لم يكن ينقص ملف اللاجئين السوريين طين ما اكتشف في مخيمي «قارية والنور» ليزيد من بلة تلك التجمعات التي قطعت شك اختراقها بيقين تحولها الى بيئات حاضنة للارهاب والارهابيين وتحولت الى غرف عمليات للتخطيط والاعداد لتنفيذ عمليات تستهدف الداخل اللبناني، وما حصل في عرسال اخيرا الا خير دليل على ما قد تؤول اليه الامور في حال استمر ملف المخيمات العشوائية دون حل.
واذا كان بات من المحسوم ان هذا الملف الطارئ فرض نفسه على جلسة مجلس الوزراء في ظل التقارير الامنية الخطيرة التي رفعها قادة الاجهزة الى المسؤولين السياسيين المعنيين وتوصياتهم بضرورة الاسراع بحل هذا الملف قبل ان تتفلت الامور، خصوصا ان خريطة الانتشار السوري في بعض المناطق حساسة تشكل خطرا كبيرا على الامن القومي اللبناني، وتقول مصادر متابعة، في هذا الخصوص بان اللبنانيين جميعا ومن مختلف الطوائف مجمعون على ضرورة حل تلك المعضلة التي قد تتحول في بعض المناطق الى اشكالات «اقتصادية واجتماعية» بين النازحين السوريين واهالي القرى، وهو ما بدأت بوادره تظهر في القرى العكارية، مشيدة في هذا الاطار بتعاون وتجاوب اهالي عرسال مع الجيش اللبناني وتشكيلهم بيئة حاضنة وداعمة له.
وتتابع المصادر بان اخطر ما قد يحصل هو تحويل ملف النازحين الى ورقة تجاذب في الصراع الاقليمي – الاقليمي، مع قطع دولة خليجية اساسية تمويلها لبعض الجمعيات التي عملت على دعم مجموعات ارهابية، ما قد يجعلها اليوم «غير منضبطة» بعدما فقدت الراعي الاقليمي، كما ان الخلاف الخليجي – العربي تظهر ايضا بعرقلة مفاوضات عودة اللاجئين من عرسال الى بعض قرى القلمون، كاشفة ان الجانب السوري ابدى تحفظات خلال الساعات الماضية حول اتمام تلك العملية خصوصا انه تبين ان العائدين من المتأثرين بافكار «النصرة» و«داعش» ما قد يعيد خلق المشاكل في مناطق استلزمت جهدا وكلفة عالية لتطهيرها، في حال توفر السلاح لهؤلاء، خصوصا ان ثمة قرارا دوليا ما يفرمل حتى الساعة عملية تحرير الجرود اللبنانية من الجماعات الارهابية.
غير ان والكلام للمصادر، فان اشادة الدول واجهزتها بانجازات الجيش والاجهزة ليس كافيا لوحده، اذ بات لزاما على المجتمع الدولي وقف «تغطيته» لتلك البؤر تحت مسمى حماية حقوق الانسان، علما ان االجهزة العسكرية والامنية اللبنانية تتعاطى وفقا للمعايير الدولية مع قاطني تلك المخيمات وتحاسب عند حصول اي ارتكابات، وهي حريصة على السوريين بمثل حرصها على اللبنانيين، من هنا ضرورة تحرك الدولة اللبنانية بشكل عاجل للحصول على الدعم المطلوب دوليا، وحث الدول المانحة والجهات الدولية والاممية على مساعدة لبنان في تحمّل أعباء هؤلاء، الى جانب التركيز على إعلاء صوت لبنان الرسمي الرافض بحزم لأي محاولات لاندماج او توطين النازحين في المجتمع اللبناني، وهو يبدأ بإعادة هؤلاء الى المناطق التي باتت آمنة في سوريا.
عليه تؤكد المصادر ان فريق الثامن من آذار سيطرح ضرورة اجراء مفاوضات مباشرة مع الجانب السوري في خصوص ملف اللاجئين السوريين مقابل رفض الرابع عشر لاي خطوة في هذا المجال، رغم ان اتصالات تجري لتكليف طرف ثالث القيام بهذه المهمة سواء كان محليا او دوليا على ان لا يكون الاتصال اللبناني السوري مباشرا، بعدما لم يعد ينفع التأجيل في فتح التفاوض ايا كان شكله، حيث لم يعد من الممسوح هدر الوقت والوقوف عند الشكليات حيث ان كل دقيقة تأخير باتت مكلفة، مع تحول مخيمات النازحين قنابل موقوتة يختبئ فيها إرهابيون للإعداد لعمليات أمنية على الاراضي اللبنانية، فالامر ابعد من مسالة تعويم النظام السوري من جهة وتعريض النأي بالنفس للاهتزاز، من جهة أخرى.
وليس بعيدا من ذلك تكشف المعلومات المسربة ان وزارة الخارجية تستعد بعد الحصول على غطاء الحكومة السياسي لتفعيل قنوات التواصل مع الأمم المتحدة وإبلاغها بأن لبنان لم يعد قادرا على الصمود تحت وطأة النزوح وتداعياته الامنية والاقتصادية، مدعمة موقفها بالوثائق والارقام والمستندات، طالبا اليها ادراج ملف اعادة النازحين الى المناطق التي أصبحت آمنة في سوريا، حتى قبل البدء بالحل السياسي.
فهل تتفق مكوّناتها على آلية للبدء بإعادة هؤلاء الى أرضهم؟ أم يصر البعض على استغلال القضية لتحقيق أغراض سياسية، فيدفع الامن والاقتصاد والبنى التحتية ثمنَ المناكفات والكيديات؟
الايام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بتظهير الصورة على هذه الضفة.