Site icon IMLebanon

حصاد الرئاسة وميزان الذهب  في بكركي

… ويبقى الصرح البطريركي في بكركي واحداً من الصروح التي تشخص إليها العيون بحثاً عن أيِّ معطى جديد يتعلَّق بالإستحقاق الرئاسي. فكثرٌ يختارون الصرح للإدلاء بدلوهم في هذا الشأن لأنهم يعتبرون أنَّ الموقف الذي يُعلَن من بكركي يكون مدموغاً بصفة الرسمية أو التاريخية، وكم من المواقف التي يحفظها التاريخ والتي أُطلِقت من هذا الصرح.

حزب الله اختار بكركي ليُعلِن موقفه الرسمي، فبعد ستة أسابيع على لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجيه، والذي كان الحزب في جوِّ حدوثه مسبقاً، قال كلمته فيه، وتعمَّد قول هذه الكلمة من بكركي لأنه يعرف أنَّ الكلام من ذلك الموقع هو الذي يؤخَذُ به.

الموقف الرسمي هو:

عندما التزمنا مع الجنرال عون ترشيحه لرئاسة الجمهورية فلا نستطيع أن نتحلل أمام أي معطيات جديدة أو أمام أي مفترق سياسي جديد وأن نتخلى عن التزامنا، فهذا التزام إختياري نابع من إرادة حرة بالنسبة إلينا.

الطروحات والمبادرات الموجودة، حتى تؤدي دورها أو تصل إلى نتائجها المقبولة، أو كما يقال إلى نتائجها السعيدة، هذا الأمر يجب أن يتمَّ عبر قبول الجنرال عون بهذا الموضوع.

لسنا الطرف الذي عليه أن يبادر إلى تذليل هذه العقبة أمام هذه المبادرة أو التسوية، لسنا في وارد هذا الأمر، ولا نقبل أصلاً أن تقوم الأطراف كلها بأدوارها في ما يخص التسوية بموضوع الرئاسة ثم يكون دورنا الوحيد هو أن نقنع ميشال عون بالتنحي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية. هذا الأمر لم ولن يكون.

كلامٌ واضح، ويعني أنَّ المبادرة لكي تكون مقبولة يجب أن يقبل بها العماد ميشال عون، لكن المغزى الكبير لهذا الموقف هو تزامنه مع توقيت رئاسي ومن بكركي بالذات:

النائب والوزير السابق والمرشَّح الجدي جداً والصامت غالباً والمتحرِّك دائماً جان عبيد، كان في بكركي في الوقت الذي أعلن فيه حزب الله موقفه، وهو بعد لقائه الكاردينال الراعي قال كلاماً يُقاس بميزان الذهب، فلا يُنقَص منه ولا يُزاد عليه.

يقول معاليه، هو المُقلُّ في الكلام:

نحن من دعاة التهدئة والتفاهم، وفي بلد كلبنان لا يوجد رئيس بلا تهدئة وتفاهم، وتاريخ هذا البلد هو البحث عن الأفضل والأكثر تعبيراً عن التوافق. ويُفجِّر عبيد قنبلة رئاسية حين يقول:

أنا سلمت أسراري لسيدنا البطريرك، وأنا مع الدعاة لإنتخاب رئيس الأمس قبل اليوم، وهذا هو المبدأ الأساسي، وإملاء الفراغ أفضل بكثير من الفراغ.

جان عبيد قال كلمته وعاد إلى صمته، قال:

سلَّمتُ أسراري لسيدنا البطريرك، فماذا تحمل هذه الأسرار؟

لا جان عبيد يُصرِّح بها، ولا سيدنا البطريرك يبوح بها، ولكن في السياسة الخيارات معروفة ولا مفاجآت.

جان عبيد من خارج الإصطفافات، ينسج علاقات ودودة ودافئة وهادئة مع مختلف الأطراف والأقطاب، لا صخب في سياسته وفي مواقفه، يلتقي الجميع من دون ضجيج، ولقاءاته مع الجنرال ميشال عون تأتي في هذا السياق.

في الخلاصة، العماد عون أخذ من جان عبيد نعمة الصمت فآثر عدم التعليق على ما يُحكى في شأن الإستحقاق، فمرَّ إجتماع تكتل التغيير والإصلاح والبيان الصادر عنه من دون أيِّ لفتة رئاسية، بعد أن أصرّ حزب الله تمسُكه بالعماد عون كمرشحه الثابت.