على رغم ان كل ما تسرب عن أجواء اللقاء بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ورئيس ” تيار المردة” النائب سليمان فرنجيه، يشي بانسداد أي أفق أمام مبادرة ترشيح فرنجيه للرئاسة، والتي أوحى بها رئيس “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، لا تزال الاوساط القيادية في التيار “المستقبلي” تؤكد أن المبادرة قائمة ولم تسقط. لكن المفارقة انه فيما يرفض الحزب الانجرار وراء اقتراح لا يزال في الإطار الشفوي، يمتنع الحريري عن إضفاء أي جدية على مبادرته عبر طرحها في شكل رسمي وعلني ليتسنى للفريق الآخر أن ينظر إليها بجدية وأن يبني على الشيء مقتضاه.
“لا شيء سيتحرك من الآن حتى نهاية السنة”. هكذا تختصر مراجع بارزة في ” المستقبل” المشهد السياسي للأسابيع القليلة المقبلة، كاشفة عن ان حال المراوحة ستتحكم في الوضع من دون ان تسقط خيار التيار الأزرق المضي في تبني هذا الترشيح. أما الأسباب فتربطها بتعذر وجود خيارات أخرى تخرج البلاد من المأزق الرئاسي.
وتضع مصير المبادرة في ملعب الفريق الآخر، وتقول: “نحن طرحنا خيارا مكلفا على فريقنا السياسي، ونترك الامر له. وهذا يتوقف على نقطتين: أن يقتنع عون بالانسحاب لمصلحة النائب فرنجيه، وأن يقتنع الحزب بالبديل المقترح من عون”. وهذان الأمران يعي “المستقبل” انهما لن يتحققا. لكنه يراهن على الوقت، وهو مدرك انه في خياره هذا، رسم لـ”حزب الله” سقفاً لن يرتضي أقل منه: الاعترف اولا بأن عودة الحريري الى ترؤس الحكومة سيقابلها رئيس من فريق ٨ آذار، وليس أي رئيس، بل الأكثر تصلباً والأكثر قرباً من المحور السوري – الايراني الذي يخوض “المستقبل” حرباً شعواء ضده. والتراجع ثانياً عن مطلب الرئيس التوافقي بعدما اعتبر أن الرئيس التوافقي هو الرئيس الذي يأتي من الفريق الخصم ويحظى بتأييد الفريق المقابل!
ولكن ألا تزال المعطيات التي دفعت الحريري الى تبني ترشيح فرنجيه قائمة، وهي المبنية اساساً على تفاهم سعودي-إيراني بتحييد الملف اللبناني عن الصراع بين رياض وطهران، على ما كشفت المعلومات الواردة من مصادر سياسية رفيعة أفادت أنه لدى الزيارة الاخيرة للمسؤول الايراني علي أكبر ولايتي لبيروت، نقل معلومات عن أن طهران ابلغت الرياض بأنه في ظل الخلافات العميقة التي تحكم العلاقات بين البلدين والتي تتطلب وقتا طويلاً لمعالجتها، فإنه يمكن تحييد الاستحقاق الرئاسي وفصله عن اجندة الخلافات بما يطمئن الغرب حيال الموقع المسيحي الأول في لبنان والمنطقة.
تؤكد المصادر السياسية عينها هذه المعلومات، لكنها لا ترى جدية في التنفيذ، ولا سيما من خلال قراءتها لواقعة وقف محطة “المنار” عن البث على “عربسات”، وتعثر التسوية الرئاسية التي لا يزال يقف في وجهها “حزب الله”. وعليه، لا تستبعد المصادر ان تنسحب حال المراوحة والمراوغة، وفق تعبيرها، على الوضع الحكومي الذي دخل عمليا مرحلة تصريف الأعمال القسري، من دون ان تستبعد كذلك ان يلجأ رئيس الحكومة الى تنفيذ تهديده بالاستقالة إذا ظل الوضع على ما هو.