في 28 تشرين الثاني من العام 2017 كتبنا في هذا الهامش تحت عنوان «أزمة المستقبل والقوات اللبنانيّة»، يومها كتبت في هذا الهامش «لا ألتزم الصمت أمام هذه الأزمة (…) ولا أتجاهلها أيضاً لأنّها بلغت مرحلة دقّ أجراس الخطر»، ودعوتُ في هذا المقال تحديداً إلى عقد «لقاءٌ عاجلٌ جداً بين القيادتيْن، بين ركنيْ المعادلة اللبنانيّة السياديّة «سعد ـ سمير»، وأيّ اختلاف في وجهات النّظر قابل للتجاوز والتخطّي لمصلحة لبنان أوّلاً»، الحمد لله، أخيراً انعقد اجتماع رُكْنا معادلة السيادة والاستقلال اللبناني «سعد ـ سمير»، وبقدر ما سيسبّب هذا اللقاء إزعاجاً لكثيرين، سيسبّب أيضاً حال ارتياح عند كثيرين…
مجدداً التحالف السياسي والوطني المتماسك بين ركنيْ سيادة واستقلال لبنان، هو مطلبٌ لبناني ملحّ، معادلة «سعد ـ سمير» تمُثل بالنسبة للبنانيين كثر وأنا منهم ما كان يقوله الرئيس صائب سلام في عزّ الحرب الأهليّة «لبنان بجناحيْه المسيحي والمسلم»، والـ»سين ـ سين» هنا جناحا لبنان، لا كُسِرَ أحدهما.
في عناوين اجتماع الأمس حديث عن دعم «العهد»، لا أحد ضدّ «العهد»، نعم «لبنان محتاج إلى إنطلاقة جديدة وجديّة»، «ليس لدينا متاح في لبنان» برأيي وبرأي الرئيس الحريري، نحن في وضع إقتصادي ومالي ضاغط، ما قاله الدكتور سمير جعجع شديد الدقّة، «ما يجمع تيار المستقبل والقوات اللبنانيّة أكبر بكثير من أن يفرّقهما»، جلّ ما نتمنّاه أن يتخذّ هذا اللقاء «شكلاً سياسيّاً تحالفيّاً»، نحن بحاجة إلى استعادة التحالف السُنّي المعتدل ـ المسيحي المعتدل.
نتمنّى وبإصرار شديد أن تعود العلاقات المستقبليّة ـ القواتيّة إلى أوج عصرها الذهبي، إلى أوج تلك اللحظة «ما بيفرقني عن حلفائي إلا الموت»، لا يملك لبنان ترف الخلاف بين حليفيْن أساسيّين، ما قاله بالأمس رئيس حزب القوات اللبنانيّة عن الحاجة إلى حكومة وجوه جديدة، وصفة طبيّة لإخراج لبنان من أزمته الخانقة، ولكن أمام البازار الذي فتحه النائب جبران باسيل للتمسّك بوزارة الطّاقة، وتمسّك الرئيس نبيه برّي بوزارة المال، سيقودنا إلى إشكاليّة جديدة يتمسّك فيها الفرقاء الباقون بوزاراتهم، وسيكون محبطاً إعادة التركيبة نفسها سواء بوجوه جديدة أم بنفس الوجوه! ولا تبشّر محاصصات التيار الوطني الحرّ والثنائية الشيعيّة، إلا بإبقاء الوضع على ما هو عليه..
نحن كلبنانيين لا نملك سوى الأمل بأن ينسحب لقاء المصارحة والتشاور أمس بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع على كامل العلاقة بين الرجلين «المعادلة»، ما أخشى منه فقط أن يكون هذا اللقاء جاء على أثر تعبير «الحكيم» عن أنّ اتفاق سياسي يجب أن يسبق تسميته من قبل نواب القوات اللبنانيّة رئيساً للحكومة الجديدة، فعلاً أخشى أن يكون الأمر مجرّد لقاء «جسّ النبض» ليس أكثر، لأنّ الخاسر الوحيد هنا سيكون لبنان.
لا نريد أن نعود إلى زمن التشرذم والفرقة، في الماضي كان الاحتلال السوري، واليوم يذكيها الاحتلال الإيراني، والوعي مطلوب والاحتكام إلى الضمير ومصلحة لبنان أولاً وحده يحمينا من أن نكون مجدداً حطباً لها، والسّلام على من يحبّ السلام!