حل نائب رئيس الحكومة الوزير غسان حاصباني ضيفا على مدينة طرابلس بقياداتها السياسية والروحية وهو الوزير الممثل للقوات اللبنانية في الحكومة الحريرية.
قيل الكثير قبل الزيارة ورفعت شعارات «لا للقوات اللبنانية في مدينة الرشيد»، بل سبق ان قال الوزير فيصل كرامي ان زيارة الوزير القواتي لا مشكلة عليها في حال كانت بصفته وزيرا للصحة، واذا كانت في اطار سياسي حزبي فأمر اخر بل ان المشكلة ليست مع عناصر القوات وانما مع قائدهم الذي لا يزال بنظر آل كرامي وشرائح واسعة من الطرابلسيين موضع اتهام، حيث لا يزال شعار «لم نسامح ولن ننسى» مرفوعا في مدينة الرشيد.
ما هي خلفيات جولة وزير الصحة في مدينة طرابلس؟
فيما هو معلن انها جولة تستهدف تفقد المستشفيات والمؤسسات الصحية الحكومية والاطلاع على الواقع الصحي في المدينة، وهي بذلك في سياق السياسة الصحية التي يتبعها الوزير الحاصباني وقد حرص خلال جولته على ان يحصر تصريحاته في هذا الاطار كونه المعني مباشرة بقضايا الصحة في المدينة وقد سمع من فاعلياتها الطبية والسياسية والروحية كلاما فيه الكثير من المعاناة التي تلامس شؤون وشجون المواطنين ومشاكلهم مع قضايا الصحة والاستشفاء.
غير ان اللافت في زيارته لقيادات سياسية وروحية انها اعتبرت امر بديهي طالما الزيارة مخصصة لمدينة طرابلس وقد خرج من اللقاء مع الرئيس نجيب ميقاتي دون الادلاء باي تصريح سياسي لا من قبل ميقاتي ولا من قبل حاصباني حيث وضع اللقاء في اطار الاطلاع على اوضاع المدينة وضمن اللياقات الادبية هذا في الشكل. اما في المضمون فان الزائر هو وزير ينتمي الى القوات اللبنانية ويمثل سياستها في الحكومة وان كانت الزيارة مدرجة ضمن السياسة الصحية الا انها في الخلفية لها اهداف سياسية غير معلنة وقد تأتي نتائجها لاحقا.
وهنا يمكن تسجيل عدة ملاحظات:
– اولا، ان حاصباني يزور مدينة طرابلس تحت لواء وزارة الصحة وفي الوقت عينه لكسر الجليد المتراكم بين الطرابلسيين والقوات اللبنانية وهي خطوة باتجاه تطبيع العلاقات مع المدينة، من خلال لقاءات عقدها مع من يتحالف معهم الوزير كرامي ومقربين منهم.
– ثانيا، في المدينة مقعد ماروني واخر ارثوذكسي وعين القوات على احد المقعدين ضمن تفاهم معراب، والمرشحين المحتملين لاحد المقعدين رافقا حاصباني في الجولة وهما ايلي خوري مستشار جعجع لشؤون الخارجية وجان دميان رئيس مصلحة الطلاب في القوات فاذا لم يجد احدهما مكانا على المقعد الارثوذكسي فالخيار سيكون المقعد الماروني وفي كافة الاحوال لن يستطيع ايا منهما الدخول الى اي لائحة في طرابلس الا ضمن تفاهم سياسي مع تيار المستقبل ومن يتحالف معهم. فالناخب المسيحي لا يتعدى الخمسمائة صوت ماروني والفي صوت للروم ارثوذكسي.
فهل تشابك يد الحريري بيد جعجع في احتفال البيال يترجم في طرابلس؟
– ثالثا، ان زيارة حاصباني اتت بعد جولة وزير الاقتصاد رائد الخوري المنتمي الى التيار الوطني الحر الذي سبقه في جولة طرابلسية وهنا تعتبر الاوساط ان تنافسا بين قطبي التفاهم يجري على الساحة الطرابلسية لكسب ود القيادات السنية في المدينة.
– رابعا، تأتي زيارة حاصباني اثر افتتاح مكتب للقوات في مدينة الميناء ولعل هذه الزيارة تؤمن الغطاء السياسي للمكتب. ومحاولة «لتبليع» الطرابلسيين فكرة افتتاح المكتب دون مراعاة خاطر آل كرامي والطرابلسيين الرافضين لافتتاح هذا المكتب ، حيث يرى مصدر ان افتتاح المكتب هو استفزاز لمشاعر العديد من الطرابلسيين.
– خامسا، وكان لافتا ان الزيارة لم تشمل وزير العمل محمد كبارة زميله في الحكومة اضافة الى ان الجولة لم تشمل الوزير السابق اشرف ريفي حرصا على علاقة القوات بالرئيس الحريري ومنعا لاستفزازه.