IMLebanon

الحريري حضّر الأرضية السياسية والشعبية لـ «خروج مُشرّف من التكليف»

 

 

«المعركة» بتسمية البديل ــ «المستقبل»: لهجة باسيل التصالحية والمتعاطفة خبث سياسي

 

لم يعد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري «تكتيكا» سياسيا فقط، فقرار الحريري كما تقول مصادر سياسية، صار واقعا دخل مرحلة الجد والحسم وينتظر الاعلان والموافقة حول تفاصيل محددة فقط، وهذا ما أبلغه الحريري الى نواب «كتلة المستقبل» النيابية الذين التقاهم، حيث وضعهم في صورة خيارات سيتخذها في الساعات القادمة.

 

وفق مصادر نيابية، فان اعتذار الحريري صار حتميا، وتأجّل بانتظار الحصول على ضوء أخضر من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومعرفة مصير سلة الشروط التي وضعها الحريري قبل ان يعلن الانسحاب من التأليف، وتتضمن السلة شروطا محددة تتعلق بالاتفاق على أسماء وزراء لا يستفزون «المستقبل» مع توفر إجماع «مستقبلي» ومن أركان الطائفة السنية.

 

اعتذار الحريري لا بدّ منه كما تقول المصادر لانسداد الأفق الحكومي وفشل التوافق مع العهد والتيار الوطني الحر، الا ان الحريري بقي حريصا ان لا يسبب اعتذاره ارباكا لعلاقته بالثنائي الشيعي، خصوصا ان الرئيس بري في مواجهة سياسية مع فريق بعبدا السياسي، وحيث يحرص الحريري ان لا يتسبّب بالتباس مع الثنائي الشيعي كما حصل عند استقالته الماضية اذ يعتبر بري الإعتذار خسارة شخصية له في مواجهة ثنائي عون – وباسيل.

 

الاعتذار الذي تأجّل كثيرا، إفساحا في المجال لمحاولات رأب العلاقة بين بيت الوسط وبعبدا لم يصل الى نتيجة، وعمليا دخلت الأمور مرحلة احتساب الخاسرين والرابحين من الإعتذار.

 

بالمؤكد ليس رئيس «تيار المستقبل» طرفا منتصرا، الا ان خروجه من المعركة الحكومية مختلف هذه المرة، بعد ان جهّز له الأرضية الشعبية والسياسية، الأهم انه لا يريد ان يبدو خاسرا أمام النائب جبران باسيل، وان كان يعرف ضمنا ان باسيل استطاع الضغط عليه ولم يتنازل حكوميا.

 

عمليا، المعركة انتقلت الى مرحلة تسمية البديل، ومع تأكيد المقربين من «المستقبل» ان الحريري لن يتدخل في التسمية، الا ان أوساطا سياسية بارزة برّرت موقف الحريري بأنه لا يُدرك سلفا ان تكليف بديل لن يغير شروط باسيل المتمسك بالمعايير نفسها ، فالمعضلة المقبلة تتمثل في موافقة رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل على الاسم البديل الذي يسميه المكون السياسي والطائفي للسنة، خصوصا ان أي بديل عن الحريري لن يكون سقفه السياسي أقل منه ، مما يعني العودة الى المربع الأول لخلاف الحريري وعون.

 

عملية «تقريش» الاعتذار في حسابات الربح والخسارة انطلقت قبل فترة بين طرفي النزاع، وبالرغم من اعلان رئيس التيار الوطني الحر ان خروج الحريري ليس انتصارا لفريقه السياسي، وانه يعتبر التيار من أبرز الخاسرين لتغليبه قبل فترة وتفضيلهم التسوية مع الحريري، الا ان اللهجة التصالحية وما أبداه باسيل من تعاطف يخفي، كما يؤكد القريبون من «المستقبل»، خبثا سياسيا ، فضمنا يشعر العونيون ان خروج غريمهم السياسي من حلبة الاشتباك بعد أشهر من التكليف نصرا لفريقهم وانتكاسة لمسيرة الحريري السياسية، بعد ان رفع سقف التحدي في وجه رئيس الجمهورية وفريق بعبدا السياسي فارضا ذاته المرجعية الوحيدة في التأليف.

 

في الشكل لا يعتبر انسحاب الحريري ربحا صافيا لبعبدا والتيار الوطني الحر، لأن حضوره قائم في مجلس الوزراء من خلال الرئيس البديل.

 

انسحاب الحريري يخلق تعاطفا حوله في قلب طائفته ويشد العصب السني حول بيت الوسط ، مما يعطيه رصيد الذهاب الى المعارضة والهروب من تحمّل تبعات الانهيار، ويقف شاهدا على غرق سفينة «التايتنك» اللبنانية من خارج مشهد السلطة، تاركا العهد يواجه الانفجار الاجتماعي وقنبلة رفع الدعم والدمار الشامل.

 

تختلف القراءات لحسابات من يربح ويخسر بعد الاعتذار، الأمر لا يتم تحديده اليوم، لكن بعد أشهر ومع جلاء الصورة واتضاح ما سيحصل على الساحة الداخلية من متغيرات.