لا يوجد أيّ عنصر جديد داخلي في الملف الحكومي والتحرّك لا يزال يراوح مكانه، في وقتٍ لا يزال الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري خارج البلد، وينتظر المعنيون الأسبوع المقبل في ظلّ ما يُحكى عن أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيُفعّل مبادرته وتحرّكه. كذلك على الخط الخارجي المرتبط بالحكومة، لا يزال الانتظار سيد الموقف أيضاً، وذلك لتبيان نتيجة الاجتماع الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي، إذ إنّه لو أعطى نتيجة لكانَ الحريري عاد الى لبنان واستُكمل مسار التأليف، بحسب مصادر معنيّة. أمّا إذا أقدم الحريري على الاعتذار فهذا يعني فشل المسعى الأميركي ـ الفرنسي مع الرياض لإشراكها في الحلّ الحكومي اللبناني.
في القصر الجمهوري، هناك تفاؤل حذِر حيال إمكانية حلّ الأزمة الحكومية وإنجاز التأليف بعد أكثر من 8 أشهر من المراوحة. وهذا التفاؤل الحذر مردّه الى عوامل ثلاثة:
– إستمرار سفر الحريري، فكيف يُحكى معه في صيغة أو تسوية أو تعديل لحلّ مسألة التأليف، هل بواسطة الحمام الزاجل؟
– تجاوب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله مع طلب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كان أقلّ من المتوقّع لأنّه رَدّ المبادرة الحكومية الى تحرّك بري الذي لم يعطِ نتيجة في المرة الأولى.
– دخول الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية في روما على الخط. وبالتالي، إذا كان هناك من دخول دولي على الخط الحكومي، فيجب إعطاؤه وقتاً، إذ إنّه لن يعطي نتائج فورية، لأنّ كلّ تحرّك ديبلوماسي يكون بطيئاً عادةً.
هذا إضافة الى أنّ مواقف الأطراف المحلية لم تتغيّر. فصحيح أنّ هناك هدنة أرسَت مناخاً إيجابياً لكنها لم تحرّك شيئاً على الأرض.
وعلى مستوى الاجتماع بين وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنطوني بلينكن ووزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، أخيراً، في روما، ترى مصادر مطّلعة أنّ هناك محاولة واضحة لجذب السعودية الى المشاركة في الحلّ اللبناني، وحتى الآن كانت السعودية سلبيّة ولا تريد أن تتدخّل وهي تضع «فيتو» على الحريري، ولا تريد الدخول في أي حلّ أو صيغة حكومية. وبالتالي، إنّ الذي يُستنتج من الحركة الأميركية ـ الفرنسية هو محاولة لإشراك السعودية في الحلّ على أن يكون دورها محفوظاً، علماً أنّ أكثر من محاولة في الشأن اللبناني الحكومي جَرت مع الرياض ولم تكن موفّقة، إن من الإمارات أو مصر أو روسيا أو حتى فرنسا في مرحلة أولى. فضلاً عن أنّ البيان الذي صدر عن الاجتماع الثلاثي أكد ضرورة تأليف حكومة من دون أن يذكر أن تكون برئاسة الحريري، وهذا مؤشّر مهم، بحسب المصادر نفسها.
وفيما يكثر الحديث عن تَوجُّه الحريري الى الاعتذار عن مهمة تأليف الحكومة، ترى هذه المصادر أنّ الاعتذار إذا حصل يعني أنّ اجتماع روما لم يعطِ النتيجة التي يتوقّعها الفرنسيون والأميركيون.
أمّا بالنسبة الى الحريري، فإنّ الإعتذار هو أحد الخيارات الموضوعة على الطاولة، وهو مطروح منذ فترة لكنّه تريّث في اتخاذه إفساحاً في المجال لمبادرة بري، وهذا الخيار لا يزال مطروحاً الآن، وقد تكون دوافعه ازدادت، لكنّه لم يصل الى لحظة القرار بعد، وفق ما تؤكد مصادر قيادية في تيار «المستقبل».
وفيما يُحكى أنّ البحث عن بديل من الحريري بدأ، تكتفي مصادر القصر الجمهوري بالقول: «إنّ الحريري ما زال الرئيس المكلف وننتظر عودته من الخارج لتفعيل التأليف، أمّا في حال اعتذر فإنّ الأمر الطبيعي هو إجراء استشارات نيابية وتسمية شخصية لتكلّف التأليف».
وتدور بين الأوساط المعنية روايتان عن مسألة اعتذار الحريري:
– الاولى، تقول إنّ قرار الاعتذار اتُخذ ويجري الآن البحث في التوقيت والبديل، ليكون البديل بموافقة الحريري. وإذا اعتذر الحريري فإنه لن يخرج مهزوماً، وسيكون البديل منه بالتفاهم معه. وبالتالي، من المُستبعد أن يأتي رئيس حكومة مثل الرئيس حسان دياب، بل ستُسمّى شخصية يُتّفق عليها مع الحريري ورؤساء الحكومات السابقين والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ومفتي الجمهورية، أي يتفق عليها السنة.
– الثانية، تقول، ان يعتذر الحريري وتُجرى الاستشارات ومن يحظى بالأكثرية يُكلّف. وهذه الرواية مُستبعدة لدى أفرقاء مُطّلعين، إنطلاقاً من أنّ بري لن يقبل بكسر الحريري، فضلاً عن أنّ «حزب الله» يركّز على عدم إثارة أي حساسيات سنية – شيعية.
أمّا في حال لم يعتذر الحريري، ولم تؤلّف الحكومة، فهناك خيارات سيتخذها عون، وهو يعتبر أنّ هناك دوراً لمجلس النواب يجب أن يؤديه، فلا يُمكن ترك البلد يموت. وتقول المصادر القريبة من رئيس الجمهورية: «يجب أن يبرّر الحريري لماذا لا يؤلف ولا يعتذر. ليس معقولاً أن يبقى مسافراً وتاركاً البلد في هذه الحال». وبالنسبة الى الخيارات المطروحة لدى عون فهي من داخل الدستور، ولا يوجد خيارات من خارج الدستور في حساباته، وهذا أمر محسوم، وفق ما تؤكد المصادر نفسها. ومن هذه الخيارات، العودة الى مجلس النواب، أو عمل نيابي معيّن، أو استقالات، ولا شيء محسوماً لدى عون، الى حين أن يُفهَم ماذا سيفعل الحريري.
وما زال عون ينتظر نتائج مبادرة نصرالله بعد أن تجاوب وباسيل معها وأعطياها وقتاً. كذلك لا بد من الانتظار بضعة أيّام لتبيان كيف سيفعّل بري مبادرته، وفق المصادر القريبة من عون. أمّا عن القبول بمبادرة بري مجدداً على رغم اعتبار أنّه «وسيط غير نزيه وطرف»، فتجيب المصادر نفسها: «هناك لمسات نصرالله في الموضوع ووجهة نظره التي شرحها في خطابه الأخير، وهذا قد يعدّل في آلية تحرّك بري».
الخيارات المطروحة لدى عون في حال لم يعتذر الحريري كلّها من داخل الدستور