IMLebanon

الحريري لن ينقلب على عون… «العين لا تعلو فوق الحاجب»

يعطي رئيس الحكومة سعد الحريري هامشاً لعلاقته المتأزّمة مع السعودية، عملا بمقولة «عرف الزعيم مكانه فتمرّد» على ما دلت حالة التضامن معه ولا سيما الطائفة السنية التي بدت في حالة مواجهة للسعودية لأول مرة في تاريخ العلاقة بين الرياض ودار الافتاء اللبناني  كما ان محاولة استيلاد زعيم جديد فشلت،  بمعنى أنه يستطيع أن يعود عن استقالته التي أعلنها من الرياض التي تؤيد هذا الخيار، بهدف «تعرية» العهد الحالي  من «الدرع» السني العربي الذي كان يمثلها حليفها بعد التسوية الرئاسية يومها، وبذلك فإن الحريري لن يتجاوب مع مطلب السعودية بالإستقالة، على ما تقول أوساط رفيعة، حتى يتأمن يوما  إنتقال هادىء الى حكومة مقبلة وفق حسابات لا تؤدّي الى إزعاج رئيس الجمهورية ميشال عون، وأيضاً وفق مقولة «العين لا تعلو فوق الحاجب»، لقناعة زعيم السنة في لبنان بأن رئيس البلاد والزعيم المسيحي في الوقت ذاته «عون» كان له الدور الأساسي أبان الأزمة التي عايشها، لذلك لن يقدم على أي خطوة تشكل إساءة لعون بعدما لمس منه كل العاطفة والعنفوان، والحرص على السيادة، وكرامة رئيس الحكومة.
فإعلان الحريري التريث في تقديم الإستقالة هو أمر قد يطول لأنه على قناعة بأن لا بديل عن الحكومة الحالية، كما أن حزب الله لن يرضخ لشروط السعودية، التي كان لها في السابق سياسات غير ثابتة تجاه لبنان، وفق أوساط رفيعة في المستقبل. وعليه فالرجل يسعى لكسب الوقت مستنداً الى مضمون المواقف الأخيرة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي حدد مدى وفترة وحدود مهام  الإطار العملي العسكري لحزبه، في كل من اليمن، سوريا والعراق، وفق منطق يدل على أن الحزب يتجه تحو تقليص حضوره على أرض الإقليم العربي.

وفي منطق أوساط المستقبل، بأن السياسة التي مارسها الحريري قبل أزمة الإستقالة تهدف للحفاظ على الإستقرار، وهي أبعد من حسابات تجارية ومصالح خاصة كما يعبر رئيس حزب مسيحي في مجالسه او كأن يصنّف توقيعه على مرسوم تعيين السفير اللبناني في سوريا في موازاة مهادنته لحزب الله، يهدف منها الحصول على صفقات في مجال الكهرباء، او الدخول غير المباشر على خطّ الإعمار في سوريا، لكون الحريري يعي جيداً بأن حزب الله، والنظام السوري سيبقيان يتعاطان معه، على أنه من ضمن شبكة السياسة السعودية التي لا يستطيع الخروج  منها.
وحتى صدور إشارة سعودية كما في السابق تعكس  الموقف من الذي يحصل، يبدو أن الحريري لم يقدم على أي خطوة تعاكس النهج الخليجي المتمثل بنوع خاص، بكل من السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين وبنوع عام في قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب، وان بدا عليه محاولة  تظهير  ذاته كزعيم سني لبناني، بإمتداد عربي انه يمتلك هامش في إتخاذ القرار المناسب لإنقاذ البلاد، بعيداً عن الإجراءات الضاغطة التي تمارس عليه، وتمّت «فرملتها» بعد دخول فرنسا ومصر على خطّ إجهاض إندفاعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تجاه كل من إيران وحزب الله، بحيث سيتجه الحريري نحو «تجميل» التسوية الرئاسية، وجعلها أكثر «لبننة» من السابق، بتفاهمه غير المباشر مع حزب الله، عبر كل  من الرئيس عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، بعد إتجاهه لقطع التواصل المباشر مع حزب الله، الذي كان يقوده أحد المقربين إليه من ضمن حلقة تضم وزراء ومسؤولين من حزب الله و8 آذار.
وثمة كلام، لأوساط سياسية رفيعة ، بأن فريق الممانعة لا يهدف لفتح معركة مع السعودية، وجامعة الدول العربية، من شأنها أن تنعكس على الإقتصاد اللبناني، او تؤدي في الوقت ذاته، القرارات العربية، الى إرباك الحريري، معبرةً، الأوساط ذاتها، بنوع من الإنتقاد بأن السعودية التي لديها حلفاء، على غرار الحريري والدكتور سمير جعجع، ليست بحاجة الى أخصام في لبنان، ذلك نتيجة الغموض في سياستهما تجاه بعضهما، وكذلك للضبابية في خيارتهما تجاهها، على ما تدلّ عملية تقاربهما من حزب الله، ولذلك ان حزب الله، لا يسعى لفتح جبهة مع السعودية ترتد سلباً عليه، نتيجة تداعياتها الإقتصادية، وهو ممسّك بثوابته، وبتفاهمه مع عون الذي على أساسه تمّ إنتخابه رئيساً، و هو غير معني بأي أزمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على أساس إستراتيجية حزب الله بقدر ما هو معني في استقرار لبنان.
وجزمت الاوساط بان تحالف عون -الحريري بات ثابتا وليس من السهل نسج تحالفات استراتيجية بهذا الحجم وإسقاطها بسهولة، سيما ان التفاهم الرئاسي الذي حققه الوزير جبران باسيل والسيد نادر الحريري كان مدخلا لإنقاذ البلاد من الفراغ ولقي ترحيبا دوليا، والتوجه لنسفه نتيجة طلب سعودي لا يؤيده رئيس المستقبل لعدم ادخال البلاد في المجهول لا سيما ان السعودية لم تصل في اي ملف إقليمي الى الحل الذي تريده ولذلك فان ما حققته التسوية وفق اوساط محيطة بالحريري يبقى افضل مما سيحصل عليه الحريري اذا ما تحتوي مع المطلب السعودي بالاستقالة او تحسين الشروط مع حزب الله طالما ان اي تعديل دولي -إقليمي في موازين القوى لم يظهر بعد لصالح المحور العربي، فالرياض أعطت الحريري شهرا لحسم الامر ،وهو فضل ان يناقش المطالب في مرحلة التريث بدلا من فترة  الاستقالة ودهاليزها مع عامل أساسي هو ان ولي العهد السعودي يحتسب الأيام ويريد جوابا واضحا من  حليفه الحريري الذي يتصرف كأنه في حل من هذا الواقع.