IMLebanon

محادثات الحريري في واشنطن تركز على حماية لبنان من تداعيات الأزمة السورية

محادثات الحريري في واشنطن تركز على حماية لبنان من تداعيات الأزمة السورية 

إظهار مخاطر استمرار الفراغ الرئاسي والتأكيد على فاعلية الدور الأميركي في مساعدة لبنان

 

هدف الرئيس الحريري من زيارة أميركا انصب بشكل أساسي على توفير الدعم المطلوب لتحصين الوضع اللبناني من تداعيات الأزمة السورية

لا شك أن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى واشنطن أتت وسط ظروف معقدة محلياً مع استمرار أزمة الفراغ في رئاسة الجمهورية منذ عام تقريباً بفعل التعطيل المتعمد لانتخابات الرئاسة من قبل «حزب الله» وحليفه النائب ميشال عون خلافاً للدستور ولكل الأعراف السياسية واقليمياً مع مواصلة الحرب الدائرة بسوريا وتداعياتها السلبية على الداخل اللبناني جرّاء مشاركة الحزب بإيعاز من طهران بالقتال إلى جانب نظام الأسد ضد الشعب السوري الثائر ضده وتفاقم المواجهة العربية للتمدد الإيراني في سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن في ضوء صمتٍ وتغاضٍ أميركي مطبق ناجم عن الانشغال باتمام صفقة الاتفاق النووي مع إيران وصولاً حتى قيام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بشن عملية «عاصفة الحزم» بشكل مفاجئ ضد التدخل الإيراني باليمن بعدما لامس تهديد أمن المملكة تحديداً والخليج العربي عموماً، وما أفرزته هذه العملية من متغيرات ووقائع ميدانية جديدة قلبت الحسابات والمطامح الإيرانية رأساً على عقب وأعادت الدور العربي بقوة وفاعلية بالتأثير في مجرى الأحداث، ليس باليمن وحده وإنما في سوريا والمنطقة العربية عموماً.

ماذا حققت زيارة الرئيس الحريري من نتائج؟ أولى نتائج الزيارة إبراز الحضور اللبناني في العاصمة الأميركية بشخص الرئيس الحريري وما يمثله سياسياً وشعبياً واقليمياً بعد غياب ملحوظ لشخصيات رسمية وسياسية على هذا المستوى منذ وقت طويل باستثناء زيارات لوزراء ومسؤولين عاديين، الأمر الذي يدل على المكانة التي يحتلها في سُلَّم اهتمام المسؤولين الأميركيين في هذه المرحلة بالذات، والظروف التي تمر بها المنطقة العربية عموماً وتخصيص حيِّز كبير من الوقت للتباحث حول مختلف الشؤون والأوضاع السائدة، ليس في لبنان وحده وإنما بالمنطقة عموماً.

ثانياً: تركيز الرئيس الحريري على الوضع في لبنان جرّاء استمرار الأزمة السورية والمخاطر المحدقة به بفعل استمرار مشاركة «حزب الله» بالحرب الدائرة على الأراضي السورية، إن كان بسبب استمرار وجود ما يقارب المليون ومائتي ألف لاجئ سوري على أراضيه أو باستجلاب ردّات فعل من قبل تنظيمات مسلحة سورية متطرفة أو عادية رداً على تدخل الحزب بهذه الحرب وتفاعلات هذا الواقع السلبي على الوضع الأمني الهش بالداخل وآثاره الضارة اقتصادياً واجتماعياً والمسؤولية المباشرة للولايات المتحدة كأكبر دولة في العالم للقيام بالجهود المطلوبة والضاغطة لإنهاء الأزمة السورية.

ثالثاً: التأثير السلبي للتعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية على لبنان كدولة وكيان بفعل تعطيل باقي المؤسسات الدستورية وادارات الدول ككل بعدما ظهر بوضوح ان هذا التعطيل من قبل «حزب الله» بقوة السلاح الميليشيوي الذي بحوزته يوظف كورقة مساومة من قبل إيران في صفقة الملف النووي مع الأميركيين والدول العظمى على حساب مصير لبنان ومستقبله وهذا الواقع لا يمكن ان يستمر طويلاً لأنه يعرض لبنان لمخاطر غير محمودة، مشدداً على ضرورة إخراج ملف الانتخابات الرئاسية من ورقة المساومات الإيرانية، وأن تقوم الولايات المتحدة بدور فاعل في مفاوضاتها المتواصلة مع الجانب الإيراني بهذا الاتجاه وهي قادرة على ذلك، لأنه لا يجوز ترك هذا الملف على هذا النحو الذي ينعكس ضرراً على اللبنانيين جميعاً وعلى مستقبل لبنان ووحدته والعيش المشترك فيه.

رابعاً: تلمس منحى السياسة الأميركية ومساراتها بعد إنجاز التوقيع على صفقة الملف النووي الإيراني مستقبلاً وكيفية التعاطي مع الوضع اللبناني خصوصاً والوضع في المنطقة العربية عموماً بعدما لوحظ أن الاهتمام الأميركي، إنحصر بإدارة ملف المفاوضات مع إيران منذ مُـدّة طويلة دون غيره من المسائل والتطورات المستجدة، وغض النظر سياسياً وديبلوماسياً وحتى عسكرياً عن التمدد والتدخل الإيراني إن كان في سوريا أو العراق أو اليمن تجنباً لأي تأثيرات سلبية أو ازعاج للجانب الإيراني كما هو ظاهر، الأمر الذي شجع الإيرانيين على توسيع تدخلهم في أكثر من دولة عربية بلا حسيب أو رقيب، وأدخل المنطقة في أزمات وحروب هدّد أمنها واستقرارها.

وقد أبدى الرئيس الحريري وجة نظره بوضوح وملاحظاته على مؤثرات السياسة الأميركية الحالية على لبنان والمنطقة، لافتاً إلى أن استمرار هذه السياسة على هذا النحو في المرحلة المقبلة يزيد من نشوب الأزمات والحروب ولا بدّ من إعادة تقويم هذا الدور للتأثير إيجاباً في حل الأزمات القادمة.

وباختصار فإن هدف الرئيس الحريري من الزيارة انصب بشكل أساسي على توفير الدعم الأميركي المطلوب لتحصين الوضع اللبناني من تداعيات الأزمة السورية إن كان باستمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني السائد حالياً أو بتوفير مزيد من المساعدات المادية لاغاثة مساعدة العدد الكبير من اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيه قياساً على مساحته وعدد سكانه وموارده الاقتصادية، او من خلال زيادة دعم الجيش اللبناني والمساعدات المقدمة له من الجانب الأميركي وهي اساسية لتمكينه من القيام بالمهمات المنوطة به، وأخيراً زيادة التحرّك الأميركي السياسي الفاعل للمساعدة مع الدول الصديقة والفاعلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لضمان استمرار الدولة ككل.