IMLebanon

هل انكسرت «الجرّة» بين المستقبل والقوات؟

 

يظهر جليّاً أن الجرّة قد انكسرت ما بين تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، بحسب مصادر سياسية مراقبة لتطوّر الخلاف الذي بدأ منذ مدة طويلة، ولم تنفع كل المعالجات التي قام بها الطرفان في تذليلها. وتعزو المصادر المراقبة هذا التطوّر السلبي في العلاقة ما بين معراب وبيت الوسط إلى مجموعة أحداث واعتبارات ومحطات سُجّلت في الأيام والأسابيع الماضية، ودلّت كلها على هذا المنحى التصاعدي في الخلاف، والذي يظهر بين الحين والآخر، اذ ان تحفظ نواب القوات وعدم تصويتها على موازنة العام الحالي في مجلس النواب قد شكل سبباً لتفاقم الخلاف، بعدها اعتبر رئىس الحكومة ان القوات وافقت على الموازنة في مجلس الوزراء ثم عارضتها في مجلس النواب.

 

وفي مقدم هذه الإعتبارات، أشارت المصادر إلى التباين في مقاربة الشغور الرئاسي منذ ثلاث سنوات، عندما سمّى الرئيس سعد الحريري رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وردّ عليه جعجع من خلال تأييده لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فكان الردّ على الردّ بالتسوية القائمة على معادلة (نادر ـ جبران)، التي فتحت الطريق أمام تسوية ما بين الرئيس سعد الحريري و«التيار الوطني الحر»، والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.

 

ولاحظت المصادر المراقبة ذاتها، أن التطوّر الجديد في هذا المجال، قد برز من خلال انتقاد رئيس الحكومة لـ«القوات»، وقوله «هنّي بيعرفوا شو عاملين»، وذلك في اشارة واضحة الى العتب لدى الرئىس الحريري على موقف القوات السابق خلال احتجازه في المملكة العربية السعودية، وهو ما زاد منسوب التوتّر في العلاقة بين الطرفين، وما زالت الغيوم تتلبّد على خط معراب ـ بيت الوسط، على الرغم من دخول بعض الوسطاء في عملية رأب الصدع، وأبرزهم السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، والذي يحرص على ترميم الجسور ما بين الحريري وقوى من 14 آذار قريبة من المملكة العربية السعودية، وقد أدّى ابتعاد الحريري عنهم إلى استياء لدى الرياض.

 

وفي الوقت الذي تشتعل فيه مواقع التواصل الإجتماعي بالحملات في أوساط بعض المحازبين لـ«القوات» ولـ«المستقبل»، رأت المصادر أن الإشكال العقاري ما بين بشرّي والضنّية قد صبّ الزيت على نار الخلاف، وأحبط كل الوساطات الجارية من أجل ترطيب الأجواء و«ضبضبتها»، حيث لوحظ أن النائبة ستريدا جعجع قد بادرت، وانطلاقاً من حرص «القوات» على الحؤول دون اندلاع أي فتنة ما بين بشرّي والضنّية على خلفية ما يجري في القرنة السوداء، إلى زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وناشدته التدخّل بعدما وضعته في صورة النزاع الدائر.

 

وفي هذا المجال، كشفت المصادر نفسها، أن الرئيس بري قد تدخل وأجرى اتصالات بالمعنيين، ومن ضمنهم النائب فيصل كرامي، وهو ما يدلّ على أن «القوات» لم تتّجه إلى رئيس الحكومة لحلّ هذا الإشكال، على الرغم من أنه معني بشكل مباشر فيه، كونه زعيم السنّة في لبنان، وبالتالي، فإن ما حصل يصبّ في خانة تعميق الخلاف بين «القوات» و«المستقبل»، لا سيما في ضوء مواقف سجلها حول هذا الموضوع نواب في «التيار الأزرق» اعتبروا أن لأهل الضنّية الحق في ما يطالبون به، وخصوصاً أنه لم يصدر أي بيان يدعو إلى التهدئة من قبل تيار «المستقبل».

 

وفي الإطار نفسه، تحدّثت معلومات، أن الوزير الأسبق أشرف ريفي قد زار بيت الوسط وعرض مع رئيس الحكومة أزمة القرنة السوداء، وشدّد على ضرورة معالجتها، وعدم إتاحة الفرصة أمام المصطادين في المياه العكرة من أجل ضرب العلاقات «القواتية» ـ «المستقبلية»، حتى أنه ذهب إلى حدّ تسمية أطراف سياسية تقوم بتأجيج الصراع بين المنطقتين، ما يؤشّر إلى استمرار عملية الوساطة التي يقودها اللواء ريفي حالياً من أجل لملمة هذا الملف البالغ الحساسية، وتحسين الأجواء على خط قيادتي الطرفين، مع العلم أن ما سُجّل على هامش نقاش الموازنة العامة، يحمل مؤشّرات واضحة حول طبيعة العلاقة في المرحلة المقبلة، والتي ستكون مختلفة عن سابقاتها، وخصوصاً أن «القوات» تؤكد أنها ستبقى الصوت المعارض داخل الحكومة.