Site icon IMLebanon

زيارة الحريري لموسكو: سياسية.. أم تجارية؟

عن رهان «المستقبل» على انقلاب الموقف الروسي

زيارة الحريري لموسكو: سياسية.. أم تجارية؟

حط سعد الحريري في موسكو، وجلس وجها الى وجه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعرف الحريري تماما انه مع بشار الاسد وحمى نظامه وكسر الهدف السعودي الخليجي الغربي بإسقاطه، لا بل إنه قلب الميزان السوري لمصلحة الاسد.

انتهت زيارة الحريري لروسيا، وصدر عنها كلام عام لم يغص في اعماقها، ولم يكشف ما اذا كانت قد تمت بطلب من الحريري او بناء على طلب الروس، كما لم يوقف محاولات سبر اغوارها لالتقاط السر الكامن خلفها والوقوف على نتائجها الحقيقية.

بديهي القول ان زيارة كهذه، لا تتم ابدا بمعزل عن السعودية وموافقتها. وبديهي ايضا السؤال ماذا حمل الحريري الى روسيا، وماذا حمل من روسيا؟

بعض المجالس الزرقاء تكبر حجر زيارة الحريري الى موسكو، الى حد مقاربتها كحدث استثنائي شديد الأهمية، لها بعد سعودي يتصل بـ «دور ما» للحريري بين روسيا والسعودية، وأيضا لها بعد لبناني داخلي يتصل بما ينتظر لبنان من استحقاقات.

اكثر من ذلك، تتحدث بعض زوايا تلك المجالس عن علاقة مهمة واستراتيجية مع الروس، وتلك الاهمية ستتبدى في الآتي من الايام، والرهان كبير على تغيّر الموقف الروسي حيال المنطقة، وتحديدا سوريا. ويذهب تكبير الحجر الى حد القول: «حتى لو كانت روسيا اليوم تمثل رأس حربة الدعم لبشار الاسد في السياسة والميدان، ففي النهاية سترضخ لمصلحتها، وبالتالي ستصل الى لحظة الحقيقة وفي وقت ليس ببعيد وتسلم بإطاحة الاسد بما يفتح صفحة جديدة في المنطقة».

تلك المقاربة الزرقاء «رخوة»، على ما يصفها مرجع سياسي، كما ان الرهان على تبدل الموقف الروسي يذكر بمسلسل الرهانات الخاسرة في السابق. واما الحديث عن «دور ما» للحريري، فيجد المرجع صعوبة كبرى في الاقتناع بامكان خلق قناة اضافية بين موسكو والرياض، طالما ان القنوات مفتوحة بينهما على مصاريعها، سواء على مستوى القيادتين، او على مستوى وزارة الخارجية في كلا البلدين. فما الجدوى من القناة الثالثة في هذه الحالة؟

اللافت للانتباه، ان المرجع المذكور يكاد يجزم بوجود بعد شخصي لزيارة الحريري لموسكو «قد يكون لها شق تجاري لا اكثر، خاصـة ان لآل الحريري علاقة تاريخية مع روسيا لها وجه تجــاري يعود الى ايام الرئيس الراحل رفيق الحريري، ومن الطبيعي ان يعيد الحريري الابن إحياءها ويحــافظ عليــها، خــصوصا في هذه المرحلة التي يعيش فيها ضائقة مالية قاسية في السعودية وخارجها».

الديبلوماسية الروسية في لبنان تقارب زيارة الحريري كحدث طبيعي عادي «روسيا منفتحة على كل القوى اللبنانية، وبالتالي من غير الطبيعي الا تحصل مثل هذه الزيارة»، لكنها تتجنب الدخول في تفاصيلها.

هناك من يسأل ماذا تريد روسيا من الحريري؟ وهناك من يجيب: «لا شيء سياسيا، سوى مزيد من تأكيد الانفتاح على شخصية لبنانية ما زالت تتمتع بثقل في لبنان، وربما تكون هذه الزيارة فاتحة لزيارات مماثلة لشخصيات لبنانية وازنة. ولم يُلْغَ بعدُ احتمال ان يقوم النائب ميشال عون بزيارة قريبا الى موسكو».

وهناك من يسأل في المقابل: ماذا يريد الحريري من زيارة موسكو؟ مصادر مواكبة تصنّف الزيارة بوصفها مكسبا للحريري، اقله من حيث الشكل، إذ ليس سهلا الجلوس على الطاولة وجها لوجه مع الرئيس الروسي. وبالتالي قد يكون الهدف الاساس منها ان يثبت الحريري، لبنانيا، بأن مرحلة الضمور التي شابت دوره وحركته منذ مدة قد انتهت، وانه لا يزال يتمتع بحيوية عالمية، وقدرة على فتح ابواب العالم امامه حينما يشاء وحيثما يشاء، كما كانت تلك الابواب تفتح ايام والده الشهيد.

والى جانب ذلك، والكلام للمصادر المذكورة، قد لا يكون مستبعدا ان يحاول الحريري البحث عن قوة دفع روسية بشأن الملف الرئاسي، لكن خلاصة الموقف الروسي في هذا الشأن تتضمن الآتي:

ـ لبنان ضمن اجندة الاهتمامات الروسية، فروسيا تدعم لبنان الى ابعد الحدود، ولكن مثلها مثل سائر الاطراف الاخرى، وغير ذلك لا يوجد شيء على الاطلاق.

ـ ما يعني موسكو على الدوام هو الاستقرار الامني والسياسي في هذا البلد، وكذلك انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن.

ـ موقف موسكو محسوم من الملفات الداخلية، فهي على الحياد منها ولا تريد ان تكون طرفا، وقرارها الانفتاح على الجميع في لبنان، وتبعا لذلك، علاقتها مفتوحة مع كل اللبنانيين، وتقف منهم على مسافة واحدة.

ـ ليس لدى الروس اي دور او أية «مبادرة لبنانية»، لا في ما خص رئاسة الجمهورية ولا في غير ذلك. وبالتالي لا تريد موسكو أن تؤثر على هذا الموضوع لمصلحة طرف معين، وتدخلها في الملف الرئاسي اللبناني يأتي دائما في سياق عام وليس لمصلحة طرف».