Site icon IMLebanon

الحريري يراسل عون: أمهلنا بعض الوقت

بكبسة زر تحوّلت قاعة مجلس الوزراء من «مشروع مشكل» الى «ممرّ آمن» لجلسة حدّد موعدها استثنائيا يوم الاثنين المقبل. مزيد من كسب الوقت تفاديا لتعطيل حكومة يبدو، حتى اللحظة، ان لا عرسال ولا التعيينات الامنية قادرة على تعديل قواعد الاشتباك داخلها.

داخل «تيار المستقبل» ثمّة من يسعى فعلا الى عدم التصادم مع العماد ميشال عون. هذا ما يريده الرئيس سعد الحريري، وهذا ما تلتزم به الأكثرية داخل «البيت الازرق». فقبل ساعات من انعقاد جلسة السرايا وصلت رسالة بالبريد السريع من جانب «تيار المستقبل» الى الرابية مفادها «أمهلونا بعض الوقت، وسنتكلّم في الجلسة المقبلة بالتفصيل بالتعيينات وبمسألة عرسال». هذا ما يفسّر «جلسة الغزل» في السرايا، يوم أمس، والتي كلّلتها تعيينات في مجلس القضاء الاعلى بمباركة عونية.

سفر رئيس الحكومة تمام سلام الى السعودية فرض إرجاء الجلسة الى يوم الاثنين مع بندين حصريّين من خارج جدول الاعمال التقليدي. العونيون يطرحون تساؤلا مباشرا عمّا يمكن ان يستجدّ في الايام المقبلة من تطوّرات قد تدفع بـ «الممانعين» الى تبنّي الطرح المقدّم من جانب عون في ما يخصّ التعيينات الامنية والعسكرية، فيما يبدي هؤلاء هواجس فعلية من مناورات تهدف الى كسب الوقت.

هكذا بعد ان أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» بنيّته طرح ملف قوى الامن الداخلي في جلسة 28 أيار، بما في ذلك رزمة التعيينات في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ومجلس القيادة، تُرِك لمفاوضات ربع الساعة الاخير ان تأخذ مجراها.

عمليا وقبل الخامس من حزيران، موعد إحالة اللواء ابراهيم بصبوص الى التقاعد، سيتاح لمجلس الوزراء الاجتماع مرّتين وما بينهما الجلسة الـ24 لعدّاد الفشل لانتخاب رئيس للجمهورية.

مصدر وثيق الصلة بعون يتكلّم بشيء من الحسم أن وزير الداخلية سيعمد الى طرح تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي في الجلسة المقبلة، حتى تحت سقف الفيتو الذي يضعه عون اعتراضا على عدم بتّ تعيينات قوى الامن الداخلي وقيادة الجيش ضمن رزمة واحدة.

وفيما يرى البعض ان هذا التوجّه يشكّل تماهيا واضحا مع مطلب أساسي ترفعه الرابية وهو عرض ملف التعيينات على طاولة مجلس الوزراء تحاشيا لـ «تهريبة» يوقّع عليها الوزير بمفرده بمعزل عن مجلس الوزراء مجتمعا، فالمصدر نفسه يشير الى ان فريق «تكتل التغيير والإصلاح» استجاب للمهلة المطلوبة لمنح المزيد من الوقت لإنضاج التسوية حول تعيينات متوازنة لا مجتزأة.

أما تعثر التعيين، ما دام بند قيادة الجيش غير مطروح على طاولة السرايا، فسيقود، برأي المصدر نفسه، الى خيارين: إما تأجيل تسريح بصبوص أو تكليف ضابط آخر بمهام المديرية. وبدا لافتا ان في الدائرة العونية الضيقة من يجزم بأن المشنوق لن يلجأ الى خيار التمديد لبصبوص في استنساخ لقرار وزير الدفاع بتأجيل تسريح العماد جان قهوجي، بل سيتمّ تكليف الضابط الأقدم رتبة بتولي مهام المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بالوكالة. يبرز هنا الحرص على عدم استفزاز عون ودفعه الى خيارات قد تؤدي الى قلب الطاولة على رؤوس الجميع.

ووفق المعطيات، فإن الخيار الذي رسا على تكليف العميد محمود عنان (شيعي) على رأس قيادة الدرك خلفا للعميد الياس سعادة، لم يكن منفصلا عن احتمال تعثّر تعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي، وعندها سيصار ليس الى التمديد لبصبوص بل تكليف الضابط الأقدم رتبة في قوى الامن بتسلّم مهام المديرية وهو العميد اميل كيوان (ماروني وبتصرّف الديوان).

هذه «الخلطة» التي لن ترضي بطبيعة الحال العونيين ما دام تعيين قائد جيش جديد ومدير عام لقوى الامن هو على رأس الاولويات، سبقتها محاولة صريحة من جانب الرئيس سعد الحريري عبر موفده الى الرابية النائب السابق غطاس خوري خلال لقائه الاخير مع عون، بتأجيل التصادم المباشر مع «الجنرال».

فخلال هذا الاجتماع، وفق المصدر الوثيق الصلة بعون، فإن خوري، الذي كشف صراحة عن موافقة «تيار المستقبل» على السير بالعميد شامل روكز قائدا للجيش في ايلول المقبل مع ربطها بعبارة «خلّينا نحلّ مسألة الرئاسة»، وصل في محاولته «ترييح» عون الى حدّ التأكيد له أنه إذا انتهت خدمة العميد روكز من دون التوافق على المسألة يمكن اللجوء الى خيار استدعائه من الاحتياط.

وهنا سأله عون عمّا ارتكز عليه ليتقدّم بهذا الاقتراح، فقال خوري «هناك قانون الدفاع وبالإمكان تعديله»، فردّ عليه عون حاسماً «أنا لن أغيّر في قانون الدفاع من أجل شخص، وحتى العميد روكز لا يقبل بذلك».

عمليا، كان خوري يستحضر تجربة تعيين العميد المتقاعد اسكندر غانم قائداً للجيش بعد استدعائه من الاحتياط وفق قانون الدفاع السابق، وذلك إثر مقتل قائد الجيش العماد جان نجيم في تحطّم طوافته في الشمال في تموز 1971، حيث حرص الرئيس سليمان فرنجية يومها على إبقاء المنصب بيد الموارنة متجنّباً أن يؤول الموقع الى الضابط الاعلى رتبة آنذاك (العميد زين مكي).