البيان الوزاري يعكس توجهات رئيسي الجمهورية والحكومة في مجلس الوزراء
هل تتشكل الحكومة من فريق عمل واحد أم حكومة تناقضات؟
كشف تشكيل الحكومة عمق الهوّة بين الفريقين اللذين يتنازعان السلطة، قوى 8 آذار ممثلة بالثنائي الشيعي وتوابعهما، وما تبقى من 14 آذار ممثلة بتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية. فما أن تشكّلت الحكومة وصدرت مراسيمها حتى انهالت التعليقات والتحليلات، وانبرى كل فريق من الفريقين، يتحدث عن الإنجازات التي حققها في التشكيلة الحكومية، وكان لافتاً في هذا المجال ادعاء قوى 8 آذار بأنها استطاعت في صمودها وحسن ادارتها لمعركة التشكيل ان تحصد أكثر من الثلث الضامن، اي أن حصتها في الحكومة العتيدة تجاوزت الخمسين بالمائة، وهذا ما يعطيها شرعية التحكم بمصير الحكومة من جهة، وبقرارارتها من جهة ثانية، حتى أن البعض غالى في الأمر فوصف الحكومة الجديدة بأنها حكومة 8 آذار وبتحديد اكثر حكومة حزب الله.
وردت مصادر ما تبقى من 14 آذار نافية بقوة أن تكون الغلبة في الحكومة هي لقوى 8 آذار، وأن يكون «حزب الله» هو الآمر الناهي في الحكومة نتيجة تركيبتها الميالة إلى مصلحته في حال احتسبت حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من حصة الحزب، واعتبرت ان التشكيلة الحكومية كما خرجت إلى النور اعطت الاكثرية العددية لرئيس الجمهورية، الذي ما زال يُصرّ على انه على مسافة واحدة من الجميع، وأن تحالفاته قبل أن يُنتخب رئيساً للجمهورية ليست هي نفسها بعد انتخابه، ومعه تيّار المستقبل 7 وزراء والقوات اللبنانية وحلفاؤها 4 وزراء، فكيف تكون والحالة هذه الاكثرية العددية من حصة فريق الثامن من آذار.
وتقول مصادر وزارية انه بالرغم من أن ما كتب وحلل في الإعلام، وما نسب الى مصادر قوى الثامن من آذار، فإن تركيبة الحكومة الجديدة، لم تكن متوازنة بقدر ما انها ميّلت كفة 8 آذار بحصولها على أكثر من الثلث الضامن زائداً وزارة المالية، ما يجعل الثنائي الشيعي يحقق ما خطط له منذ أن فتح ملف الاستحقاق الرئاسي، وهو الحصول على المثالثة بدلاً من المناصفة من دون مؤتمر تأسيسي يحتاج تشكيله إلى موافقة كل الطوائف اللبنانية التي تتركب منها الدولة، الأمر الذي يبدو مستحيلاً، اذ بدلاً من المؤتمر التأسيسي الذي يفضي بنظر الثنائي الشيعي الى المثالثة فقد تحقق هذا الهدف من خلال حصول الثنائي الشيعي على حقيبة المالية وبالتالي على التوقيع الرابع، ومن خلال حصوله في الحكومة على اكثر من الثلث الضامن الذي يُصرّ عليه بدلاً من إعادة النظر في اتفاق الطائف.
وترى هذه المصادر أن هذا الإنجاز الذي حققه الثنائي الشيعي من خلال الحكومة يوازي المؤتمر التأسيسي الذي كان يطالب بتأليفه من أجل إعادة النظر في تركيب نظام الطائف، وهذا هو نفسه الذي حمل الرئيس برّي على الموافقة على التشكيلة الوزارية وعلى صدور مراسيمها بالشكل الذي صدرت به، ولو كان حصل أي تغيير في التركيبة لما كان وافق على صدور المراسيم وفق ما لمسه الرئيس الحريري من الرئيس بري قبل ان يصعد إلى بعبدا ويتفق مع رئيس الجمهورية على إصدار مراسيم الحكومة بالشكل الذي صدرت فيه.
لكن المصادر نفسها تلحظ في هذا المجال ما سرّب عن القصر الجمهوري وعن التيار الوطني الحر من ملاحظات حول ما يقال عن أن الأكثرية داخل الحكومة جاءت من نصيب قوى الثامن من اذار مع احتساب التيار الوطني الحر وحصة رئيس الجمهورية من حصتها ضمناً، أن المصادر تلحظ ان ما سرّب عن التيار الوطني الحر وعن القصر الجمهوري يسقط من الحساب ما حاولت قوى الثامن من اذار الترويج له بواسطة وسائل الإعلام التابعة لها عن توجه التيار الوطني الحر ومعه رئيس الجمهورية مستندة في ذلك إلى ما صدر عن القصر الجمهوري وعن التيار الوطني الحر من نفي جازم لهذه المقولة التي تروج لها 8 اذار، وملخصها ان التيار يحرص على كل تحالفاته السياسية التي قامت مؤخراً، ومنها تحالفه مع القوات اللبنانية ومع تيار المستقبل، كما تحالفه مع «حزب الله» وملحقاته التي تطلق على نفسها قوى 8 آذار وليس على أي استعداد لأن يخل بهذه التحالفات، وبالتالي فان تركيبة الحكومة ما كان ليوافق عليها رئيس الجمهورية لو لم تكن ممثلة لكل المكونات السياسية والحزبية على أن يشكل هو بواسطة وزرائه في الحكومة الضمانة لحسن سير عمل الحكومة على قاعدة انها ليست حكومة التناقضات بل على اساس انها تشكل فريق عمل متجانساً، ولكل فريق تطلعاته لكنه في نهاية الامر محكوم بالخط العام الذي ترسمه الحكومة في بيانها الوزاري، مع التزام رئيس الجمهورية بما جاء في خطاب القسم وما جاء في الخطاب الجماهيري، وفي كل ما صدر عنه منذ تسلمه مهامه حتى الآن، والذي يُؤكّد انه على مسافة واحدة من الجميع، وسيتصرف في كل المراحل والمحطات على هذا الأساس، وبناء عليه أفادت أوساط السراي الحكومي ان اي خلاف على البيان الوزاري مستبعد، اذ من الثابت تقريباً أن يكون البيان نسخة عن خطاب القسم ومداخلة بعبدا، كما سيتضمن أيضاً شقاً يعنى بالقضايا والشؤون الحياتية وبالوضعين الاقتصادي والمالي، كما سيتطرق إلى قانون الانتخابات كون مهمة هذه الحكومة الأولى تبقى اجراء الانتخابات النيابية والتوصل إلى قانون جديد يؤمن التمثيل العادل والصحيح.