لا يبدو أن مبادرة حزب « القوات اللبنانية»، لإحداث خرق في جدار أزمة تشكيل الحكومة، قد نجحت في تحقيق هذا الهدف من خلال رمي رئيس الجمهورية ميشال عون الكرة مجدداً في مرمى الرئيس المكلف سعد الحريري، في إعادة للأمور إلى المربع الأول دون بروز معطيات جدية، بإمكانية إحراز أي تقدم في عملية التأليف التي باتت أسيرة الشروط التي تكبل الرئيس المكلف وتجعله عاجزاً لوحده عن تأليف الحكومة، إذا لم تبادر القوى السياسية إلى تقديم تنازلات لمصلحة تسهيل التأليف.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة ل» اللواء»، فإن الرسالة التي حملها إلى الرئيس عون الوزير ملحم رياشي، أراد رئيس « القوات» سمير جعجع من خلالها التأكيد على أن حزبه ليس عقبة أمام تشكيل الحكومة، وأنه مستعد لتقديم تنازلات، وهذا ما حصل بتخليه عن مطلبه الحصول على منصب نائب رئيس الحكومة، إلى قبوله بأربعة حقائب من بينها واحدة سيادية، وهو الأمر الذي لا يزال يلاقي معارضة من جانب رئيس الجمهورية وصهره الوزير جبران باسيل، بدليل إحالة الموضوع إلى الرئيس المكلف الذي كان وما يزال مستعداً لإعطاء « القوات» حقيبة سيادية، لكن في كل مرة كان يواجه برفض من جانب الرئيس عون والوزير باسيل. وبالتالي فإنه ورغم تأكيد رئيس الجمهورية على تشكيل حكومة وحدة، فإن شيئاً لم يتغير، باعتبار أن العراقيل لا زالت نفسها، طالما أن هناك من لا يريد الاعتراف ل»القوات»، بالنتائج التي حققتها في الانتخابات النيابية.
وينقل زوار الرئيس الحريري عنه، استمرار تفاؤله بأن موعد الولادة الحكومية بات قريباً، وأنه لن يشكل إلا حكومة وحدة وطنية، انطلاقاً مما أعلنه عند تكليفه، لأن ظروف البلد لا تتحمل حكومة أكثرية، وهو على نفس الموجة مع الرئيس عون بما يتصل بهذا الموضوع، وحتى لو طال أمد التأليف، فإن هناك قناعة عند الجميع بأن البلد لايتحمل الدخول في مغامرة ما يسمى حكومة أكثرية، تطيح بنتائج الانتخابات وتفتح الباب أمام جولة تأزم سياسي قد ينفجر في أي لحظة ويأخذ لبنان إلى المجهول، سيما وأن القيادات السياسية تماشي الرئيس المكلف في توجهه نحو حكومة جامعة، تحصن الاستقرار وتوحي بالثقة، لكي يتمكن لبنان من مواجهة التحديات التي تنتظره على مختلف المستويات.
وتشير المعلومات إلى أنه، وكما أن البعض يحاول منع « القوات» من تسلم حقيبة سيادية، فإن هذا البعض أيضاً لا يريد إعطاء «الحزب التقدمي الاشتراكي» ثلاثة وزراء، ويصر في المقابل على توزير النائب طلال إرسلان، ما من شأنه أن يطيل عمر الأزمة ويبقي الأبواب موصدة، إلا إذا اقتنع المعرقلون باستحالة الاستجابة لشروطهم، وأن الرئيس المكلف وحده من يشكل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.