شباط وآذار غير تشرين الثاني، تماماً كما الفرق بين الخريف والربيع… في تشرين الثاني كان الخريف، وفي آذار إطلالة الربيع…
في تشرين الثاني الفائت، كان هناك خريف العلاقات اللبنانية – السعودية، ذهب رئيس الحكومة سعد الحريري إلى المملكة، وكانت أزمة الإستقالة، اليوم يذهب الرئيس سعد الحريري إلى المملكة في ربيع العلاقة، بعد دعوة ملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وعلى رغم أنَّ الرئيس الحريري وصل فجراً إلى المملكة، فقد كان في استقباله في المطار المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والوزير المفوض وليد البخاري والسفير اللبناني بالمملكة فوزي كبارة.
الزيارة جاءت إثر زيارة ليومين للموفد الملكي السعودي نزار العلولا، ومعه السفير لدى لبنان وليد اليعقوب والوزير المفوض في الديوان الملكي القائم بالأعمال السابق في بيروت وليد البخاري. جولة الوفد السعودي شملت عدداً من القيادات السياسية سواء داخل السلطة أو خارجها، وعاد إلى الرياض للتحضير لزيارة الرئيس الحريري الذي رافقه وزير الداخلية نهاد المشنوق، ولهذه المرافقة أكثر من معنى، فالوزير المشنوق هو الوزير الذي يحمل ملف الإنتخابات النيابية، والمملكة معنية بالملفات اللبنانية من باب حرصها على الإستقرار فيه. كما أنَّ الملفات الأمنية منوطة بالوزير المشنوق، وبالتأكيد هناك تنسيق بين بيروت والرياض، كما بين بيروت وسائر العواصم الصديقة والشقيقة في ما يختصُّ بملفات الإرهاب.
***
القرار السعودي بإعادة ضخِّ دماءٍ جديدة في عروق العلاقات اللبنانية – السعودية، أتاح للموفد العلولا أن يُكثِّف لقاءاته في كلِّ الإتجاهات انطلاقاً من حرص المملكة على الإهتمام بأوضاع لبنان وبث روح جديدة، وتأييد الشرعية اللبنانية والحرص على دعم الدولة ومؤسساتها، ودعم رئيس الحكومة في الواقع اللبناني المقبل على الإنتخابات النيابية، واستكشاف سبل مساندة لبنان الذي يتحضر لسلسلة مؤتمرات دولية لدعم جيشه واقتصاده في مواجهة أزمته نتيجة التراكمات وعبء النازحين على أرضه.
الذين التقوا الموفد العلولا كَوَّنوا انطباعاً مفاده أنَّ المملكة مهتمة بالتعاون والتنسيق مع أصدقائها وحلفائها اللبنانيين، وبتوحيد صفوفهم قبل شهور معدودة جداً من الإنتخابات النيابية.
أما الإنطباع الأبرز، فهو أنَّ العلولا عليمٌ جداً بالملف اللبناني بكل تفاصيله.
***
بعد استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الحريري، كل الأنظار ستكون موجَّهة إلى اليوم الخميس حيث اللقاء المنتظر بين الرئيس الحريري وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. هذا الإجتماع من المفترض أن يكون تمَّ الإعداد له جيداً من جانب الوفد السعودي الذي كان في لبنان، ومن خلال المعطيات التي لدى الجانب السعودي المتابع للتفاصيل اللبنانية بشكل مثير للإهتمام.
اللافت قبل اللقاء ما أدلى به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع واشنطن بوست حيث تطرق إلى وضع الرئيس الحريري، فقال إنَّ وضعه أفضل من وضع حزب الله في لبنان.
ما يمكن استخلاصه من هذا الكلام أنَّ هناك رهاناً جديداً من المملكة على الرئيس الحريري.