Site icon IMLebanon

زعامة الحريري صناعة لبنانيّة من محبّة النّاس

 

إنتهت الانتخابات النيابيّة اللبنانيّة بانتهاء إحدى جولات نزاع الحريريّة السياسيّة مع المشروع الصفوي الإيراني، بانتخاب كتلة نيابيّة وطنيّة حريريّة وازنة من عشرين نائباً برئاسة سعد الحريري لتبدأ مرحلة جديدة من المنازلة المستمرّة مع هذا المشروع الّتي كانت بدأت منذ تسعينات القرن الماضي ومستمرّة الى أن يتوقّف هذا المشروع المذهبي الفارسي عند الحدود الجغرافيّة لإيران، وكأنّ الحريريّة تقاتل عن العرب سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً على السّاحة اللبنانيّة.

خاض الحريري معركته الانتخابيّة الأخيرة في بيروت وكافة المناطق، معتمداً على الله تعالى، وعلى محبّة النّاس الطيّبين بلا مال سياسي أو دعم اقليمي أو دولي، وحده تصدّى للمشهد السياسي معرّضاً نفسه وفريقه للخطر الأمني، متجوّلاً بين النّاس محتضناً اطفالهم ومقبّلاً رؤوس كبارهم قائلاً أنّه منهم ولهم، لم يوزّع الأموال، كما فعل كثيرون، ولم يجنّد الشبابَ للقتال على السّاحات العربيّة والدوليّة خدمةً لمشروع إقليمي يحلم بإقامة امبراطوريّة لا ولن تعود، وحتّى إنّ اللقاءات والمهرجانات الانتخابيّة الّتي كانت تُقام لاستقباله في المناطق اللبنانيّة كانت على نفقة النّاس الطيّبين الّذين أحبوه بصدق كما أحبهم وفرحوا بعفويّته وصدقه مع نفسه ومع النّاس ومحبته لهم، في الوقت الّذي خاض المشروع الصفوي الإيراني معركته السياسيّة بأذرعه العسكريّة والمالية والإعلاميّة المنتشرة في لبنان، فشكّل في بيروت لوائح متعدّدة لمواجهة الحريري بحصاره لكسره، وهكذا فعل في أكثر المناطق الّتي تتشكّل فيها بيئة الحريريّة السياسيّة بالترغيب أو الترهيب وبتقديم النصائح والدعم لاختراق الساحة الإسلاميّة والوطنيّة للحريريّة السياسيّة.

نجح المشروع الإيراني في بعض الساحات بانتخاب نوّاب من المسلمين السنّة موالين له، وأخفق في أمكنة وساحات أخرى، ولا زالت المعركة السياسيّة مستمرّةً لإقصاء الحريري عن المشهد السياسي من خلال الإيحاء الى بعض الموالين لـ»حزب الله» على السّاحة الاسلاميّة لتشكيل تجمّع أو تكتّل سياسي ليتقدّم المشهد السياسي على رأس السلطة التنفيذيّة متسلّحاً بكتلة نيابيّة مهمّة للثنائي الشيعي وحلفائه من قوى 8 آذار، فهل تصمد التسوية السياسيّة مع رئيس الجمهوريّة ميشال عون؟

وتتناغم مع هذه التسوية كتلة نوّاب «التيّار الوطني الحر» ونوّاب «القوّات اللبنانيّة» وبعض الكتل الأخرى لإنقاذ لبنان من المشروع الفارسي؟ أم أنّ إيران وحرسها الثوري ستتعامل مع السّاحة اللبنانيّة كتعاملهما مع ولاية العراق الفارسيّة من خلال «حشدها الشعبي»؟ فتفرض رئيس الحكومة الّذي يحقّق مصالح المشروع الصفوي الفارسي مرحلياً أو استراتيجياً؟

وهل في المسيرات الدرّاجة، والأعلام الصفراء الّتي رفعت في شوارع بيروت، والشعارات المذهبيّة الّتي رافقتها بالتغييرات الديموغرافيّة للعاصمة يمكن أن تشير الى أنّ مشروع ولاية الفقيه ما زال يحلم بالسيطرة السياسيّة والديمغرافيّة والعسكريّة على لبنان وعلى فرض شروطه على صنّاع القرار الوطني في لبنان؟

صحيح أنّ الحريري استطاع أن يخرج من الانتخابات بكتلة نيابيّة لا بأس بها وبزعامة شعبيّة صنعت في لبنان من محبّة النّاس وثقتهم به، لكنّ الصحيح أيضاً هو أنّ على العرب رغم مشكلاتهم أن لا يتركوا السّاحة اللبنانيّة فريسة لهوس مشروع ولاية الفقيه الّذي ما دخل بلداً إلّا ومزّقه وما عبر الى مجتمع إلّا وفرّقه.

من المؤكّد أنّ اللبنانييّن يتحمّلون مسؤوليّة كبرى في الحفاظ على وطنهم بعدم انحيازه الى هنا أو هناك، غير أنّ السّاحة اللبنانيّة الّتي تتنازعها القوى الإقليميّة والدوليّة تستدعي موقفاً إسلامياً وطنياً جامعاً ودعماً عربياً ودولياً صادقاً لكي لا تصبح بيروت ومعها لبنان ولايةً إيرانيّة بامتياز وحديقة خلفيّة تهدّد بها ومنها إيران بلاد العرب والمسلمين، بحجّة الممانعة الحالمة والمقاومة الواهمة والضائعة في ريف دمشق وضواحي بغداد وبين جبال ووهاد صنعاء الّتي تئنّ من القتل والدّمار والدموع والالام.

زعامة الحريري الشعبيّة صنعت في لبنان، والحريريّة السياسيّة تكوّنت بعد مآسي الحروب العبثيّة الّتي استمرت 15عاماً في بيروت وكل لبنان، فهل يتّعظ اللبنانيّون والموالون منهم لإيران ممّا يجرى في دول الجوار العربي من صفقات تحت الطّاولة و فوقها بين المشروع الصفوي الايراني والتحالف الصهيوأميركي؟ أم أنّ بعض القوى السياسيّة في لبنان ما زالت ضحيّة مشروع سياسة لعبة الأمم تساق بإرادتها لتكون وقوداً لحروب الآخرين على الارض العربيّة بحجة تحرير فلسطين وقدسها في الوقت الّتي ما زالت إسرائيل تسعى وتعمل لتهويد الأرض والبشر في فلسطين وما حولها؟.