Site icon IMLebanon

اعتذار الحريري وارد لكنه يحتاج إلى قرار عربي ودولي لم يؤخذ بعد

 

 

ساعات تفصلنا عن تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود حول تأليف الحكومة

 

 

ساعات قليلة ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في ما خص تأليف الحكومة، فإن تفاهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في لقاء بعبدا اليوم على التوليفة الحكومية التي سيحملها الرئيس الحريري في جيبه، لن يطول انتظار الدخان الأبيض ويتصاعد من القصر الجمهوري ايذاناً بصدور مراسيم الحكومة العتيدة، وان كان لقاء اليوم صورة طبق الأصل عن الاجتماعات المتكررة التي عقدت بين الرئيسين وانتهت الی عدم التفاهم، فنكون أمام مرحلة جديدة وسيناريوهات أقل ما يقال فيها بأنها ستكون مُرّة ومكلفة على لبنان في ظل انفلات سعر صرف الدولار على غاربه من دون أي رادع، والارتفاع المخيف في أسعار المواد الغذائية والذي بات يرهق غالبية الشعب اللبناني.

 

حتى الساعة لا يملك أي طرف معلومات جازمة وحاسمة إلى ما ستنتهي إليه الأمور في ظل الكباش المخيف الدائر بين قصر بعبدا و«بيت الوسط»، وأن المعطيات المستقاة من أكثر من جهة لا توحي بانفراجات على مستوى التأليف في وقت قريب، اللهم الا إذا طرأ أي جديد من شأنه ان يقلب الأمور رأساً على عقب، سيما وان أصواتاً خارجية وخصوصاً أوروبية بدأت ترتفع وتنادي بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة من دون إخفاء الاستياء الذي تكوّن لديهم من أهل القرار في لبنان لجهة عدم التجاوب مع الرغبات الدولية وتمترس كل فريق وراء مواقفه وهو ما يعتبرونه سبباً غير مبرر يؤدي إلى تأجيل ولادة الحكومة. وفي هذا الخصوص كان لافتاً كلام وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرانك ريستر الذي زار بيروت لجهة تأكيده بأن بلاده لن تقبل استمرار الوضع في لبنان على النحو الذي هو عليه، وقد ذهب أبعد من ذلك بكثير من خلال تأكيده بأن العقوبات الأوروبية في طريقها لكي تفرض على المسؤولين الذين يعتبرهم الاتحاد الأوروبي المعرقلين الأساسيين لعملية التأليف.

 

هذا الاهتمام الفرنسي لم يتوقف عند زيارة ريستر لمرفأ بيروت واطلاقه مواقف حادّة باتجاه السلطة اللبنانية التي قال انها لا تحترم التزاماتها في دلالة واضحة على عدم الالتزام بالمبادرة الفرنسية في عملية التأليف والولوج في الإصلاحات المطلوبة للحصول على مساعدات، بل انه استتبع بزيارة قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل للرئيس المكلف وللنائب جبران باسيل اللذين بحث معهما الملف الحكومي، بعد ان كان نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف قد اتصل بباسيل مستعجلاً عملية التأليف.

 

عودة فرنسية إلى لبنان بزخم قوي.. وروسيا تستعجل تشكيل الحكومة

 

هذا الزخم الدبلوماسي تجاه لبنان يعول عليه في إمكانية إعادة وضع عجلة التأليف على السكة، مع ان المؤشرات ما تزال غير مشجعة في ظل رفض الأطراف المعنية بعملية تشكيل الحكومة تقديم أية تنازلات من شأنها ان تقرب المسافات وتوصل ملف التأليف إلى الخواتيم السعيدة.

 

وعن إمكانية ان يقدم الرئيس المكلف اعتذاره عن التأليف مع نهاية هذا الأسبوع قال مصدر وزاري سابق مطلع بشكل واسع على مسار عملية الأخذ والرد بشأن التأليف انه لا يرى ان الرئيس الحريري أخذ قراره بشكل نهائي لجهة الاعتذار، معتبراً ان هذا الموضوع يحتاج إلى موافقة عربية ودولية وهذه الموافقة لم تتم حتى اليوم.

 

وفي تقدير المصدر ان أفق التأليف على المستوى الداخلي ما زال مقفلاً، وان هناك شبه استحالة في توصل الأطراف اللبنانيين إلى تفاهمات تؤدي إلى إزالة العقبات الموجودة امام تشكيل الحكومة، مشدداً على ان أساس العرقلة هو خارجي ولا يمكن ان يختلف اثنان على ذلك، فالبعد الخارجي يطغى على عرقلة ولادة الحكومة على البعد الداخلي الذي يبقى محدوداً مهما بلغ الأمر، معتبراً ان وضع لبنان مرتبط بالملف الإيراني بشكل عام لجهة تمدد إيران في الشرق الأوسط وليس حصراً بالملف النووي، وفي حال حصل اتفاق أميركي – إيراني نتيجة مفاوضات فيينا فإن لبنان سيحصد ايجابيات كثيرة تمكنه من معالجة بعض أزماته.

 

ويسخر المصدر من الذين يرفضون التدويل، ويسأل: ما معنى الزيارات المتكررة للموفدين الدوليين إلى لبنان والبحث في الملف الحكومي والمساعدات، أليس ذلك تدويلاً؟ أليست دعوة غالبية اللبنانيين إلى تأليف الحكومة من روحية المبادة الفرنسية تدويلاً؟ أليس مؤتمر باريس الأوّل والثاني والثالث بشأن لبنان تدويلاً؟ أليس مؤتمر سيدر تدويلاً؟ أليس اهتمام الدول المانحة بلبنان وتحديد حجم مساعدته تدويلاً؟ مشدداً على ان لبنان حالة مدولة دائمة منذ وجوده، معتبراً ان لبنان هو اليوم في حرف التاء من التدويل، وبدلاً من اختلاف اللبنانيين على التدويل الذي هو حاصل منذ ما قبل الاستقلال، لماذا لا يذهبون للاتفاق على كيفية الخروج منه؟

 

وفي رأي المصدر ان الشق الإنساني والاقتصادي في لبنان أخذ شكله النهائي في التدويل وهناك وقائع كثيرة تحصل يومياً تؤكد ذلك، آخرها زيارة السفيرتين الأميركية والفرنسية إلى السعودية.

 

أما على المستوى السياسي فإنه لم يأخذ شكلاً واضحاً بعد، فهل يتم تكليف دولة ما بمتابعة وضع لبنان؟ وهل يعقد مؤتمر دولي تكون قراراته ملزمة للبنان، أم سيكون هناك مؤتمر عربي – دولي قريب من اتفاق الطائف لإعادة النظر بالوضع اللبناني، كل هذا من الممكن ان يتظهر في الأسابيع المقبلة، الا إذا حصلت معجزة وذهبنا في اتجاه التأليف الذي يعتبر المدخل الرئيسي لحل الأزمات الموجودة.