IMLebanon

هل نجحت «حماس» في تحقيق هدفها؟

يحتل المشهد الامني صدارة الاحداث الداخلية هذه الايام مع تراجع الملفات السياسية في ظل ما افرزته عملية «قض المضاجع» عند تخوم عرسال، وما تبعها من تطورات على ساحة مخيم عين الحلوة مع تسليم المتهم خالد السيد الى الاجهزة اللبنانية بعد وقوعه في فخ محكم نصبته له حركة «حماس» بالواسطة. فالعملية الاولى اعادت فتح ملف اللجوء السوري والمخاوف من تحول مخيمات وتجمعات اللاجئين الى غرف عمليات للتخطيط والتجهيز لعمليات ارهابية، اما في الثاني فتساؤلات حول مغزى تعاون «حماس» رغم تداعيات ما حصل وحملات التخوين التي يشهدها مخيم عين الحلوة بين من كانوا حتى الامس القريب في نفس الصف.

وفيما رشح من مصادر وزارية واسعة الاطلاع انه ليس ثمة ما يستدعي اتخاذ موقف مما يجري في المخيمات وعلى الحدود اللبنانية – السورية وفي الداخل، تحديدا لجهة قيام الاجهزة العسكرية والامنية بدورها في مواجهة الارهاب سواء قامت به جماعات تكفيرية منظمة او اي عمل افرادي على حد سواء، لفتت الى ان مجلس الوزراء سيجدد التأكيد على الموقف الرسمي من ملف النازحين السوريين المثبت في المفاوضات واوراق العمل الرسمية التي تبادلها لبنان مع المجتمع الدولي في العديد من المؤتمرات العربية والاقليمية والأممية وليس من جديد يطرح سوى الوضع الامني جراء احداث مخيم عرسال الاسبوع الماضي وما نجم عن العملية العسكرية، وتظّهر في ضوئها، وسط اجماع على ان الجلسة لن تشهد اي خلافات في ظل الاجماع على عدم طرح مسالة فتح الحوار مع الحكومة السورية قبل اختمار الاتصالات الجانبية الجارية.

واذا كان ما حصل في عرسال قد بدا لافتا فان ما شهده مخيم عين الحلوة في الموازاة لم يكن اقل اهمية لجهة دلالاته وتوقيته، فخطوة «حماس» في تلك اللحظة الاقليمية الحرجة التي تمر بها الحركة بعد «طرد» قيادتها من قطر على خلفية الخلاف الخليجي ـ الخليجي، وفشل مفاوضات احتوائها ايرانيا، فيما نصحت الدولة اللبنانية من اكثر من طرف غربي بعدم ايواء جماعات الحركة التي تنوي العودة الى لبنان، طرح اكثر من علامة استفهام وتساؤل، خصوصا ان نائب رئيس الحركة اشرف مباشرة وبالتنسيق مع القيادة الامنية اللبنانية على رسم خطوط عملية تسليم الارهابي خالد السيد.

اوساط لبنانية متابعة رأت ان ما حصل من محاولة لـ«حماس» لتقديم اوراق اعتمادها لدى الدولة اللبنانية لن ينجح في احداث خرق في القرار اللبناني الرسمي بعدم استقبال اي من كوادرها على الاراضي اللبنانية نظرا للاخطار الكبيرة التي قد تترتب عن هكذا خطوة، مشيرة الى ان ما قامت به «حماس» لا يمكن صرفه بأي مكان ذلك انها تعرف جيدا بأهمية السيد في صفوف «داعش» وان التحقيقات التي اجرتها جهات فلسطينية خلال الايام الماضية معه اظهرت انه من قيادات الصف الثالث وانه بات ورقة محروقة وما يملكه من معلومات لا يؤثر في مسار «داعش» الارهابي على الساحة اللبنانية.

وتتابع المصادر بان «الحركة» حاولت طرح نفسها كبديل عن فتح في مخيم عين الحلوة مبرزة قدرتها على ضبط الجماعات الارهابية بعدما نجحت في خرقها نتيجة التعاون السابق الذي قام بينهما وانطلق من المخيمات في سوريا مع وقوف مقاتلي «الحركة» الى جانب «النصرة» والمعارضة السورية، وبعدها مع انتقال «حماس» الى حضن نفس الجهة التي رعت تلك الجماعات على صعيد التمويل والغطاء، من هنا والكلام للمصادر فان رسالة حماس المزدوجة الى الداخل الفلسطيني كما الى الجانب اللبناني لن تحقق اهدافها،ذلك ان بنك الاهداف اللبناني في عين الحلوة كبير جدا ويحوي الكثير من الاسماء ، وان التقديرات كلها تشير الى عجز «الحركة» عن لعب الدور الذي تسعى الى اظهاره حاليا لغايات في نفسها.

وفي هذا الاطار ترى المصادر ان وضع عين الحلوة لا يقل ابدا خطورة عما يجري في المخيمات السورية، اذ تكشف المصادر انه لم يعد مقبولا التساهل والسماح للتدخلات والمصالح السياسية ان تلعب دورها في القضايا الامنية الذي باتت ملفاتها على درجة كبيرة من الاهمية والحساسية ،بعدما بات الامن المتفلت عنوانا يرفعه اللبنانيون، معتبرة ان لا علاقة للبناني بالتوازنات الفلسطينية الداخلية وان الممثل الرسمي الشرعي والاساسي للفلسطينيين في لبنان والذي تتعاون معه الدولة اللبنانية هو السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولة اولا واخيرا عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة اللبنانية، نافية حصول اي تسويات في ما خص تسليم خالد السيّد او تقديم اي ضمانات بعيدا عن حصوله على محاكمة عادلة.

هذا التوتر انعكس غليانا بين اطراف الصف الاسلامي على خلفية بيانات التخوين التي صدرت، والتي كان شهد موجة مماثلة لها ابان توقيف عماد ياسين، دون ان تخرج الى العلن بهذا الشكل، كاد ان ينفجر امس خلال اجتماع دعت اليه «الحركة الاسلامية المجاهدة» التي تقف وراء تسليم الارهابي، مع اطلاق م.ا المنتمي الى داعش النار في الهواء طالبا دعم الجماعات المتطرفة، ما دفع بـ«عصبة الانصار» الى الانتشار ورفع جهوزيتها في مناطق نفوذها في حيي الصفصاف والطوارئ والشارع التحتاني، بعدما تلقى قادتها تهديدات بالتصفية، فيما عمدت الفصائل الفلسطينية الاخرى بدورها الى تنفيذ انتشار عسكري في محيط مقارها بعدما تبلغت تقارير امنية عن مسعى لتوحيد الفصائل الارهابية، من «داعش»، «النصرة»، «جند الشام»، «فتح الاسلام»، «كتائب عبدالله عزام»، و«عصائب أهل الحق»، تحت راية «الشباب المسلم» ، بعدما بايعت كلها رامي ورد اميرا لها و محمد شريدي نائبا له يعاونه كل من بلال بدر وبلال العرقوب وابو جمرة شريدي وابو بكر حجير وأسامة الشهابي.

فهل يقع المحظور الذي حذرت منه الاجهزة الغربية من دور مشبوه لـ«حماس» على الساحة الفلسطينية في لبنان؟ وكيف سترد فتح على خطوة حماس المتقدمة بتسليمها الارهابي؟ وهل ينفجر الوضع بين الجماعات الاسلامية ام هو تقاسم ادوار شكلي للتخلص من خالد السيّد الذي بات عبئا كبيرا، خصوصا ان التحقيقات مع الاخير حتى الساعة لم تظهر اي جديد او اي اعترافات ادلى بها.