IMLebanon

فتور في علاقة الحريري مع باريس… ومودّة مع موسكو

 

علم أن النصائح الإقليمية والدولية لعبت دورها في ثني الرئيس سعد الحريري عن الترشّح للإنتخابات النيابية المقبلة، وكذلك تعليق مسيرته السياسية، بحيث يجري الحديث في هذا السياق، أن الروس قد يكونون من أكثر الذين يتواصلون مع الحريري، خصوصاً بعد تراجع علاقته مع الفرنسيين، على الرغم من الصداقة المتينة التي ربطته بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وينقل هنا، بأن سبب الفتور الذي اعترى علاقته مع ماكرون يعود في الدرجة الأولى إلى التقارب بين الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن ثم إصرار ماكرون على ولي العهد محمد بن سلمان، أن يحادث ميقاتي وهذا ما حصل، على الرغم من عدم حماسة ولي العهد السعودي لذلك، إضافة إلى أن ثمة أجواء بأن الرئيس الفرنسي، لم يبدِ أي اهتمام أيضاً لدى استقالة الحريري من الحكومة، بحيث شعر بأن الفرنسيين غير مكترثين أو مهتمين لكل ما سبق وأثاره معهم، بل انفتحوا على العهد وحلفائه وكانوا إلى جانبه، الأمر الذي ترك استياءً لدى الحريري.

 

من هذا المنطلق، لوحظ أن موسكو كانت من أكثر الداعمين لصديقها رئيس «تيارالمستقبل»، وينقل وفق معلومات مؤكدة، أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، كان في صدد زيارة أبو ظبي للقاء الحريري من أجل إقناعه بعدم تعليق مسيرته السياسية، وحضّه على الترشّح للإنتخابات النيابية، لكن إصابة المسؤول الروسي بجائحة كورونا حال دون القيام بهذه الزيارة، إنما وصلت للحريري أكثر من رسالة روسية تحمل تمنيات من أجل متابعته عمله السياسي، إلا أن قراره كان حاسماً وحازماً.

 

أما ماذا عن استمرار الدور الروسي باتجاه رئيس الحكومة السابق، فإن المعطيات تشير إلى أن الروس يدركون أن الحريري يشكل حالة اعتدالية، وهم بحاجة ماسة ليكون هناك مرجعية سياسية تمثيلية نهجها الإعتدال، ومن هذا المنطلق جاء التواصل بين بوغدانوف والحريري منذ أيام قليلة، وتم خلاله التأكيد على ضرورة استمرار العلاقة بينهما، ومن ثم أكد بوغدانوف على مخاوفه وقلقه لما يحيط بلبنان من مخاطر في هذه المرحلة، ولهذه الغاية عاد وأبدى رغبته بأن يتابع الحريري، وفي أقرب وقت لمسيرته السياسية، وأكد أن موسكو إلى جانبه وهي مستعدة لاستقباله في أي توقيت يريده، وأبدى الحريري بدوره كل التقدير للدور الروسي واعدا بزيارة موسكو في وقت ليس ببعيد.

 

ويبقى أن إشارة الحريري خلال لقائه بنواب كتلته منذ يومين، ونصيحته لهم بعدم الترشّح إنما يعود إلى خطورة الوضع في لبنان والمنطقة، وعلى هذه الخلفية، فإن الإتصال الهاتفي المطوّل بينه وبين بوغدانوف، هو بدوره للتأكيد على قلق موسكو لما يجري في لبنان من تطورات وأحداث تشكل منحىً مقلقاً لدى الروس.

 

أما بالنسبة لما دفع بالحريري إلى تعليق مسيرته وعزوفه عن خوض الإنتخابات، يعود وبحسب معلومات مؤكدة، إلى ما يملكه من تقاطع معلومات دولية دفعته في هذه المرحلة إلى التنحّي جانباً عن المشاركة في الحياة السياسية، خصوصاً تلميحه لأعضاء تكتّله النيابي، وأعضاء المكتب السياسي في تياره، إلى خطورة الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، وعليه، فإن الحريري باقٍ على موقفه في هذه الظروف، وخلافاً لكل ما أشيع، هو لم يتكلم أو يطلق أي مواقف سياسية خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.