لا زالت الاتصالات تدور في حلقة مفرغة على مسار تشكيل الحكومة العتيدة لا بل تنامت وتيرة الخلافات السياسية على خلفية التغريدات التي أطلقها البعض تجاه الرئيس المكلف سعد الحريري والرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي أدت إلى حالة استياء وغضب نظراً للمس بالكرامات والتعدي على مقام رئاسة الحكومة، ما يطرح تساؤلات حول عودة لبنان منصة وساحة من خلال الإملاءات التي تفرضها بعض الدول الإقليمية على حلفائهم في لبنان لتوتير الأجواء السياسية والأمنية، وخصوصاً بعد احداث الجاهلية التي أكدت وجود «ريموت كونترول» اقليمي تعمل به قوى الامر الواقع لفرض المقايضة بين تطبيق الدستور والقانون والنظام، او الاطاحة بالسلم الاهلي، وهي معادلة مطروحة على قوى ١٤ اذار منذ العام ٢٠٠٥.
أما في آخر الاتصالات التي جرت بغية الإفراج عن الحكومة الحريرية، فإن المعلومات من مصادر سياسية مواكبة لمسار الاتصالات الجارية تؤكد بأن زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى بيت الوسط، إنما جاءت لعرض الصيغة التي تم تداولها في الآونة الأخيرة والتي باتت معروفة ولكن ليس هناك من أي تقدم خصوصاً بعد التصعيد الأخير من بعض نواب سنّة الثامن من آذار وحيث ثمة استياء في بيت الوسط بوصف الرئيس الحريري بالعمالة ما دفعه إلى إيصال رسالة عبر أقنية عديدة لهؤلاء بأنه لا يمكنه أن يجتمع بهم وإذا أراد البعض اللقاء به بأهلاً وسهلاً مثل النائب فيصل كرامي أو النائب عبد الرحيم مراد وسواهم، ولكن ما جرى فذلك لا يمكن التستر عليه بسهولة كما يرتئي البعض.
وفي سياق متصل علم أن ما دفع بكربجة الاتصالات والمشاورات وبقاء الأمور مكانها، فذلك نتيجة عوامل داخلية وإقليمية ودولية فهناك انتظار لما ستسفر عنه بعض الاتصالات على الصعيدين الإقليمي والدولي وما يمكن أن ينتج عنها وانعكاس ذلك على الداخل اللبناني الذي يتأثر إلى حد كبير بهذه الأحداث خصوصاً بعد عودة التصعيد الميداني في سوريا ومن ثم دخول إسرائيل على خط قصف مواقع سورية وإيرانية ولحزب الله في الداخل السوري، فكل ذلك من شأنه أن يُبقي الأمور في دائرة الترقب والانتظار وتغيير المعادلات وذلك يصيب مسار التأليف الحكومي في إطار هذا الانقسام السياسي الداخلي، وحيث تشير أكثر من مرجعية سياسية متابعة إلى أن ما جرى مؤخراً من حملات غير مسبوقة على بيت الوسط والرئيس الشهيد فذلك إنما هو أمر عمليات من الخارج وبالتالي ثمة أجواء بأن إيفاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للنائب وائل أبو فاعور لبيت الوسط ولقائه بالرئيس سعد الحريري إنما بغية وضعه في هذه الأجواء والمعلومات والتأكيد على الوقوف إلى جانبه واستنكار الحملات التي طاولته.
من هذا المنطلق وحيال هذه الأوضاع فإن الاتصالات ستتواصل وتستمر إنما المعلومات المتداولة لا تنبئ بحصول أي تقدم في هذه المرحلة أو أن الحكومة ستلد قبل عيد الميلاد لأن المسألة أضحت صعبة ومعقدة وعقدة سنة نواب الثامن من آذار ما هي إلا منطلق لبعض اللاعبين الإقليميين لفرملة تشكيل الحكومة والمناورات السياسية من خلال استعمال الورقة اللبنانية كأداة ضغط على واشنطن بعد العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران وحزب الله، ولهذه الغاية لوحظ حجم التصعيد السياسي من قبل حلفاء دمشق وطهران والمؤشرات الراهنة تؤكد بأن هذا التصعيد لن يتوقف حيث المجتمع الدولي يعطي الأولوية لملفات إقليمية أخرى ما يعني أن لبنان وفي هذه المرحلة لا يعتبر على جدول أعمال عواصم القرار، ومن ثم هذا الفراغ الحكومي سيبقى قائماً مع صعوبة إيجاد المخارج للوصول إلى النتائج المطلوبة.
وأخيراً يتوقع أن يبقى التشاور قائماً على خط بعبدا – بيت الوسط وأيضاً مساعي الوزير جبران باسيل لن تتوقف بدعم من رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، إنما بات جلياً أن التدخل الدولي لا سيما من فرنسا وواشنطن من شأنهما المساعدة والمساهمة في الضغط على الدول المفرملة لمسألة التأليف ودفعهما إلى ممارسة أيضاً ضغطهما على حلفائهم في لبنان للمساعدة ولكن حتى الآن ليس ما يوحي بأن الولايات المتحدة الأميركية أو فرنسا في وارد السير بهذه المهمة أمام التفرغ من قبل إدارتهما في ملفات أخرى ذات أهمية وعلى هذا الأساس يبقى لبنان ينتظر ويترقب وسط أجواء ومخاوف بأن يكون هذا الوقت محطة لتسخين أمني بعد ما جرى في الآونة الأخيرة، وبناء عليه فإن المجلس الأعلى للدفاع اتخذ إجراءات حازمة في مرحلة الأعياد وأيضاً ربطاً بالأجواء السياسية الراهنة، وبالتالي الأجهزة الأمنية تقوم بدورها على أكمل ما يرام.