Site icon IMLebanon

زيارة الحريري إلى موسكو والرئاسة الأولى هل سمع هناك ما يمكن أن يكون واعداً؟

سرت في الاوساط السياسية في بيروت معلومات تفيد ان موسكو عازمة على توجيه دعوات الى شخصيات لبنانية لزيارتها، وان من ابرز المرشحين لذلك رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون، بهدف البحث في الوضعين الاقليمي والمحلي.

سواء كان الظهور المفاجىء لزعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري في عاصمة القياصرة اخيرا يندرج في سياق كونه اول المدعوين ام انه هو من بادر الى طلب الزيارة واللقاءات وذروتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استباقا لسواه، فان ثمة في الاوساط السياسية في بيروت، وتحديدا في قوى 8 اذار، من يقيم على قراءة مفادها ان زيارة الحريري في هذا التوقيت بالذات الى العاصمة الروسية لها مقاصد عدة ، فهي اولا تقديم “اوراق اعتماد” الى مرحلة مستجدة صارت فيها القيادة الروسية لاعبة اولى وصاحبة الكلمة الفصل في المنطقة منذ ان دخلت الميدان السوري قبل نحو 6 اشهر فارضة تحولات جذرية لمصلحة النظام ومسقطة رهانات ومحيية اخرى.

لم يعد خافيا ان موسكو تقود معركة انتقال سياسي في سوريا يكتنفها الغموض واللبس ، لاسيما ان ثمة اصرارا من جانب خصوم النظام في دمشق فحواه ان اي تسوية سياسية محتملة في هذا البلد ستتضمن ما يفضي الى إبعاد رأس النظام إنفاذا لما صار يعرف بأن الرئيس بشار الاسد لن يكون شريكا في اي عملية انتقال سياسي مرتقبة.

وعليه فالواضح ان المرحلة الراهنة هي مرحلة صراع ارادات حيال هذه المسألة ، خصوصا ان هناك معلومات تقول ان ثمة انقساما في الادارة الروسية حيال عملية الانتقال المنتظرة برمتها وان الحصيلة ستترك انعكاسات على اوضاع الاقليم وفي المقدمة لبنان.

لذا لم يكن غريبا ان الحريري حلَّ في موسكو مع صفوة مستشاريه المقررين ليتقصى مستقبل الوضع وتاليا ليبني على الشيء مقتضاه.

والى الوقوف على حقيقة الموقف الروسي والربط مع ادارة مرجعية تأخذ مكانتها المحورية في المنطقة عموما، فان الحريري يحل ضيفا على ادارة الرئيس فلاديمير بوتين في ذروة الضوء الروسي وفي قمة ازمة المؤسسات في لبنان، ما يشي بأن الرجل يسأل موسكو دورا تساعد فيه في حل ازمة الشغور الرئاسي . لكن العارف بالعقلية العميقة للقيصر الروسي يدرك ان مسألة على هذا المستوى من التعقيد والتشعب تحتاج عند موسكو الى وقت لاعتبارين: الاول ان موسكو على يقين من انه يصعب في المرحلة الراهنة فصم التداخل بين الوضع في سوريا والوضع في لبنان، والثاني انه يصعب على العاصمة الروسية اتخاذ قرار حاسم من دون الرجوع الى مكونات اساسية في لبنان والوقوف على خاطرها.

وعموما فان في اوساط بيروت السياسية من يدرج زيارة الحريري الروسية في خانة الجهود المكثفة التي قرر زعيم “التيار الازرق” ان يشرع بها منذ رشح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الاولى وقرر العودة الى بيروت في 14 شباط الماضي وبدأ يبشر بأن ساعة انتخاب الرئيس مسألة صبر ساعة ليس الا، مطلقا حراكا مكثفا خدمة لهذا الهدف المرتجى.

وعليه فان الحريري وان كان يسبق سواه الى عاصمة القياصرة، فانه في الوقت عينه يبدي استعدادا غير مسبوق لطرق كل الابواب التي يعتقد انها تؤدي الى رئيس يضيء عتمة قصر بعبدا ليكون ذلك مقدمة ليعود هو الى اضواء السرايا الحكومية في وسط بيروت.

لكن السؤال المطروح لدى الاوساط عينها هو: اذا كانت كل محاولات الحريري وجهوده لم تنتج الى الان اي جديد يقرّب الاستحقاق الرئاسي، فهل بالامكان ان يعثر على ضالته المنشودة في موسكو؟

في عُرف قوى 8 اذار ان الحريري يطرق ابوابا ويسلك دروبا ، وهذا من حقه الطبيعي ، وهو الزعيم السياسي الباحث عن استعادة موقع ودور في فضاء متغير، ومن حقه البديهي ايضاً ان يراكم ويؤسس ، ولكنه ما زال يطرق الابواب الخاطئة اذ انه يعرف الابواب التي من شأنها ان تضمن فتح الافاق والفرص امامه ، لكنه يسلك طرقا التفافية على غرار ما فعله لحظة قرر اختيار النائب فرنجية مرشحا للرئاسة عوض العماد عون. والامر نفسه ينطبق على العرض الذي قدمه الحريري الى “حزب الله” تحت سيف العقوبات الخليجية على الحزب وتحت سيف الشروط المسبقة. ففي وقت لم يمر عليه الزمن ذهب بعض اركان “تيار المستقبل” الى باريس طالبا منها ان تضغط على طهران لاقناع “حزب الله” بخيارات معينة في الرئاسة الاولى ، فكان الرد الحاسم من جانبها (طهران) ان الطرف الذي يحل ويربط في هذا الميدان قريب جدا (جغرافياً) من هذا التيار. وغالب الظن لدى 8 اذار ان رد موسكو لا يختلف كثيرا في جوهره عن رد العاصمة الايرانية ، وانه اضافة الى طهران وموسكو ثمة عاصمة اقليمية ثالثة معنية بالموضوع ، فلماذا لايطرق الحريري ابوابها باحثا واياها عن اقصر الطرق المعروفة لملء الشغور الرئاسي.

في أي حال ، اذا كان الحريري يبدي اصرارا على الذهاب الى ابعد العواصم بحثاً عما يساهم في اغلاق ملف الرئاسة الشاغرة منذ نحو عامين ، فان في بيروت مَن بدأ حراكا اعتراضيا عنوانه الكبير التذكير بأنه صاحب الحق الاولى بالوصول الى القصر الرئاسي الشاغر، وهذا تطور ليس سهلاً من الان فصاعدا تجاهله وكأن شيئا لم يكن.