لا يُطلُّ الرئيس سعد الحريري تلفزيونياً إلا إذا كان لديه شيء يقوله، خصوصاً إذا كانت هذه الإطلالة مع الإعلامي الأستاذ مرسال غانم. فماذا كان عنده ليقوله في الحوار الأخير أول من أمس الخميس؟
الحوار حَبَس الأنفاس من الجينريك إلى الجينريك، تحدّث فيه الرئيس سعد الحريري بنبرة الواثق والقادر على مد اليد، والقول للآخرين بكل جرأة: نحنا هنا في البلد كما أنتم في البلد، فلا أحد بإمكانه أن يلغي الآخر أو أن يُملِي شروطه عليه.
بلغت الجرأة في الحلقة أنها لامست المحظور الذي يندر أن يصل إليه السياسيون في لبنان، قال الرئيس الحريري بكل جرأة وبالفم الملآن: حزب الله يذهب إلى اليمن ويهدد الأمن السعودي ويذهب إلى السعودية ويذهب إلى الكويت وإلى البحرين وإلى الإمارات ويلعب بأمن الإمارات والأمن الخليجي، ماذا تريد من الناس أن تقول عنه؟ عندما يحارب إسرائيل ضد احتلال أراضي لبنانية ، فهذه مقاومة، ولكن ماذا يفعل في سوريا؟ ومن قال له أن يذهب إلى البحرين؟
يذهب الرئيس الحريري أبعد حين يُسأل عن الإجراءات الخليجية ، فيجيب: لا أبرر الإجراءات الخليجية، أنا مواطن لبناني وأتحدث كمواطن لبناني: السعودية وكل الخليج لديهم سيادتهم ومصالحهم وطريقة عملهم، هم يقررون كيفية اتخاذ الإجراءات، لا علاقة لنا نحن، عندما يجدون أنَّ أمنهم يتهدد وتوجد محاولة العبث بالمنطقة في دول مجلس التعاون بالتأكيد سيكون لهم موقف.
بخبرته التي راكمتها الأعوام، بات الرئيس الحريري متمكناً من الجمع بين ما هو مبدئي وما هو براغماتي، لا يندم على خطوة قام بها إذا كانت من أجل المصلحة اللبنانية والمصلحة العربية. يقول في هذا السياق:
أنا وضعت مصلحة اللبنانيين أولاً عام 2010 فذهبتُ إلى سوريا؟ هل كنت أفكر بمصلحة سعد الحريري حينها؟ إذا أردت الكلام عن مصلحة سعد الحريري لما ذهبت إلى سوريا، ذهبت لأجل اللبنانيين، ذهبت لمصلحة الحكومة اللبنانية، لم أذهب لأجل شيء آخر.
يقارب الرئيس الحريري مسألة الرئاسة من باب مصلحة المواطنين اللبنانيين العاديين لا من باب مصالح السياسيين. يُسأل: هناك ٨٦% من اللبنانيين مع العماد عون فيُجيب: ولكن هناك 100% من اللبنانيين يريدون رئيس جمهورية، لذلك يجب علينا أن ننزل إلى مجلس النواب وننتخب رئيس جمهورية. نحن في بلد ديمقراطي، هناك 86 النصاب، إذا وصلنا للنصاب وإذا طلع ميشال عون أو سليمان فرنجيه أو هنري الحلو أو من تريد لهم ميثاقية مجلس النواب، هذا لا يغير شيئاً.
من خلال هذا الحوار، يؤكِّد الرئيس الحريري مرة جديدة أنَّه واثقٌ وقادرٌ. الرئاسة واضحة عنده، والعلاقات العربية أيضاً، فهل في هذا الكلام أوضح من أن يُستَخَدم كأفكار أولية لخطابِ قَسَمْ أو لبيانٍ وزاري؟