تساؤلات كثيرة سبقت زيارة رئيس الحكومة الى السعودية محورها 14 آذار والطلب الذي حكي عنه بان السعودية سوف تتمنى على الحريري ان يعيد احياء فريق 14 آذار وتراوحت بين ما حكي بان السعودية تسعى الى تقريب مكونات هذا الفريق من بعض والدخول على خط الانتخابات النيابية «بالمونة» على الحريري بالانفتاح على القوات وبعض الحلفاء السابقين ممن لم ينقطع التواصل معهم بالكامل، اضافة الى تساؤلات اخرى محورها حزب الله وعلاقة الحريري بفريق 8 آذار من منطلق ان السعودية لا يمكن ان تقبل سيطرة هذا الفريق من خلال الانتخابات النيابية في أيار المقبل، هذه التساؤلات عما جرى الاتفاق عليه في اجتماعات المملكة لن يكشف عنها بسرعة كما لم يكشف سابقا عما حصل مع رئيس الحكومة في 4 تشرين الاول الماضي.
المسلم به ان الحريري وفق اوساط سياسية مطلعة لا يمكن ان يسير في اي «اجندة سعودية» لتلبية اي مطالب تتعارض مع تطلعاته السياسية وثوابته الجديدة التي انجزها مع بعبدا بعد عودته من الاقامة الجبرية في المملكة، وليس واردا في تفكير الحريري وفق اوساط قريبة من المستقبل الانقلاب على احد من الحلفاء الجدد او على اي تفاهمات سياسية او انتخابية، فالعودة الى ما كانت عليه العلاقة مع بعض شخصيات 14 لوصل ما انقطع معها ليس ممكنا اليوم، لكن المستقبل يمارس سياسة التعاطي الايجابي والحفاظ على العلاقة المقبولة حتى مع من أساء الى الحريري في مرحلة سياسية ماضية، وعلى ما يبدو فان العلاقة بين معراب وبيت الوسط قطعت اشواطا من دون ان يحصل اللقاء المباشر بعد بين الحريري وجعجع وهذا ما عمل عليه الوفد السعودي الذي اجرى محادثات سبقت زيارة الحريري اذ خصصت مساحة مهمة من اهتمامات الموفد السعودي لمعالجة هذه النقطة بالذات وقد تبين للفريق السعودي وفق اوساط مطلعة ان علاقة معراب وبيت الوسط شهدت في الوساطات الاخيرة والجلسات الانتخابية تقارباً في الحد المقبول وحيث ان القوات لم يضع «فيتوات» على التفاهم مع القوات حيث يجب في الدوائر التي يوجد فيها تلاق ومصلحة انتخابية.
واذا كان ترتيب العلاقة مع 14 آذار ليس من ضمن الموانع الحريرية ولكن بالمستوى المضبوط ووفق ما يرضي بيت الوسط، فان رئيس الحكومة يبدو وفق الاوساط مرتاحا الى موضوع النأي بالنفس الذي يحكم علاقته بفريق 8 آذار، فيما العلاقة ثابتة ولا تهتز مع رئاسة الجمهورية، فتكوّنت قناعة لدى الحريري بضرورة الاستمرار بالتعاون الايجابي مع رئيس الجمهورية واصبح قراره استراتيجياً في هذه النقطة.
وتقول المعلومات ان الحريري شرح في السعودية ضمانة العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كذلك يبدو ان السعودية تريد ان يكون للحريري علاقة جيدة وطيبة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لكونه قائداً شيعياً معتدلاً اضافة الى كونه رئيس السلطة التشريعية والرقابية اي رئيس مجلس النواب.
وبالعودة الى العلاقة مع الرئيس عون، يبدو ان الحريري لا يفكر ابداً في تقويض علاقته معه خصوصاً وان رئيس الجمهورية وبتأكيد من الحريري ادّى دوراً اساسيا في محطات اساسية الى جانب رئيس الحكومة، عدا ذلك فان الحريري يحضر بعد الانتخابات لمشروع رئاسة الحكومة المقبلة وبالتالي فان الدخول في نزاع سياسي مع 8 آذار لن يكون في محله كما ليس جائزا الاستمرار كثيرا في مخاصمة 14 آذار.
من المرجح وفق الاوساط ان يكون الحريري على مسافة مقبولة من 8 و14 على قاعدة انصاف الحلول، فهو لا يمكن مهما كانت نتائج مباحثاته وترميم وضعه في الرياض ايجابيا، فان الحريري لن يقطع شريان العلاقة مع التيار الوطني الحر وهو يمكن ان يذهب الى شبك تحالفات انتخابية مع القوات في عدد من الدوائر الانتخابية. واذا كان الجانب السعودي وفق الاوساط ابدى حرصا خلال جولته في لبنان ابعاد تهمة التدخل والضلوع في الانتخابات عنها، فان المؤكد ان السعودية تخشى ان يؤدي فرط 14 آذار الى ضياعها انتخابيا، لكن رئيس الحكومة وفق الاوساط لن يبادر الى تغيير ما رسمه انتخابيا على صعيد التحالفات التي صار مؤكدا ان الحريري قام بتوزيع اصواته وتحالفاته مثلما تقتضي مصلحة المستقبل الانتخابية بعدما بات واضحا في الارقام والحسابات الانتخابية ان خسارة المستقبل موثقة بالارقام في ادراج بيت الوسط.
وعليه صار مؤكدا ان زيارة الرياض ولقاءاتها طوت صفحة المئة يوم من الخلاف السياسي مع المملكة لكنها لن ترسم خريطة الطريق التي تلزم الحريري بالسير بموجبها واعتمادها مستقبلا، فلن تحمل تبدلا على مستوى التحالفات السياسية فالتفاهم مع التيار الوطني الحر وبعبدا خط احمر بالنسبة للمستقبل اما التفاهم بينهما انتخابيا فقائم في عدد كبير من الدوائر التي يوجد فيها الفريقان على تماس في الانتخابات، التفاهم مع القوات حاصل ايضا حيث تردد ان بعض التحالفات مع القوات انجزت قبل توجه الحريري الى الرياض وسبقتها حتى لا يقال ان رئيس المستقبل خضع لاملاءات السعودية.
واذا كان ما كتب قد كتب في التحالفات الانتخابية قبل سفر الحريري وعودته وحيث سيتم الاعلان قريبا عما تبقى من تحالفات وحسم في بعض الدوائر، فان رئيس المستقبل الذي وزع تحالفاته بشكل متوازن ووفق مصلحته الانتخابية وبالتفاهم مع حلفائه من محوري التيار والقوات وفي بعض المناطق المشتركة فان رئيس المستقبل قد يلجأ الى خيار الوقوف على الحياد في معركة الشمال الثالثة لتفادي اي احراج في هذه الدائرة المسيحية التي تضم كل حلفائه المسيحيين، فهي دائرة سليمان فرنجية الصديق الدائم لسعد الحريري ودائرة الحليف في الوطني الحر في البترون ودائرة حليفه السابق في معراب، فهل ينأى الحريري بنفسه عن معركة الشمال الاولى تفاديا للاحراج؟