Site icon IMLebanon

السيّد نصرالله حَسَمها بأن لا اتفاق حدودي قبل وقف الحرب في غزّة وفي الجنوب 

 

 

حاول كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين خلال جولاته الأخيرة على لبنان والمنطقة، الإيحاء بأنّ “الاتفاق على ترسيم الحدود البريّة بين لبنان و”إسرائيل” بات منجزاً أو شبه منجز”. في الوقت الذي غادر خلال زيارته الى “تلّ أبيب” في حزيران الفائت، الى واشنطن دون العودة الى لبنان، على ما كان يُفترض، بهدف أن ينقل الى المسؤولين السياسيين موقف “الإسرائيليين” من مقترحه بشأن التهدئة على الحدود، وتحديدها بشكل نهائي. كذلك فإنّ نوّاباً لبنانيين من بين الذين زاروا واشنطن في الفترة السابقة، تحدّثوا عن أنّ الوسيط الأميركي أبلغهم أنّ ما يُقال في هذا السياق هو “مجرّد شائعة”، رغم أنّه صدر على لسانه في إحدى المقابلات وهو في بلاده…

 

وبين ما أعلنه هوكشتاين عن “الاتفاق المنجز”، وما أوحى به الى النوّاب اللبنانيين، حَسَم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله هذا الجدل خلال خطابه الأخير، إذ أعلن أنّ “كلّ ما يُشاع عن اتفاق جاهز للوضع عند الحدود الجنوبية غير صحيح”. وهي جملة مختصرة في الخطاب، على ما تقول أوساط ديبلوماسية، تُنهي الجدل القائم حول وجود اتفاق منجز أو غير منجز. ولم يتطرّق السيد نصرالله الى موضوع الترسيم البرّي للحدود بالتفاصيل، إنّما “للوضع” عند الحدود، ما يعني أنّ أي كلام في شأن الحدود البريّة لن يُستكمل قبل وقف إطلاق النار.

 

ولهذا، فإذا كان الوسيط الأميركي مهتمّاً بإنجاز هذا الاتفاق، على ما أضافت الاوساط ، عليه أن يطلب من بلاده الضغط على “الإسرائيلي” من أجل اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في غزّة، ووقف المواجهات العسكرية في جنوب لبنان، وإلّا فإنّ الوضع على الحدود بين التهدئة أو التصعيد، سوف يُرجأ الى العهد الأميركي الجديد. ويبدو أنّ المرشّح دونالد ترامب بدأ منذ الآن بتهديد حماس بضرورة إطلاق الرهائن ، قبل أن يُصبح مجدّداً رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. ما يعني أنّ عودة ترامب الى البيت الأبيض، في حال حصلت، لن تأتي لمصلحة المقاومة الإسلامية.

 

وأكّد السيّد نصرالله، على ما تابعت الأوساط نفسها، أنّ “الجهة التي تُفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية”، ولكن “في حال توقّف العدوان” أوّلأ، ما يعني أنّ شيئاً لن يحصل قبل وقف الحرب في غزّة وفي الجنوب، وقبل انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة. فهوكشتاين أجرى محادثات مع المسؤولين اللبنانيين ومع جميع الأفرقاء، وحتى مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بهدف ربط المسارات بعضها ببعض، كونه يعلم بأنّ إي اتفاق لا يمكن إنجازه من دون وجود رئيس للجمهورية… ولهذا سعى الى إقناع الجميع بضرورة انتخاب الرئيس، وعدم التصعيد جنوباً إفساحاً في المجال لكي يسلك اتفاق الحدود البريّة طريقه نحو التحقّق قبل مغادرة الرئيس الأميركي جو بايدن البيت الأبيض.

 

أمّا عدم موافقة لبنان على مقترح هوكشتاين، على ما كشفت الأوساط، فلا يتعلّق فقط برفض “الإسرائيليين” الانسحاب من 7 الى 10 كيلومترات عند الحدود الجنوبية، على غرار ما يطالبون من فرقة الرضوان التابعة لحزب الله، إنّما أيضاً لعدم مناقشة أو البتّ بمسألة انسحاب القوّات “الإسرائيلية” من الأراضي اللبنانية المحتلّة، وعدم الموافقة بالتالي على “وقف الطلعات الجويّة فوق لبنان”، أي خرق السيادة اللبنانية. فانسحابها من النقاط الـ 13 التي يتحفّظ عنها لبنان عند الخط الأزرق، سيما أنّ التوافق قد حصل على 7 منها ويبقى منها 6 نقاط، لا يُعتبر انسحاباً وخصوصاً أنّ هذا الخط ليس خط الحدود اللبنانية. وكان على القوّات “الإسرائيلية” عدم البقاء فيها بعد رسم الخط الأزرق في 7 تمّوز 2000، الأمر الذي أعاد القرار 1701 التأكيد عليه، ولم تلتزم بأي من بنوده.

 

وذكرت الأوساط عينها بأنّه في ما يتعلّق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يعتبرها الأميركيون و “الإسرائيليون” سورية، لهذا طالب هوكشتاين بمناقشة وضعها في مرحلة لاحقة، فلا حاجة الى التفاوض بشأنها. فكلّ التقارير والوثائق والخرائط القديمة والمستحدثة، والاتفاقيات الدولية تؤكّد على “لبنانية المزارع”. وهذا يجعل الأمر غير قابل لأي من المساومات بين لبنان و “إسرائيل” بوساطة أميركية. ولعلّه عنصر إضافي يجعل “الاتفاق على الحدود البريّة غير جاهز حتى الآن”. علماً بأنّ البعض يتحدّث عن أنّ عدم البتّ بمسألة المزارع يصبّ في مصلحة حزب الله، الذي يتخذها ذريعة للإبقاء على منظومته العسكرية ليدافع بها عن السيادة اللبنانية. غير أنّ للحزب كلاما آخر في هذا الإطار، إذ سبق وأن تحدّث عن جهوزيته لوضع موضوع “الاستراتيجية الدفاعية” على طاولة الحوار، عندما تكون الظروف سانحة.