روى حسن نصر الله، الأمين العام لـ(حزب الله) اللبناني، فرضية لو أن ملك الموت أتى إليه وخيَّره: إما أن يقبض روحه هو، أو روح اللواء الإيراني قاسم سليماني، فسيرد عليه قائلاً وهو يبكي: لا دخيلك خذ روحي أنا، واترك سليماني. ويا ليته سمع كلامه.
في حين أنه عندما كان يتحدث عن الانفجار المهول في المرفأ الذي قتل فيه مئات المواطنين، وجرح الآلاف، وتهدم أو تضرر ما لا يقل عن ربع المباني في بيروت، كان يتحدث عن ذلك وهو يضحك، كأن شيئاً لم يكن؛ بل كأن هذا البلد ليس بلده.
أين هو من (عبد العزيز خوجة) السفير السعودي السابق لدى لبنان الذي عرفه وأحبه وكأنه بلده، لهذا صاغ هذه الأبيات التي تقطر ألماً على ما أصاب بيروت، والتي جاء فيها:
وبحـثتُ عن بـيـروتَ ما بـينَ التَّوَلُّهِ والـرُّكامْ
وسـمعتُ أنَّـاتٍ تُـنادي لـهفتي تـحتَ الـحُطامْ
ورأيـتُها غـضبانةً نَـظـرتْ ولــمْ تُـلْـقِ الـسَّـلامْ
قالت أتـبحثُ عـن غــرامٍ ويـلَـهُ ضـاعَ الـغرامْ
ضـاع الـذي قـد كـان فـي دنياكَ حُلْماً لا يُضامْ
ضـاع الـذي قـد كـان يَـسقيكَ الـمَودَّة والـهُيامْ
بـيـروتُ قـد سُـرقَـتْ وباعـوها لِأحـلامِ الـلـئامْ
أما نصر الله، فلا همَّ له إلا أن يتغنى بولي نعمته (خامنئي)، وها هو يقول عنه من دون أن يرف في عينه رمش: هذا إمامنا، وهذا قائدنا، ووالله يا سيدنا لو نُقتل جميعاً ثم نُقتل ثم نُحرق ثم نُنشر في الهواء، ثم نحيا ثم يُفعل بنا ذلك ألف مرة ما تركناك، دام ظلك يا ابن الحسين (!!).
مسكين لبنان؛ فما إن تخلَّص بشق الأنفس من احتلال سوريا له، حتى جثمت عليه إيران بكل ثقلها وخرافاتها وجهلها ومطامعها، وجعلته كالعصف المأكول، وكأن فيروز ما غنت فيه المواويل يوماً.
وما إن دوَّى ذلك الانفجار شبه النووي، حتى أفاق الشعب اللبناني بطريقة مختلفة، وكأنه يقول للعالم: إن لبنان ما بعد الانفجار ليس هو ما قبله، ولن يعود للوراء مهما كان. لهذا اكتسحت المظاهرات الشوارع، وعلقوا المشانق الرمزية، لأشباه نصر الله وزمرته من عملاء إيران، واستقال بعض الوزراء والنواب – والحبل على الجرار – فإما أن يكون لبنان أو لا يكون، فقد بلغ السيل الزبى.
وجاءت التطورات الأخيرة عن الدعوة لانعقاد مؤتمر دولي عن بعد لإغاثة لبنان، استضافه الرئيس الفرنسي (ماكرون)، ويشارك فيه الرئيس الأميركي (ترمب) تحت مظلة الأمم المتحدة، وتشارك فيه أيضاً جامعة الدول العربية – (فعلَّ وعسى).