فجأة وبدون أي انذار أو تمهيد أعلن وزير خارجية إيران أنّ لبنان مقاطعة إيرانية.
وأعلن أيضاً أنّ تدخّل وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان تدخّل سافر في شؤون المنطقة.
عندنا سؤال نريد ونتمنى أن يرد عليه أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله الذي ينفي بشكل يومي أن يكون القرار في «حزب الله» تابعاً لولاية الفقيه، وأنّ إيران ترسل الأموال والسلاح الى الحزب لتحرير لبنان من الإحتلال الاسرائيلي فقط، وهو الذي تحرّر بالفعل عام 2000، إثر إعلان إسرائيل انسحابها وبقيَ «مسمار جحا» أي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا.
وبالرغم من طلب إسرائيل من لبنان، أن يأتي الأخير بورقة من سوريا تقول إنّ هاتين المنطقتين تابعتان للبنان أو لسوريا ليُصار الى حل المعضلة.
نعود الى السيّد الذي يرد بأنّ إيران تريد مساعدة اللبنانيين، وأنه لا أطماع لها وأنّ دورها فقط لتحرير لبنان.
لو افترضنا ذلك، فإنّ هناك سؤالاً وهذا الكلام منذ عام 2000 أي منذ 21 سنة: لماذا لا تحلّ عنا إيران؟ ولماذا لا تتوقف عن مساعدة حزب لبنان ضد لبنان؟ ولماذا تساعد «حزب الله» كي يحل محل الدولة؟
الحقيقة ان فرنسا غير محظوظة باللاجئين الذين تؤمن لهم الحياة والعيش الكريم، وتنقذهم عندما يكون هناك خطر على حياتهم، كما حدث مع رجلين نعرفهما: الأول آية الله الخميني الذي أصبح المرشد الأعلى للدولة الاسلامية الايرانية.
ففرنسا حضنته يوم كان هارباً من بطش شاه إيران، كان يريد أن يحاسبه ويقتله، فأسكنته في باريس وأمّنت له قصراً وحراسة، والأهم انها أمنت له استنساخ الكاسيتات، بالخطابات الرنانة ضد الشاه، والدعوة الى ثورة ضده، وهذا طبعاً يعتبر تحريضاً ضد «دولة» وضد رئيسها.
على كل حال، طالما ان الاميركيين يريدون ذلك، وطالما عندهم مشروع لهذا الرجل، فأهلاً وسهلاً… وهذا ما حصل، فطائرة «آير فرانس» أخذت الضيف من باريس الى طهران، وصل الضيف وخلال أيام قامت الدنيا ولم تقعد، غادر الشاه الذي رفضت كل الدول أن تستقبله، بالرغم من أنه كان على فراش الموت ويعاني من السرطان، إلاّ الرئيس السادات الذي استقبله أفضل استقبال، وهيّأ له وسائل الراحة.
الرجل الثاني هو ميشال عون الذي هرب من قصر بعبدا، عندما بدأ الجيش اللبناني بقيادة اميل لحود والجيش السوري بتنفيذ قرار الحكومة اللبنانية إخلاء قصر بعبدا من حالة التمرّد التي كان ميشال عون يرتكبها، والذي أعلن أنه سيكون آخر عسكري يترك موقعه، ولكن في الحقيقة كان أوّل من هرب بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في منطقة مار تقلا، وطبعاً بعد مفاوضات مضنية نقل الى باريس حيث بقيَ فيها 15 عاماً وبعدها عاد الى لبنان بتسوية مع اميل اميل لحود وميشال سماحة وجميل السيّد، توّجها وزير العدل عدنان عضّوم، الذي أسقط جميع الدعوات ضدّه. والأنكى انه أعاد له رواتبه على «الميلين» كرئيس حكومة وكقائد جيش، حتى ان المبالغ وصلت الى الملايين.
جاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد انفجار مرفأ بيروت، واجتمع مع جميع الفرقاء والزعماء اللبنانيين، حتى انه اجتمع مع جماعة «حزب الله». واتفق على تشكيل حكومة مهمة إنقاذ وافق عليها الجميع. لكن «الحزب» ربط الموضوع بموضوع أن يكون وزير المالية من الطائفة الشيعية الكريمة، وكانت تضحية من الرئيس سعد الحريري أن يقبل ولمرة واحدة الطلب، إنقاذاً لتشكيل الحكومة.
وبالرغم من كل الوعود، كنا نعلم علم اليقين أنّ إيران تربط تشكيل الحكومة بمفاوضاتها مع أميركا علّها تستطيع أن تحصل على جزء أكبر من مطالبها مع الاميركيين.
في النهاية كل ما يقوله المسؤولون في إيران، أو في «حزب الله»، كلام غير صحيح لأنّ مشروع إيران الحقيقي هو ما يكرّره آية الله، اننا نسيطر على أربع عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
ولكن بالرغم من كل هذه الأقوال والإدعاءات، فإنّ هذا المشروع بدأ بالتقهقر، وذلك للأسباب التالية:
1- ان العراق ومهما فعلت إيران وحاولت أن تغيّر فيه سيبقى عراقياً عربياً وموضوع الوطن العراقي بالنسبة له أهم من موضوع الدّين، ومع قليل من الوقت ستكتشف إيران ان كل الأموال التي سرقتها من العراق والتي دفعتها إليه ستذهب سدى.
2- أما سوريا فهي أيضاً ومن دون الدخول في التفاصيل، لأنّ لنا عودة إليها، ستبقى عربية.
3- أما اليمن فلا أحد يستطيع أن يحكمه.
يبقى لبنان، فهو أصعب من أن يُحْكَم، وهو عصي على كل القوى. وليتذكر الايرانيون كيف خرج الجيش السوري بعد 25 سنة وبأي طريقة. كذلك فإننا نقول إنّ لبنان سيبقى لبنانياً عربياً وللبنانيين فقط.