IMLebanon

اعتراض سياسي شعبي على الاعتذار

 

لم يلق موقف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري امكانية سلوك خيار الاعتذار عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد تعثر مهمته جراء العرقلة المتعمدة من الفريق الرئاسي، حفاظا على مصلحة البلد ولوقف مسار الانحدار الحاصل حاليا، قبولا لدى كثيرين، من العامة والسياسيين، بعضهم داعم للرئيس المكلف حتى النهاية في مهمته كرئيس مجلس النواب نبيه بري والبعض الاخر لم يدعم تسميته لرئاسة الحكومة، لأنهم يعولون عليه ويعتبرونه الشخص المناسب والموثوق محليا ودوليا لترؤس حكومة انقاذ تتولى المباشرة بحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان حاليا.

 

واتت ردة فعل المجلس الشرعي الإسلامي الاعلى بمكوناته وبما يمثله دينيا وشعبيا، رفضا لهذا القرار لتزيد من صعوبة تنفيذه، وكان لها ابلغ الاثر لفرملة إتخاذ قرار على هذا المستوى حاليا على الاقل، باعتبار ان مبررات اتخاذ مثل هذا الموقف ليست مقنعة ولا في محلها ولن تؤدي إلى حل الأزمة ووقف الانهيار بل ستزيد من تفاقمها ومضاعفاتها السلبية،لان المتسبب الرئيس للازمة واستمرار المشكل هو التصرف المتهور والمعطل لكل مبادرات ومساعي تشكيل الحكومة فريق رئيس الجمهورية وليس الرئيس المكلف كما يعرف القاصي والداني ذلك. ولعل ابلغ مثال في تبريرها لهذا الرفض، هو عندما اعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة قبل تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة المستقيلة التي كان للفريق الرئاسي الموهوب اليد الطولى بتشكيلها والهيمنة على سياستها، لم تستطع انتشال لبنان من ازمتة، بل تسببت بتفريخ المزيد من المشاكل والازمات التي يعيشها اللبنانيون حاليا، ماليا واقتصاديا بفعل القرارات الخاطئة والمدمرة للعهد وفي مقدمتها رفض ايفاء الدولة لمستحقات سندات اليوروبوند، وما تسبب به هذا القرار من تدمير سمعة لبنان المالية وانعدام ثقة المجتمع الدولي به، وعجزها عن وضع خطة لمعالجة الأزمة المتعددة الاوجه.

 

ويرتكز الرفض كذلك على سبب مهم واساسي أيضا، وهو تخطي عملية تشكيل الحكومة اللعبة السياسية التقليدية والديمقراطية، كما يجري في الاحوال العادية، لتاخذ منحى الإلغاء السياسي الذي يمتهنه الفريق الرئاسي ويسعى من خلاله الى محاولة اخراج الحريري من معادلة السلطة خلافا لواقع توزيع القوى السياسية في لبنان، الامر الذي يقوي حدة الصراع السياسي الدائر حاليا، ويدفع المؤيدين للرئيس المكلف شعبيا وعلى كل المستويات الى زيادة الدعم والتاييد للاستمرار بمهمة تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة ورفض اي موقف باتجاه الاعتذار عن التشكيل.

 

فهذه الوقائع والمواقف الرافضة على كل المستويات شكلت عامل دعم متجدداً لمهمة الرئيس المكلف، يضاف الى التوصية الصادرة عن المجلس النيابي سابقا، وهي بمجملها تعطيه عامل دعم إضافياً واصرار اًعلى الاستمرار بمهمته انطلاقا من صلاحياته الدستورية، متشبثا اكثر برفض كل البدع ومحاولات الالتفاف على الدستور.

 

في حين ان خيار الاعتذار أصبح محكوما بهذه الوقائع المرسومة،وقد يكون من الصعب تجاوزها من قبل اي رئيس حكومة اخر طامح لتشكيل اي حكومة فيما تبقى من مدة هذا العهد المشؤوم..