لا يزال الاستحقاق الرئاسي مصاباً بالعقم ولن يتمكن من إنجاب رئيس طالما أن لا جهة سياسية تستطيع حتى الآن أن تبقي على 86 نائباً داخل القاعة العامة لمجلس النواب، وبالتالي لن يتمكن فريق «حزب الله» وحركة «أمل» ومن تحالف معهما من إيصال مرشحهم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى بعبدا إن بقيت الظروف على ما هي عليه اليوم، ولن يتمكن أيضاً المعارضون لمرشح «حزب الله»، إن اتفقوا على مرشح والمرجح أنه جهاد أزعور، من إيصاله إلى بعبدا لأنهم لا يملكون أمرين: الأول الدعوة لعقد جلسة إنتخابية، والثاني في حال الدعوة للجلسة، ضمان الـ86 نائباً في الدورة الثانية.
إزاء هذا الواقع يفترض التفتيش عن مرشحٍ ثالثٍ يُطلق عليه اسم المرشح التوافقي، وعلى هذا الأساس يوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لعقد جلسة ويمكن انتخابه من الدورة الأولى أي أنه ضامن لـ86 نائباً يصوتون إلى جانبه. ولكن كيف يمكن الوصول إلى هكذا مرشح؟
بداية على كل الأطراف أن تدرك أن ما يعرف بمرشحي المواجهة لن يتمكنوا من الوصول إلى قصر بعبدا وأن التمسك بهم لن يجلب سوى المزيد من التعطيل والإنهيار على البلد، وأنّ محاولات الفرض إن نجحت لن تكون سوى سبب آخر لزيادة التوتر والإنهيارات.
كل ذلك لا يعني أنّه على الجهات السياسية أن تتوافق على مرشح «كيف ما كان» يكون استمراراً لتكريس الوضع الراهن والمتمثل بخراب الدولة والاقتصاد واستباحة السيادة والحدود ومصادرة القرار، وقد يكون هذا المرشح موجوداً ويمكن الاتفاق عليه بسرعة إن ادركت بعض الأطراف حقيقة ما اقترفته بحق لبنان واللبنانيين، وكيف أنّها حولت هذا البلد والشعب الطليعي إلى مجموعة من اللاهثين وراء الهجرة والدولار، وكيف جعلت من الدولة كياناً فاشلاً وكيف رمت البلد في أتون مشروع لا أفق له سوى الدمار والموت.
إنّ المرشح التوافقي الذي يفترض اختياره يجب أن يكون لبناني الولاء والتفكير، سيادي التصرف وحر القرار، يتعاطى مع كل الأطراف وفق منطق القانون والدستور والتبعية للمصلحة اللبنانية، وينحو باتجاه قيام علاقات سليمةٍ ونديةٍ مع الدول العربية وغير العربية وعدم التدخل في شؤوننا والتدخل في شؤونها.
هذه هي صفات الرئيس اللبناني الذي لا يتبع لأي محور إلا إذا كان هناك من يحمل الهوية اللبنانية ويعتبر تطبيق الدستور والقانون وصيانة السيادة والحدود وحفظ القرار للدولة هي ممارسة شاذة يشجع عليها العدو.