Site icon IMLebanon

زيارة الحريري لضبط استقرار لبنان.. والكرة في ملعب «حزب الله»  

 

كان من الطبيعي ان تحظى «زيارة العمل» التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة العربية السعودية في اليومين الماضيين هذا الاهتمام على المستويات السياسية والأمنية والاعلامية، خصوصاً وأن سيناريوات عديدة سبقت هذه الزيارة، من بينها الـ»فتور» في العلاقات، الذي هو من «سابع المستحيلات» برأي مقربين من الفريقين..

 

ليس من شك في ان الزيارة لم تكن عبثية او بروتوكولية او محض شخصية والجميع بانتظار انعقاد جلسة مجلس الوزراء للوقوف من الرئيس الحريري على دوافع الزيارة وما خلصت اليه، وهي التي وصفت بأنها «ذات أهمية خاصة واستثنائية وتأتي في ظل ظروف ومعطيات دولية واقليمية وداخلية لبنانية، لم يعد من الممكن إدارة الظهر لها ولما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات»…

التقى الرئيس الحريري عدداً من القيادات السعودية في مقدمهم ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان، الذي يوصف بأنه من أبرز القيادات في المملكة المؤهلين لأدوار استراتيجية وبالغة الأهمية، وصاحب تطلعات بعيدة المدى، وعلى جميع المستويات.. لكن الذي اثار جملة أسئلة وتساؤلات، تمثل بلقاء الرئيس الحريري وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الذي لمع اسمه في لبنان بعد سلسلة مواقف سبقت ولحقت زيارته الأخيرة الى لبنان، وتميزت بحملة غير مسبوقة على ايران و»حزب الله».. سرعان ما أكد أنها «ليست مواقف شخصية».

في قناعة عديد من المراقبين والمتابعين عن كثب، ان زيارة الرئيس الحريري الى السعودية ولقاءه العديد من القيادات لم تكن مجرد تسجيل مواقف وأخذ صور تذكارية او استقواء بالدولة الأقدر في المنطقة، بل كانت في نظر كثيرين مؤشراً على ان المملكة لم تغب عن لبنان وأن لبنان لم يغب عن اهتمامات المملكة ومتابعاتها، خصوصاً بعد التطورات الحاصلة على غير مستوى، دولي واقليمي وعربي وداخلي لبناني، من أبرزها التهديدات الاميركية – الاسرائيلية والمواقف الايرانية التي أعلنت مؤخراً وخلاصتها ان ايران تضع يدها على القرار في كل من العراق وسوريا ولبنان.. الأمر الذي أثار ردات فعل، لم يكن من الممكن ادارة الظهر لها واعتبارها لم تكن على رغم «الايضاحات» التي صدرت عن «مرجعيات ايرانية»؟!

الواضح، وبحسب المتابعات اليومية، ان ممارسات «حزب الله» ومواقفه احتلت مرتبة متقدمة جداً من اهتمامات ومتابعات قيادات المملكة، خصوصاً وأن الحزب – برأي متابعين – تجاوز حدود لبنان وحدود دوره خصوصاً وأنه ممثل في المجلس النيابي كما وفي الحكومة التي يرأسها الرئيس الحريري.. وتأسيساً على هذا، فإن من الطبيعي ان تكون ممارسات الحزب، وموقف الحكومة من هذه الممارسات والمواقف في صلب المحادثات التي أجريت مع الرئيس الحريري.. وبحسب مصادر فإن الرياض أرادت ان تبلغ لبنان رسالة واضحة الدلالة خلاصتها «ان التسوية – التي أرست العهد الجديد في لبنان، وتمثلت بإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومن ثم تشكيل حكومة «استعادة الثقة» برئاسة الحريري ومشاركة غالبية الافرقاء، ومن بينهم «حزب الله»، (هذه التسوية) في رأي البعض باتت مهددة وهي ليست بحال سليمة.. خصوصاً وأن العودة الى خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة يكشف بوضوح خروج الحزب عن أبرز ما تضمنه الخطاب والبيان، وتحديداً لجهة «النأي بالنفس» و»تحييد لبنان عن صراعات المحاور الدولية والاقليمية»..

قد يكون من السابق لأوانه الوقوف على خلاصة ما ستؤول اليه الأمور في جلسة مجلس الوزراء، والرئيس الحريري عازم على وضع المجلس في صورة ما جرى وبالتفصيل.. مع التشديد على ان الهدف الأول والأخير هو اعادة الحياة الى التسوية التي تعرضت لخروقات عديدة.. من دون الدخول في تفاصيل الأوصاف والنعوت المتبادلة.. وفي رأي متابعين، فإن المملكة لاتزال عند مسلماتها الأساسية وهي عدم تعريض استقرار لبنان لأية اهتزازات، كما وأنها لن تذهب بعيداً في الضغط على الرئيس الحريري لتقديم استقالته، خلافاً لما تردد في بعض الأوساط..

يتطلع اللبنانيون عموماً الى ما يمكن ان تؤول اليه التطورات بعد زيارة الحريري، الذي يرفض ان يكون القرار اللبناني ممسوكاً من أية جهة خارجية او داخلية من خارج صيغة التوافق التي تبقى المقولة المطلوبة بعيداً عن أي تأويل او اجتهاد.. وهو يعرف أكثر من غيره من أين تأتي المخاطر على صيغة التسوية التوافقية هذه والكرة في ملعب «حزب الله» ورئاسة الجمهورية والرئيس نبيه أكثر من أي جهة او فريق آخر..

الخصومة السياسية شيء والعداوة وبث الشائعات والمضي في حملات التجني شيء مختلف تماماً.. وقد دلت سلوكية الرئيس الحريري على مدى قدرته على ضبط الأعصاب والتزام الاعتدال في مواقفه، وهو أظهر أكثر من مرّة تمسكه بـ»التفاهمات القائمة.. ولن يسمح لأي شيء بالتأثير على استقرار لبنان». ومشدداً على أهمية «النأي بالحكومة عن التجاذبات السائدة..» خصوصاً وأن السعودية بدأت مرحلة جديدة من خلط الاوراق في المنطقة وكان أبرز عناوينها انهاء القطيعة بين الرياض وبغداد التي دامت 27 عاماً..