نتذكر يوم استقلت من الحكومة يا دولة الرئيس بعد ثورة 17 ت عام 2019 استجابة لطلب الثوار إذ كان هناك وجهتا نظر، بالنسبة للاستقالة.
الأولى تقول إنّك إنسان صادق مع نفسك، وصادق مع أهلك، تكره الكذابين واللصوص.
الثانية تقول إنّه كان يجب عليك أن «تطوّل» بالك لأنّ الثورة جاءت ضد شركائك في الحكم لا ضدّك، بالرغم من الشعار المطروح «كُلّن» يعني «كلّن».
في الحقيقة انه باستقالتك فتحت المجال أمام تشكيل حكومة شكّلها الصهر العزيز، مع «الحزب العظيم» وفق مخطط على رأسه القضاء على القطاع المصرفي الذي يعتبرونه العدو الأول والأكبر ضدهم، بالإضافة الى القضاء على النظام الاقتصادي والتجاري الحرّ ليصبح لبنان كسوريا والعراق وإيران، أي صاحب اقتصاد شيوعي متخلف، كما هي الحالة في البلاد الاشتراكية أو بالأحرى الشيوعية، وللأسف بدل أن تقف الدول العربية الى جانبك وإلى جانب لبنان، تخلّت عنّا تحت نظرية سخيفة تقول إنّ دعم لبنان يذهب الى «الحزب العظيم» وهذا ليس حقيقياً، بل الصحيح ان جزءاً بسيطاً يذهب للحزب وطبعاً ذلك ضمن الدورة الاقتصادية، لكن 90% منه يذهب الى الشعب اللبناني الذي يعتز ويفتخر بعروبته ويرفض المشروع الفارسي.
أما الحقيقة الثانية فهي انه لولا استقالة الرئيس الحريري، لما استطاع الصهر و»زبانيته» والحكومة التي شكلوها برئاسة دياب رفض تسديد المصرف المركزي لليورو بوند، ولما سقط القطاع المصرفي، هذا السقوط الاجباري خصوصاً وأنه بدل أن تتفاهم الدولة مع أصحاب سندات اليورو بوند على اتفاق لكيفية التسديد، ذهبت الى الجحيم، أي الى رفض أي اتصال مع أصحاب السندات…
من ناحية ثانية فمثلك كمثل رئيس الجمهورية، منتخب من المجلس النيابي الكريم، وتزيد عليه انك منتخب مرتين الأولى، عند الاستشارات والثانية عند الرسالة التي بعث بها من يعتبر نفسه أذكى وأدهى من كل العالم. هذا الجالس في قصر بعبدا والذي يعيش عقدة القصور، إذ عندما عُيّـن في المرة الأولى رئيساً للحكومة العسكرية رفض أن يترك القصر إلاّ بالبيجاما هرباً الى السفارة الفرنسية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على انه يقول شيئاً ويفعل عكسه.
بالعودة الى المجلس النيابي هذا تأكيد ثانٍ على ان الرسالة هي إثبات أكيد على الغباء، ففي المرة الأولى عندما ذهب الجنرال الى قصر عين التينة وطلب من دولة الرئيس بري أن يؤيّده في انتخابات الرئاسة فكان الجواب ان الرئيس بري كان صادقاً مع الجنرال، حين رفض أن ينتخبه قائلاً لن أنتخب رئيسين: أنت وصهرك…
والمرة الثانية كما ذكرنا، الرسالة التي وجهها الى المجلس النيابي يشكو فيها ان الرئيس الحريري لا يريد أن يشاركه في التأليف، ويريد أن يختار هو الوزراء المسيحيين. فللعلم يا فخامة الرئيس ان الرئيس الحريري زارك 18 مرة خلال 7 أشهر ووضع لائحة بأسماء الوزراء وأسماء الوزارات، وأنت تنكر ذلك، حتى اضطر بعد ادعائك بأنه يكذب الى فضح الأمر، وأرسلت له رسالة إحضار مع درّاج… وهذا ما لم يحدث في التاريخ بين رئيس جمهورية ورئيس حكومة مكلف فكان تصرّفك غير لائق، لا يليق برئيس جمهورية في بلاد الماو ماو لكن الرئيس الحريري تصرّف كما يتصرّف أبناء «العائلات الكريمة» الذين يقدّرون التصرفات المحترمة، وصعد الى قصر بعبدا واجتمع بك بالرغم من معرفته بأنك أصبحت أسيراً لصهرك العزيز، واضطر الى التصريح في القصر، وإلى عرض لائحة حكومته كنت تنكرها، وتدّعي انه لم يسلمك أية تشكيلة حكومية، وهذا يؤكد صدق الرئيس الحريري وأنك كما قلنا تابع لصهرك وتهرب من الحقيقة.
بالعودة الى المجلس النيابي، لقد تلقيت أكبر صفعة في التاريخ حين عاد المجلس وأكد على إعادة تكليف الرئيس الحريري بتشكيل حكومة، وفضح موقفك بالانقلاب على «الطائف».
نعود الى موضوع تفكير الحريري بالاعتذار فنقول له: إنّ هذه جريمة كبرى لن يسامحك عليها شعبك خصوصاً وأنك تكون بذلك قد سهلت لرئيس الجمهورية الذي يعمل ويرغب منذ اليوم الاول بإلغاء اتفاق الطائف، والإطاحة بالاتفاق المذكور.
من ناحية أخرى، ان موضوع الاستقالة اصبح حراماً بعدما قرّر سماحة المفتي ومعه المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ومعهم أيضاً رؤساء الحكومات السابقين والأهم المواطن اللبناني الذي يقدّر الفرق بين نزاهتك وإخلاصك وبين الذي باع البلد الى الفرس.
والأهم انك ومنذ 3 سنوات استطعت من خلال العلاقات الطيّبة التي تربطك بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الدعوة الى مؤتمر دولي من أجل دعم لبنان. وهكذا انعقد في باريس مؤتمر دولي بمشاركة 40 دولة ومنظمة عالمية من أصدقاء لبنان من أجل دعم الوطن وتقرّر أن يخصّصوا (12) مليار دولار من أجل مشاريع لإنقاذ الاقتصاد، بدءاً بالكهرباء وغيرها، ومن أجل ذلك أوصى المؤتمر بجملة طلبات للاصلاح الاداري والمالي وبعض القوانين التي تعطي الاطمئنان للجهات الداعمة، ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا وبالرغم من انك بذلت جهوداً جبارة من أجل الإنقاذ، وكنت في كل محاولة تصطدم بمعارضة الصهر وشروطه المستحيلة، وعلى سبيل المثال انه يعتبر ان الاموال يجب أن يصرفها هو كما يشاء بينما الدول وضعت الشرط الاول بأنّ عملية المال تبقى بيد الشركة أو الدولة التي تريد ان تساهم في إنشاء معمل أو مصنع أو أي عمل لإنقاذ لبنان.
إني أعلم علم اليقين، أنّ نيّتك الصافية هي إنقاذ بلدك بينما همّهم «جيوبهم» ومصالحهم وحب الكراسي.
أجلس يا دولة الرئيس في قصرك والفرج سيأتي لا محالة والأيام القادمة ستثبت لك ذلك.