IMLebanon

أين أخطأ وأين أصاب الحريري ؟ … تكلفة الاعتذار شملت الجميع

 

«فعلها «سعد الحريري ونفذ التهديد بالاعتذار من دون ان يلتفت الى الوراء وما خلفه الاعتذار الذي سيرتب تداعيات خطرة على الوضعين الاقتصادي والمالي، وبدأت نتائجه بالظهور مع دخول الدولار المرحلة القريبة من الثلاثينيات وتخطيه العشرينات، اذا استمر الارتفاع بمعدل الألفين يوميا.

 

الخطوة،  كما تقول مصادر سياسية في فريق ٨ آذار، متسرعة ولو انها حصلت بعد التكليف بتسعة أشهر وأضرارها شاملة للجميع ، فليس صحيحا ان سعد الحريري خرج خاسرا من معركة التكليف، كما ليس حقيقيا ان العهد وفريقه السياسي من الرابحين ، فتداعيات الاعتذار ستكون مدمرة ولن تستثني أي فريق ، فليس سهلا ان يتم تكليف بديل لرئاسة الحكومة بعد ان وضع الحريري لاءات ثلاث على عدم تسمية اسم ، و»لا» ثانية لمنح الثقة، اضافة الى اعلانه الذهاب الى الانتخابات النيابية بتصعيد لافت ضد حزب الله لم يحدث في الفترة الماضية بعد «الستاتيكو» السياسي الذي حكم علاقة  بيت الوسط وحارة حريك.

 

كان متوقعا ان يؤدي الاعتذار  الى مراكمة المشاكل السياسية وزيادة التوتر، فما بعد تموز ليس كما قبله بين بعبدا وبيت الوسط، كما في علاقة الحريري بالمكونات السياسية الأخرى، حيث كان لافتا التزام غالبية القوى السياسية الصمت او النأي بالنفس عن الدخول الى جانب أي طرف من بعبدا الى بيت الوسط.

 

عين التينة  شملتها عاصفة الاعتذار، فالرئيس نبيه بري أطلق أكثر من مبادرة وتمسك بتكليف الحريري حتى الرمق الأخير، الأمر أقل وطأة على حزب الله الذي كان في أجواء الاعتذار وقام بمحاولات من أجل تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع الحكومي من دون ان يُوفق .

 

من دون شك، ان المسار الحكومي دخل مرحلة معقدة نسبيا، فالحريري ومعه «نادي رؤساء الحكومة» والمجلس الشرعي لن يوافقوا على تكليف شخصية سياسية لا يوافق عليها سعد الحريري،  والرأي العام السني يرفض البديل عن الحريري، وبالتالي فان المشهد كما تقول مصادر سياسية،  حافل بالتناقضات والعقد ، والثنائي الشيعي الذي خذله الحريري بقرار الاعتذار، لا يمكنه ان يسير باسم لا يريده، فتتكرر عندئذ تجربة حسان دياب ، وصار واضحا ان  رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل ذاهبان الى التصفية النهائية للحساب مع بيت الوسط.

 

واذا كان الثنائي رافضا لحكومة اللون الواحد، والحريري يضع العراقيل بعدم التسمية، فان الاشكالية الأخرى، ان حصل تكليف، تتمثل في ان تكليف بديل يسميه  المكون السياسي والديني للطائفة السنية موافق عليها من قبل «المستقبل»،  لن يكون سقفها السياسي أقل من الحريري، مما يعني استمرار المواجهة مع العهد.

 

ايجابيات وسلبيات الخطوة  وانعكاس الاعتذار داخليا  و»تقريشه» في حسابات الربح والخسارة لكل من فريقي بيت الوسط وبعبدا تظهر الفريقين خاسرين بالتساوي،  بالنسبة الى كثيرين، فان  خروج الحريري من معركة الحكومة انتكاسة لمسيرته السياسية وانتصار  للعهد بعد جولات طويلة من حروب التصفية والالغاء بينهم، خصوصا ان رئيس «تيار المستقبل» رفع سقف التحدي في وجه رئيس الجمهورية وفريق بعبدا السياسي فارضا ذاته المرجعية الوحيدة في التأليف على قاعدة «أنا من يؤلف او لا أحد «، مما تسبب بأكثر من أزمة وجولة اشتباك ، من هذا المنطلق يعتبر الاعتذار انتكاسة للحريري الذي رفع سقف شروطه وتمسك بمعادلة «اعتذاري مقابل استقالة ميشال عون» في مرحلة معينة.

 

بالمقابل، يعتبر فريق آخر ان الاعتذار ساهم في شد العصب السني حول بيت الوسط المتضامن مع زعيمه، بدليل مواقف مرجعيات الطائفة وحركة الشارع.

 

سعد الحريري تموضع في موقع المعارضة متفرجا على الانهيار  وغرق «التايتنك» اللبنانية من خارج مشهد السلطة، حيث يواجه العهد الانفجار الاجتماعي  وقنبلة رفع الدعم والانهيار المالي والاقتصادي. خطة  رئيس «تيار المستقبل» تقتضي اليوم  لمّ شمل الطائفة  وتأليب الشارع السني تحت عنوان الاستهداف السياسي للسنة لتثبيت مقولة  ان اعتذار الحريري لن يكون مكلفا له وحده وان التكلفة ستعمّم وتشمل الجميع.