أعادت عودة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بيروت، تحريك عجلة المشاورات الجارية بشأن تشكيل الحكومة، بالرغم من سفر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى الولايات المتحدة الاميركية، في وقت يزداد الملف الحكومي غموضاً وتعقيداً، بعدما لم تفلح كل الاتصالات التي جرت في إزالة العقبات التي تعترض الولادة الحكومية حتى الان، ووسط سيل من الأسئلة عن أسباب هذه المراوحة من جانب بعض المسؤولين في التعاطي مع الموضوع الحكومي، بدليل أنه ما أن يعود مسؤول إلى البلد في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها، حتى يسافر آخر، فيما اللبنانيون غارقون في بحر من الأزمات، من اتساع رقعة الخلافات بشأن تشكيل الحكومة، إلى أزمة النزوح، إلى غياب الرؤية المطلوبة للحلول الاقتصادية والاجتماعية، إلى العجز الفاضح المثير للكثير من التساؤلات في معالجة ملف النفايات الذي يجثم على صدور اللبنانيين منذ سنوات، إلى الكثير من الملفات الاخرى الضاغطة.
وتكشف لـ«اللواء»، مصادر مواكبة للمشاورات الجارية في ما خَص تأليف الحكومة، أنه ورغم بعض الايجابيات التي استجدت في الأيام القليلة الماضية، على ما قاله الرئيس المكلف من قصر بعبدا، أمس، إلا أن غياب الوزير باسيل عن لبنان لما يقارب الأسبوع أو أكثر، يعكس استمرار المأزق المتصل بالتأليف، بعدما ظهر بوضوح أن الهوة كبيرة بين طروحات الرئيس المكلف ورئيس التيار الوطني الحر، حول مسألة تشكيل الحكومة التي لا يزال يدور حيالها كباش شديد، في ضوء بروز مؤشرات حسية عن سعي الوزير باسيل وفريقه السياسي إلى الامساك بالثلث المعطل، في ظل وجود رفض قاطع من قبل الرئيس الحريري، وهذه حقيقة أصبحت واضحة ولم تعد خافية على أحد، بعد عدم اعتراف رئيس «الوطني الحر» لـ«القوات اللبنانية» بحقها الحصول على أربعة وزراء، وهو ما أبلغه إلى الرئيس المكلف الذي يصر على أن يكون لـ«القوات» أربعة وزراء، انطلاقاً من النتائج التي أفضت إليها الانتخابات النيابية، في الوقت الذي لم يكن رئيس الجمهورية ميشال عون متحمساً كثيراً لمسودات التشكيلات التي عرضها عليه الرئيس الحريري، في الوقت الذي يتوقع أن يحمل معه الرئيس الحريري إلى قصر بعبدا في الأيام القليلة المقبلة، مسودة حكومية جديدة، بانتظار رد الرئيس عون بشأنها.
وتشير المصادر إلى أن انفجار الخلاف بعنف بين رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» والنائب طلال ارسلان زاد العراقيل أمام مساعي التأليف، خاصة وأن رئيس «اللبناني الديمقراطي» قد رفع سقف التحدي عالياً في وجه جنبلاط، وبعث برسالة إلى الرئيس المكلف، مدعوماً من حلفائه في التيار العوني، بأن لا حكومة قريباً إذا لم يكن موجوداً ومن الحصة الدرزية تحديداً، مع أن الرئيس المكلف ليس في وارد إغضاب جنبلاط، لأنه منذ الأساس يتفهم مطالبه، وإذا كان الرئيس عون يريد توزير ارسلان، فليكن ذلك من حصته الرئاسية. والسؤال الذي يطرح، كيف سيكون تعامل الرئيس الحريري مع تحدي ارسلان الذي يحاول فرض نفسه في التشكيلة العتيدة؟ وبماذا سيرد النائب السابق جنبلاط بعد هذا الهجوم غير المسبوق الذي تعرض إليه من خصمه اللدود؟ وما انعكاسات هذه المواجهة المفتوحة بينهما على صعيد « البيت الدرزي»؟، وإن كانت وساطات تحركت في الساعات الماضية لرأب الصدع بين خلدة والمختارة.
المصادر نفسها تؤكد أن العقبات داخلية وليست خارجية، متهمة المعرقلين وهم معروفون، بالترويج لوجود ضغوطات خارجية على الرئيس المكلف، لرفع مسؤولية التعطيل عنهم، سعياً لإيجاد الظروف والمبررات التي تسمح لهم بتحقيق ما يريدونه، من خلال الحصول على الأكثرية في الحكومة الجديدة والإمساك بقرارها.