تشريع وضريبة على زراعة الحشيشة ستنقذ لبنان من الانهيار المالي، هل سمعتم بـ»حرب الأفيون»؟ قديماً قامت بعض الحكومات بفرض ضرائب على زراعة الحشيش كالتي كان يفرضها بعض ولاة الدولة العثمانية أو زراعة وتصنيع الأفيون كما كانت تفعل الشركة الشرقية التابعة للتاج البريطاني في الصين والهند من نشر زراعة وتصنيع الأفيون، حتى تعيد الأموال التي ربحتها الصين من التجارة مع التاج البريطاني، حتى ثار عليها الشعب الصيني، ووقعت حرب الأفيون الشهيرة.
عاد الحديث عن تشريع زراعة الحشيشة وأهميته في إنقاذ الاقتصاد اللبناني، في الحد الأدنى يقال إنّ هذه الزراعة ستوفّر 6 مليار دولار سنوياً للخزينة، شرّعوها، وبدل أن يُرى اللبنانيّون يسيرون في شوارع البلد يحدثّون أنفسهم، سنراهم فرحين «مزهزهين»، صحيح أن تشريع الحشيشة يجب أن يسبقه بسط الدولة لسلطتها على كامل الأراضي اللبنانيّة، ولكن من المفيد طرح السؤال هنا: أليست زراعة الحشيشة «عريقة» في لبنان، ولطالما شكّلت له «مداخيل غير منظورة»، ليس بالضرورة أن يحدث تشريع الحشيشة «فلتاناً» متوهماً، بالإمكان تشريع زراعتها وتصدير إنتاجها إلى دولة كثيرة تحسن استخدامها، فالدولة منذ قيامها لم تدعم يوماً تطوير القطاع الزراعي فليفتح الباب لفقراء المزارعين بتخصيص جزء من الأرض لزراعة الحشيشة مقابل تخصيص جزء من أرباحهم لتطوير القطاع الزراعي والثروة الحيوانية على سبيل المثال.
في مواجهة كل التحذيرات التي تقرع رؤوس اللبنانيين يومياً وفي الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لقرارات تقشف صارمة، من المفيد أن تطلب الحكومة مشورة دول الاتحاد الأوروبي والاستعانة بهم في موضوع تشريع الحشيشة مقابل ضمانات بشراء محاصيلها لصالح صناعة الأدوية والتراكيب الطبية الأوروبيّة المتطورة على أن يستفيد لبنان من حصته من استيراد بكلفة رمزية لهذه الأدوية، أو دعم أوروبي لصناعة الأدوية في لبنان وهذا أمر سيفتح أبواب سوق عمل وتشغيل اختصاصات متعددة، لا ينقص لبنان شيء ليقتحم مجال صناعات الدواء بمعايير عالمية، نحتاج فقط إلى عقول لبنانيّة تجيد التخطيط، ومسؤولين «عينن شبعانة» وأكفهم نزيهة مكفوفة عن المال الحرام والسرقة!
للحشيشة تاريخ في المنطقة، وقبل لبنان بكثير، و»شيش» العبرية هي حشيش وتعني الفرح، وقد وردت أقدم وأول إشارة إليها في لوحة صغيرة من الطمي الأبيض عثر عليها في جنوب غرب مدينة بغداد في منطقة كانت تعد المركز الروحي للسومريين، وقد استنتج الباحثون أن السومريين وارثي الحضارة السومرية وأصحاب الإمبراطورية الشاسعة الأرجاء قد نشروا معرفتهم بالخشخاش في الأزمان البعيدة لليونان القديم، كما استخدم هذا النبات في الطقوس الدينية وفي زمن لاحق استخدم في العلاج، وقديماً عرف الصينيون الصفات المنعشة للنبات أنثى القنب في الألف الثالث قبل الميلاد، وقد وصف العقار المخدر في (الأقرباذيانية الصينية)، وهذا الاستخدام للعلاج انتقل من الصين إلى مصر والهند واليونان وأفريقيا والعالم العربي، وشغف الفرنسيون بالحشيش الذي أحضره الجنود والعلماء العائدون من حملة نابليون بونابرت على مصر.
المشكلة في لبنان ليست في سنّ القوانين بل في تطبيقها، عجّلوا بتشريع زراعة الحشيشة ولكن حذارِ من تواطؤ السماسرة والسياسيين في تكريس انتشارها كما نشروا الكسارات ومقالعها في لبنان ودمّروا البيئة والطبيعة، العيب في بلادنا ليس في التشريع والقوانين بل في مطبّقيها.