IMLebanon

ولمبادرة الحريري إيجابيات…

لا شك في ان مبادرة الرئيس سعد الحريري، سواء ولدت عنده او تبناها لاحقا، اصطدمت بجدار سميك فرمل انطلاقتها، بل انه صار عثرة امام انجاحها في وقت قريب.

وبغض النظر عن موقف كل طرف منها، الا ان المبادرة في ذاتها تحمل ايجابيات قيمة يمكن التوقف عندها، وانصاف الرجل في ما بادر به، بدل ان تكال له الشتائم، ويرشق بالحجارة، ويتهم ضمنا بالاستسلام للخط السوري في لبنان، اذ شكلت محاولة لكسر حال الجمود والاستسلام لواقع عقد جلسات متتالية من دون نتيجة.

فالمبادرة حركت مياها راكدة، مسببها الاول هم المسيحيون انفسهم الذين لم يتفقوا على اسم مرشح، بل جل ما فعلوه اطلاق النار على المرشحين الذين يمكن اعتبارهم توافقيين، ورفضهم المطلق لمن لا يدور في فلك الاجتماع الخطيئة الذي عقد في بكركي. وهكذا مضت المبادرة وفق ارادتهم، فدفعت بأحدهم الى الواجهة، بعدما احترقت اوراق الاخرين. رئيس حزب “القوات” سمير جعجع جرب حظه بالتصويت، ونال 48 صوتا أهلته لمرحلة مقبلة. العماد ميشال عون قاطع الجلسات كلها مع حلفائه خوفا من انتخاب بديل منه، معنى ذلك انه غير قادر على توفير نصاب قانوني واصوات كافية. والرئيس امين الجميل لم يطرح بشكل جدي الا من الكتائب، علما ان الحزب يدرك تماما انه في هذه المرحلة غير قادر على ايصال مرشحه الى بعبدا.

والمبادرة “الحريرية” التي انعكست سلبا على الحريري في شارعه قبل غيره، وضعت صاحبها في موقع المبادر الى الحل، والمضحي من اجل الخروج من الشغور اولا، ومن حال المراوحة ثانيا، ومن الخطر المحدق بالبلاد والذي يتضاعف كلما طال امد الفراغ ثالثا. واذا كان كثيرون يأخذون عليه سعيه للعودة الى رئاسة الحكومة عبر تلك التسوية، فان الامر حق له كسياسي، ورئيس حزب، ورئيس حكومة سابق قبل كل شيء، والا ماذا يفعل السياسي ان لم يسع الى موقع ودور؟ لكن الحقيقة قد تكون مغايرة، وقد تعلم الحريري من خبرته، ومن مراجعة تاريخ والده في السلطة، وهو يدرك جيدا ان رئاسة الحكومة ليست مركزا ثابتا، وان عملية اسقاطه، او احراجه لإخراجه، ممكنة ومتوقعة في كل حين، ولا ضمانات في عدم حدوث الامر، لان السياسات اللبنانية غالبا ما تكون ترددات لما يحدث في العالم العربي. بذلك يكون الحريري قد ضحى بقبوله النائب سليمان فرنجيه رئيسا رغم كل الشتائم وعبارات التهكم التي كان يكيلها له شخصيا، ولوالده من قبله.

لقد سعى الحريري مرات عدة الى طي صفحة أليمة من الحروب والمعارك الحقيقية والوهمية والتي لا شأن له بها، اذ لم يكن شريكا في اي منها، لكنه غالبا ما واجه فشلا وخيبة اذ ان الستاتيكو القائم والذي يحكم البلاد والعباد يمضي بالوتيرة اياها منذ ما قبل الحرب، وما زال عصيا على التغيير.