IMLebanon

الحريري «الجريح».. يضغط على الجيش لحماية «الخارجين على القانون»!!

تحول لقاء جمع عدد من قيادات 14آذار الى جلسة «رثاء» للحالة السيئة التي وصل اليها هذا التجمع بعد 11 عاماً على انطلاقه، العودة الى الماضي لاكتشاف مكامن الاخطاء لم تكن «الطبق الرئيس» على مائدة النقد الذاتي، وانما السؤال المحير الذي طرحه احد الدبلوماسيين الغربيين الحاضرين «للسهرة» كان الاكثر دلالة بعد ان ساد الصمت المطبق لدى الحاضرين الذين عجزوا عن الاجابة عن فهمهم للاستراتيجية السعودية في «فتح النار» على حزب الله فيما اصابت كل «الطلقات» حلفاءها في لبنان والمنطقة؟

وللدلالة على هذا الواقع المرير، سمع الحاضرون من هذا الدبلوماسي كلاما يفيد بانه استطلع مؤخرا رأي الرئيس الاسبق للحكومة سعد الحريري حول فهمه لطبيعة الحملة السعودية وحدودها، واكتشف انه لا يملك اي معطيات مفيدة حول الامر، وفهم ان ما حصل لم يكن منسقا معه، وهو بدا محرجا جداً عندما لم يستطع تقديم اجابات واضحة لقيادة الجيش حول الهبة العسكرية والاهداف الكامنة وراء وقفها، واحتمالات تراجع المملكة عن هذا الامر، وذهل «الضيف» عندما ادرك ان اولوية الحريري تنصب على «الضغط» على استخبارات الجيش لاطلاق سراح من اطلق النار خلال اطلالته التلفزيونية الاخيرة، او وقف ملاحقة من لم يتم توقيفه، وفهم منه انه لم يتبق لديه من مهمة في بيروت، الا محاولة استعادة شعبيته المفقودة قبل الانتخابات البلدية….

وبحسب الدبلوماسي الغربي فان الاضرار لم تتوقف عند حدود حلفاء السعودية في لبنان، فالرياض، سمحت ايضا لحزب الله بتسديد ضربة موجعة لاسرائيل ، طبعا عن غير قصد، فقرار اعتبار الحزب «تنظيما ارهابيا» فضح «المجتمع» الاسرائيلي واعاد الصراع بين العرب واليهود الى «المربع الاول»، فعندما أعلن الحزبان العضوان في القائمة العربية المشتركة من عرب 48، (الناصريون والشيوعيون) رفضهما قرار دول الخليج ، اصيب المسؤولون الاسرائيليون بالذهول امام موقف مماثل ممن يعتبرونهم «مواطنين» اسرائيليين يعرفون جيدا أن حزب الله هو العدو الأكبر لإسرائيل، وطفت الى السطح اسئلة من نوع اذا لم يكن حزب الله بالنسبة الى هؤلاء منظمة «إرهابية» فما هي المنظمة «الإرهابية»؟ طبعا ليس من الصعب تقدير كيفية تعامل «مواطني الدولة من اليهود» مع هذه التصريحات. ما حصل ساعد على زيادة العداء بين اليهود والعرب، والمستفيد الوحيد طبعا حزب الله الذي يحصد النجاحات دون اي عناء، بل يستفيد من «حماقة» اعدائه…

ان ما تقدم في رأي اوساط في 8 آذار، عبارة عن «تفليسة» سياسية توازي «التفليسة» المالية لمؤسسات «المستقبل» في لبنان والسعودية، وعلى طريقة وزير الداخلية نهاد المشنوق يبقى السؤال «كويس وبعدين»؟ لا جواب واضح عند احد، كل المعطيات تصب في خانة تعزيز موقع حزب الله الداخلي، فالتصعيد الخليجي بلغ ذروته بعد تصنيف الحزب منظمة «ارهابية»، ووقف الهبة المالية، والحديث عن إعداد قوائم بأسماء لبنانيين لابعادهم من دول الخليج، وتبين للجميع انه لا يمكن استثمار هذه الحملة داخليا، الحكومة باقية، الحوار الثنائي بين الحزب «والمستقبل» مستمر، «طاولة الحوار» ضرورة للجميع، فواشنطن وضعت «خطوطا حمراء» امام الرياض ولم تسمح لها بتجاوزها، هز الاستقرار السياسي والامني ممنوع على الساحة اللبنانية، قوة حزب الله يعرفها الجميع، سبق وتم اختبارها، الحلفاء في بيروت غير قادرين على مواكبة التصعيد، قدراتهم محدودة. السعودية اكتشفت متأخرة ان اجراءاتها العقابية التي طالت المؤسسات الامنية، اضعفت حلفاءها، «واجهضت» عودة الحريري الى بيروت، هذا يعني ان البلاد ستبقى اسيرة المراوحة والجمود السياسي، اعتذارات رئيس الحكومة تمام سلام لم تفتح له «ابواب» المملكة، هو لا يملك شيئا ليقدمه، وفي المقابل لا تملك السعودية اي معطيات جديدة تبرر تراجعها عن «العقوبات الجماعية»، ولذلك ثمة مأزق تعاني منه المملكة مع حلفائها، بينما لا يبدو ان حزب الله في موقع ضعف، لا يزال يملك زمام المبادرة في الاستحقاقات الداخلية، ولا يزال قوة يحسب لها حساب على مستوى المنطقة، وهذا يعني ان الحسابات السياسية الداخلية حيال الجلسة الانتخابية الرقم 37 لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 آذار المقبل، لن تتغير، «عداد» الاصوات لن يقدم او يؤخر في موقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي الضغط نحو استكمال النصاب القانوني لن يتحقق، الجمود سيبقى سيد الموقف في الازمة الرئاسية، وسيبقى «الجنرال» عون مرشحا وحيدا حتى يرى هو «عكس ذلك»…

اما من راهن على تبدلات جوهرية ستحدث عقب القرار الروسي بالانسحاب «الجزئي» من سوريا، فسرعان ما اكتشف ان مكاسب الحزب من هذا التدخل كبيرة جداً، والقرار الروسي «احرج» «الخصوم»، واذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حقق من خلال «إخراج» عملية الانسحاب من سوريا على ما يريد من نقل إعلامي، وسجل من خلال اسلوب «الصدمة» الذي يعتبر جزءا من عقيدته السياسية، «هدفا» في «مرمى» الاميركيين ومن معهم من حلفاء في المنطقة، واذا كان القرار الروسي قد ترك العالم يتساءل عما حققته موسكو من تدخلها القصير نسبيا في الحرب، فان ثمة حقائق على الارض يدركها حزب الله وقد لا يدركها الاخرون بحكم تماسه المباشر مع الواقع الميداني في سوريا. وهو في الخلاصة يعتقد ان ما حققه التدخل الروسي اكثر من كاف، والانسحاب «التكتيكي» جاء بعد استكمال «المهمة»، فالحملة الروسية منذ البداية كانت «محدودة» من ناحية ما تريد تحقيقه، العملية ليست على طريقة الأميركيين في العراق تقول الاوساط، النظام بحاجة إلى نوع من العمق الاستراتيجي وهو ما قدمه الروس له، ذهبوا لتعديل ميزان الحرب ونجحوا في ذلك وأي من هذه الأهداف لم يكن بحاجة لشن حرب طويلة ولم تكن أيضا بحاجة لقوة كبيرة لتحقيقها، وقد نجحت موسكو في اعادة «صيانة» الجيش السوري ومكنته من استعادة 400 بلدة وقرية، واعادت تسليحه بما يتناسب مع طبيعة المواجهة، وساهمت في تمكينه من استعادة قوة «الردع»، وقطعت معظم إمدادات المعارضة المسلحة من تركيا، واليوم يبدو وضع الجيش السوري افضل بكثير، بينما تعاني المعارضة المسلحة من مشاكل لوجستية كبيرة، وهذا ما يبقي الجيش السوري في موقف هجومي والمجموعات المسلحة في موقع دفاعي، فاين الضرر الذي لحق بحزب الله، على العكس من ذلك هو يستعيد اليوم زمام المبادرة، ويستعيد زخم دخوله المبكر الذي قلب موازين القوى على الارض، «العبء» تراجع بشكل كبير بوجود وحدات سورية قادرة على القتال، دون ان ننسى المساهمات الايرانية المرتقب ان تزداد في المرحلة المقبلة…

اما في السياسة، فقد اتضح ان الانسحاب لا يهدف الى الضغط على الرئيس بشار الأسد، بل هو جزء من استراتيجية بوتين الذي اكد منذ البداية على الحل الدبلوماسي الذي يحافظ على النظام، والآن لم يعد أحد من القوى المؤثرة، يتحدث عن نهاية الأسد، الا السعوديون، بينما من يعرف ما يدور في كواليس فيينا، يدرك ان المشاركين في العملية السياسية يتعاملون مع واقع بقائه. بوتين «انسحب» وهو يدرك ان الدولة السورية ليست وحدها بل هناك الإيرانيون وحزب الله، يقومون بما يجب ان يقوموا به لاستكمال المهمة. الاهم هو «الرسالة» الواضحة للسعودية واميركا تؤكد الاوساط، بأن موسكو باتت جاهزة للحوار بعد تثبيت النظام السوري، واي تسوية لن تمر بدون الرئيس الاسد، الممر الالزامي هو إنشاء حكومة وحدة وطنية لا انتقالية، حقق بوتين إنجازه في سوريا على حساب التردد الأميركي وسياسات السعودية «المتهورة، الرياض «تتخبط»، حولت الرئيس الحريري من «زعيم» للسنة، الى باحث عن لملمة جمهور «مبعثر»، ولو كان ذلك على حساب شعار «العبور الى الدولة»، يتولى بنفسه مهمة اخراج شباب «متحمس»، بينما هم «خارجون على القانون»، في المقلب الاخر فرض الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نفسه شريكا اساسيا في رسم مستقبل المنطقة، سيحدد الليلة الكثير من معالم المرحلة المقبلة، وعندئذ يصبح السؤال عن اسباب شعور حزب الله بالارتياح.. دون اي معنى؟