لم يحدث أن شهد لبنان حيوية سياسية كالتي يشهدها هذه الأيام، على كل المستويات الانتخابية والديبلوماسية والعسكرية:
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن يوم أمس الأحد الذي يفترض أن يكون يوم عطلة ويوم استراحة المحاربين السياسيين وغير السياسيين كان يوم نشاط بامتياز، ومن أبرز ما تضمنه:
تثبيت زعامة رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة، سعد الحريري، من خلال المهرجان المفصلي الذي أقامه في البيال والذي أعلن فيه مرشحي تيار المستقبل في كل لبنان، من أقصاه الى أقصاه.
ما ميّز الاحتفال والترشيحات لهذه الدورة الانتخابية، ما يلي:
كثافة الحضور من كل المناطق اللبنانية.
الوجوه الشبابية في الترشيحات، فمن المرشحين مَن يبلغ من العمر 28 عامًا، ومنهم مَن يبلغ 30 عامًا. هذه قدرة على تجديد روح الشباب في التيار.
وزعامة الحريري ترسخت أيضًا من خلال قدرته على تبديل مرشحيه في أكثر من منطقة، بدءًا بالعاصمة بيروت مرورًا بطرابلس وعكار والبقاع وصولاً الى الجنوب. هذه القدرة على تبديل المرشحين هي في حقيقة الأمر التي تعكس الزعامة لدى السياسي وتميزه عن سياسي آخر.
في أي حال، انطلقت العملية الانتخابية بأقوى مما تكون عليه العمليات الانتخابية وفق ما يتم التحضير لها ضمن المهل المحددة.
ففي 22 من هذا الشهر هي آخر مهلة لانسحاب المرشحين من دون أن يستردوا الملايين الثمانية التي دفعها كل منهم كرسوم ترشيح.
وفي 27 من هذا الشهر هي آخر مهلة لتسجيل اللوائح. في هذا التاريخ تبدأ المعارك الحقيقية من خلال ما يلي:
تبدأ اللوائح بحثّ الناخبين على الاقتراع لهم، وذلك من أجل رفع الحاصل الانتخابي للائحة من دون غيرها.
يبدأ كل مرشح بحثّ الناخبين على إعطائه الصوت التفضيلي من أجل أن يضمن فوزه من خلال حصوله على أعلى الأصوات التفضيلية.
بين 27 آذار و6 أيار، أربعون يومًا فقط لا غير، ستشكل الفرصة الأخيرة للمرشحين الجدد لاثبات جدارتهم وقدرتهم على أن يكونوا نوابًا، كما انها الفرصة الأخيرة للنواب الذين رشحهم رؤساء كتلهم ليعودوا مجددا الى الندوة البرلمانية.
أما الحيوية الديبلوماسية فتتمثل على مستويين: المستوى الأول هذا الاسبوع من خلال مؤتمر روما 2 لتقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وسائر المؤسسات الأمنية والعسكرية. والثاني من خلال عودة الحيوية الى البعثات الديبلوماسية العربية الى لبنان، طلائع هذا الأمر من خلال عودة القائم بأعمال السفارة السعودية السابق في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري، لتسلّم مهام رئاسة البعثة السعودية في لبنان، بعدما غادر السفير وليد اليعقوب.
أما الحيوية الاقتصادية فتتمثل في إمكان أن ينجز مجلس الوزراء الموازنة العامة للعام 2018 قبل مغادرة الرئيس سعد الحريري الى روما، فتتم احالتها الى مجلس النواب لتبدأ لجنة المال والموازنة النيابية بدراستها تمهيدًا لاحالتها الى الهيئة العامة لاصدارها بقانون، فتكون الموازنة من آخر انجازات مجلس 2009 الذي كان مقلاً في إنجازاته، عسى أن يكون المجلس الجديد الآتي، أكثر انتاجًا.