعة، أن كلمة الحريري في ذكرى 14 شباط، ستحمل أكثر من رسالة مباشرة وغير مباشرة إلى المرشّحين لرئاسة الجمهورية، كما إلى الجهات السياسية التي تدعمهما، ولكن من دون الذهاب إلى نهاية المطاف وتحقيق الهدف المنشود وهو تسهيل إجراء الإنتخابات الرئاسية عبر تأمين النصاب القانوني. وأضافت أن البارز في كلمة الحريري هو تشديده على وحدة صفوف قوى 14 آذار، رغم «غيمة الصيف» التي طغت على علاقة «المستقبل» بـ«القوات اللبنانية» بعد دعمها لترشيح العماد عون. وقالت أن المواقف السياسية التي سُجّلت منذ هذا التحوّل في الموقف القواتي، وقبله منذ «لقاء باريس» بين الحريري وفرنجية، قد أفرزت اصطفافاً طائفياً لم تعرفه الساحة الداخلية منذ سنوات، وبالتالي، فإن التركيز سيكون على مواجهة هذا الإصطفاف والحؤول دون تطوّره إلى أمر واقع داخلي يدفع نحو رسم خارطة سياسية تعزّز التوتّر، وتعيد مشهد الإنقسامات بين الطوائف إلى الواجهة، مع ما يحمله هذا المشهد من أخطار كبرى تهدّد كل الأطراف وليس فريقاً معيّناً فقط.