IMLebanon

هل جاء دور تركيا؟  

 

ماذا يحدث بين أميركا وتركيا، عقوبات وتهديدات متبادلة وضرب لاستقرار الليرة التركية، حيث سجّل الدولار الأميركي ارتفاعاً جديداً مقابل الليرة التركيّة، جنونٌ ما يجتاح العالم، الدول التي تتكل على قوميّتها وشدّ عصب الشعوب بالنعرة العنصريّة، ما يحدث لا يُبشّر بخير أبداً، لا فرق بين «دمويّة» الحجاج بن يوسف الثقفي وبشّار الأسد والخامنئي، وما نراه من حكّام مجانين الذين نعيش أيامهم بمرارة، هذا زمن الشرّ الكثير، روى البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الزبير، عن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحَجَّاج، فقال: «اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم» سمعت هذا من نبيّكم صلى الله عليه وسلم [باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه. حديث رقم 7068. والحجاج هو: الحجاج بن يوسف الثقفي.رواه البخاري 92- كتاب الفتن].

 

بعض الدول تسارع في خراب نفسها، وللمفارقة أنّ المفسّر القرطبي نقل في التذكرة، راوياً من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ويبدأ الخَرابُ في أطْراف الأرض حتى تَخْرِبَ مصرُ، ومصر آمنةٌ من الخراب حتى تخربَ البصرة، وخراب البصرة من الغرق، وخراب مصر من جفاف النيل، وخراب مكة وخراب المدينة من الجوع، وخراب اليمن من الجرَاد، وخراب الأبلَّةِ (الأبلة بضم الهمزة والباء وتشديد اللام مكان في البصرة كان معتبرا أحد جنان الدنيا) من الحصارِ، وخرَاب فارِسَ من الصَّعاليكِ، وخراب التركِ من الدَّيْلَم، وخراب الديلم من الأرْمَن، وخراب الأرمن من الخَزرِ، وخرابُ الخزر منَ التُرْكِ، وخراب الترك من الصَّواعِق، وخراب السند من الهِنْدِ، وخراب الهند من الصين، وخراب الصين من الرُّمُل، وخراب الحبشةِ من الرجفة، وخراب الزَوراءِ (مكان بالمدينة قرب المسجد) من السُّفْياني، وخراب الروحاءِ ( مكان بين الحرمين على بعد ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة) من الخَسْفِ وخراب العراق من القتل».

الفتن «تعجّ» و»توجّ» في المنطقة، ومصيرها لا يزال معلّقاً بين أقدام الصراعات الدائرة هنا وهناك، ولا شيء واضحاً حتى اليوم في الأفق سوى قتلٌ يتلوه قتلٌ يتلوه قتل، وحال الدول العربيّة وتشاتمها وتقاتلها عبر المحطات والقنوات التلفزيونيّة والمواقع الألكترونية والصحف والفضائيات، يؤمن ويسلّم تسليماً بالحقّ الذي جاءنا عن رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إِنَّه سَتَكُون فِتْنَةٌ وسَتُصِيبُ العَرَبَ قَتْلاَهَا في النَّارِ وقْعُ اللسان فيها أَشدُّ مِنْ وَقْع السَّيْفِ»[ رواه أحمد، وأبو داود، كتاب الفتن والملاحم]، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة أو ذكرت عنده فقال: «ورأيتم الناس قد مرَجَتْ عهودهم وخَفَّتْ أماناتُهُم وكانوا هكذا»وشبَّك بين أَصابعه، قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك جَعَلنِي اللَّهُ فدَاك? قال: «الزَمْ بَيْتَك وامْلِك عَلَيْكَ لسَانَك وخُذْ بما تَعْرِفُ وَدَعْ ما تُنكِر وعَليك بأمر خاصَّةِ نفسك وَدع عنك أمر العَامَّةِ»[ رواه أحمد].

نحن في زمن الشرّ ينخر فيه بدن العالم، الشرّ يأكل بعضه ويأكل معه النّاس، في خضم حروبٍ طاحنة تخاض، نتقلّب بين جمر الفتن مستجيرين منها، لم يبقَ مكانٌ في العالم لم يحلّ به الخراب، وعن زمن الفتن علّمنا رسول الله (صلوات الله عليه) ماذا فعل، قال:»يا أَبا ذر، أرأيت إِن قَتَلَ الناسُ بَعضُهم بعْضاً يعني حتى تَغْرِقَ حجارهُ الْبَيْتِ من الدماءِ كيف تصنع؟» قال: الله ورسوله أعلم. قال: «اقْعُدْ في بَيْتِكَ وأغلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ». قال: فإِن لم أتْرَكْ أفأخُذُ سِلاَحي؟ قال: «إِذاً تُشَاركُهُم فيما هم فِيه، ولكن إِن خشيت أن يُرَوّعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فالْق طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ كَيْ يَبْوءُ بإثمه وإِثمك»[هكذا رواه الإِمام أحمد، وقد رواه أبو داود عن مسدد وابن ماجة].

نسأل الله النجاة لنا وللبنان وشعبه وللمنطقة والبلاد لمّا يزل الأمن فيها، كفاها الله شرّ الجنون والديكتاتورات والخراب والفتن التي توشك أن تعصف بها.